مع بزوغ الصباح، استيقظ أحمد بعد ليلة مضطربة. نومه كان متقطعاً، والأفكار التي أثقلته في الليلة الماضية لم تتركه يستريح. شعر بإرهاق نفسي وجسدي، لكنه كان مضطراً لمواجهة يوم جديد. ارتدى ملابسه على عجل، وقرر التوجه إلى المقهى الذي اعتاد لقاء أصدقائه فيه.
عند وصوله، وجدهم جالسين حول طاولة مستديرة، يتبادلون الأحاديث والضحكات. الجو كان مرحاً بالنسبة لهم، ولم يكن أحد منهم على علم بما حدث معه في الليلة السابقة. جلس بينهم بصمت، وطلب فنجان قهوة. كان عقله شاردًا، غارقاً في أفكاره، حتى أنه لم يلاحظ وصول القهوة إلى الطاولة.
"أحمد! هل أنت بخير؟ تبدو شاحباً اليوم." جاء السؤال من مصطفى، صديقه المقرب، الذي لاحظ توتره.
أحمد حاول الابتسام ليخفي اضطرابه، ورد قائلاً: "لا شيء، فقط لم أنم جيداً الليلة الماضية."
لم يكن يرغب في الخوض في تفاصيل ما حدث. كان الأمر غريباً جداً، حتى بالنسبة له، فكيف سيشرحه لأصدقائه؟ لكنه كان يعلم في داخله أنه لا يستطيع تجاهل ما حدث طويلاً. عليه أن يكتشف هوية المتصل والسبب وراء تلك الرموز الغامضة.
ظل أحمد صامتاً معظم الوقت، بينما انشغل أصدقاؤه في أحاديثهم المعتادة. كان عقله يعيد تكرار أحداث الليلة الماضية، خاصة تلك الضحكة المرعبة التي تردد صداها في ذهنه. حاول المشاركة في الحديث، لكن أفكاره كانت مشوشة ومشتتة.
بعد قضاء بعض الوقت في المقهى، اقترح الأصدقاء الذهاب إلى مطعم لتناول الغداء. جلسوا في ركن هادئ، لكن أحمد لم يستطع التخلص من الشعور الغريب الذي كان يلازمه، وكأن هناك من يراقبه من بعيد. حاول تجاهل الأمر، لكنه لم يكن قادراً على صرفه تماماً.
أثناء تناول الغداء، التفت مصطفى نحو أحمد وسأله مجدداً: "هل حدث شيء ما الليلة الماضية؟ تبدو مختلفاً تماماً اليوم."
نظر أحمد إلى مصطفى، ثم قرر التحدث. "تلقيت مكالمة غريبة... لا أعرف كيف أصفها، لكنها كانت مرعبة. لم يظهر رقم أو اسم على الشاشة، فقط رموز غريبة. وعندما أجبت، سمعت أنفاساً ثقيلة وضحكة مرعبة."
تفاجأ الأصدقاء بما قاله أحمد، وتراكمت أسئلتهم، لكن مصطفى كان الأكثر قلقاً. بدا له أن ما حدث مع أحمد ليس مجرد مقلب عابر، بل ربما يخفي وراءه شيئاً أكثر خطورة.