الساعة تشير الى العاشرة ليلا , أناس كثر في المطار ينتظرون موعد إقلاع طائرة لندن ... رامز و احمد مع سلمى التي تجلس على كرسي متنقل.. و ناديا تنتقل من مكان لآخر, بخطوات سريعة و يداها خلف ظهرها ..
-أحمد: اهدئي و اجلسي يا ناديا .. سنقلع بعد نصف ساعة
نظرت الى سلمى التي انهكها التعب .. فصارت شاحبة الوجه هزيلة .. اقتربت منها .. انحنت و ثنت رجليها, فصار رأسها عند ركبتي خالتها. امسكت بيديها الهزيلنين و قبلتهما . و بصوت رقيق قالت : أعدك أننا لن نعود هنا إلا و أنت أحسن بكثير مما كنت عليه
ابتسمت سلمى و لم تقل شيئا .. ارهق المرض كلماتها فلم تعد تقدر سوى على التبسم
بعد لحظات سمعوا نداءا يعلنهم عن موعد الإقلاع. .حلقوا بين الغيوم الرمادية التي لبدت السماء .. لم يضع العم أحمد المصحف من بين يديه .. كانه يحاول طرد الارواح الشريرة التي أصابت زوجته ...و رامز يحدق بناديا التي لم تترك يد سلمى للحظة .. بعد ساعات طويلة
جثمت الطائرة على ارض مطار لندن .. انطلق كل مسافر نحو وجهته .. اما ناديا و من معها فهرولوا نحو المستشفى .. حالة سلمى ازدادت سوءا , بمجرد وصولهم ادخل الاطباء المريضة لمصحة الاستعجالات.. و بعد لحظات اخرجوها نحو غرفة العمليات, القلق باد على وجه الجميع , جلسوا مكتوفي الأيدي, ينتظرون اقبال أحد يبشرهم .. خرجت بعد لحظات طبيبة من الغرفة .. اقبلت نحوها ناديا مسرعة
-مرحبا دكتورة , كيف حال المريضة ؟؟
-لا استطيع اخباركم بشيء قبل انتهاء العملية
-متى ستنتهي ؟؟
-قد تستغرق ساعة او ساعتين على الأقل
-حسنا , شكرا
مرت الدقائق ببطئ.. أحمد يحوم في المكان , ناديا تجلس و تترجى دموعها كي لا تذرف على خديها .. يجلس امامها رامز , و بينما الجميع سارحين كل في عالمه, بلغ مسمع ناديا صوت شخص يناديها
"ناديا".. التفتت لتجدها طبيبة تناديها,استغربت الأمر... لكنها لم تبدُ غريبة عنها .. نظرت اليها مطولا دون ان تتلفظ بحرف
-ألم تعرفيني ؟؟
-لا أصدق !! كاترين ؟؟
-نعم .. كاترين
ارتمت عليها و احتضنتها بقوة قائلة : لم اتوقع لقاءك مجددا !!
-أنا أيضا. . كيف حالك ؟؟ كيف أتيت إلى هنا
-أتيت من أجل خالتي .. هي الآن في الداخل تجري عملية
-بالفعل أمر محزن.. شفاها الله بإذنه
-آمين, اخبريني عنك كيف حالك ؟؟
-بألف خير .. اصبحت أما لطفلين
-رائع .. حفظهما الله
-ماذا عن سيلين !! كيف حالها , اشتقت لها
-هي بخير .. ستصير أما بعد اشهر هي الاخرى
-رائع .. تغيرت أمور كثيرة , ماذا عنك !! هل تزوجت !!
ابتسمت ناديا بوجه كاترين .. لترى بعد قليل اطباء يخرجون من الغرفة , هرولت مسرعة و سألت احدهم : كيف جرت العملية !!!
التفت اليها , حدق بها مطولا ثم قال : تمت بنجاح ..
امتلأت مقلتي ناديا بالدموع .. و اجحشت بالبكاء .. شعرت كأنها نجت من الهاوية بعد أن كانت على شفى حفرة من نار , اقبل رامز نحوها , وضع يده على كتفها و قال : لا تبكي .. لابد ان تفرحي لخالتك
نظرت اليه مبتسمة , مسحت دموعها ثم التفتت الى كاترين و احتضنتها بقوة .. مسحت على كتفيها بحنية محاولة التخفيف عنها .. لما البكاء ؟؟ العملية تمت بنجاح , ستصبح خالتك أحسن بكثير
-الحمد لله
و بينما هي متكأة على كتف صديقتها , لمحت مالم تتوقع رؤيته, انتفضت و ابتعدت عنها .. و حدقت من بعيد بعينين واسعتين من الدهشة , لم تقدر على استيعاب ما تراه .. لوهلة حسبت نفسها تتخيل .. ربما قلة النوم جعلت منها ترى سرابا و خيالا .. إنه حاتم ... لقد رأته يمر أمام عينيها , لاحقته بنظراتها لتلمحه متجها نحو إحدى الغرف لاتبعد عن غرفة العمليات .. دون ان تتلفظ بكلمة اتجهت نحو ذلك الباب الذي اختفى خلفه , جلست هناك تنتظر عودته , لحقتها كاترين ... جلست أمامها و قالت : مابك ؟؟ لما أتيت إلى هنا ؟؟
التفتت اليها و الدهشة بادية على ملامحها , و بصوت لا يكاد يسمع قالت : لقد رأيت. ..
لم تكمل حديثها لتجد الباب فتح , نفس الشخص خرج من نفس المكان .. حدقت به مطولا .. هو الآخر نظر إليها لوهلة ثم غادر غير معيرا إياها أي اهتمام .. لم تصدق ما يحدث معها , اتبعت خطواته بعينيها ,وأسئلة عديدة تراودها هل هو بالفعل حاتم !! أم أنه واحد من أشباهه الأربعين! !
أنت تقرأ
بين أمس و غد
Romance"بين امس و غد" رواية من وحي الخيال , تحكي عن صراع فتاة لقت من تقلبات الحياة المريرة ما يبكي الحجر , و لكنها لم تيأس و لم تستسلم .. بل ظلت تستقبل الأيام ببسمة أمل و تفاؤل رغم كل الصعاب