وصل أحمد إلى منزل الشيخ عمران بعد أن استقل سيارة إلى أطراف القرية. كان المنزل قديماً وبسيطاً، محاطاً بالأشجار والنباتات المتشابكة. طرق الباب ببطء، وسمع صوت خطوات ثقيلة تقترب من الباب.
فتح الباب شيخ مسن، ذو لحية بيضاء طويلة وعيون غارقة في الغموض. "من أنت؟ وماذا تريد؟" سأل بصوت جاف.
أخبره أحمد بقصته، بما في ذلك المكالمة الغريبة وتوصية خديجة بلقائه. استمع الشيخ بصمت، دون إظهار أي تعبير على وجهه، ثم قال: "ادخل."
دخل أحمد المنزل الصغير. كانت الغرفة مليئة بالكتب القديمة وأدوات غريبة، بعضها لا يمكن لأحمد أن يفهم استخدامه. جلس الشيخ أمامه وقال: "ما حدث لك ليس صدفة. أنت على اتصال بعالم آخر، وربما شيء من ماضيك أو ماضي عائلتك أعاد هذا الاتصال."
"لكنني لا أفهم، لماذا الآن؟ ولماذا هذه الرموز والضحكة؟" سأل أحمد بقلق.
أغمض الشيخ عينيه لوهلة ثم قال: "الرموز ليست مجرد رموز. إنها رسائل. والضحكة ليست تهديداً، بل تحذير. قد تكون قد فتحت باباً لم يكن يجب فتحه."
"ماذا تعني بفتح باب؟" سأل أحمد وهو يشعر بأن الأمور تزداد غموضاً.
"قد يكون هناك شيء في ماضيك أو في تاريخ عائلتك لم يتم حله. قد تكون هذه الكيانات تشعر بأن الوقت قد حان لتصحيح الأمور. في بعض الأحيان، تلك العوالم تحتاج إلى توازن، وإذا اختل، فإنها تحاول استعادته بأي طريقة ممكنة."
أحمد شعر بأنه بدأ يفهم الصورة الكبيرة، ولكن هناك الكثير مما لم يُكشف بعد.
أخذ الشيخ نفساً عميقاً ثم تابع: "الباب الذي فتحته ليس باباً مادياً. إنه باب للطاقة، لعالم غير مرئي. شيء في حياتك، شيء صغير ربما، كان المفتاح لإيقاظ هذه الكيانات. قد تكون غلطة بسيطة، أو ربما حدث غير مقصود في حياتك."
أحمد شعر بثقل في صدره. "لكن كيف يمكنني إغلاق هذا الباب؟ وكيف يمكنني التخلص من تلك الكيانات؟"
ابتسم الشيخ عمران ابتسامة باهتة وقال: "لا يمكنك إغلاق الباب بهذه السهولة. هذه الأمور لا تُحل بالإرادة وحدها. هناك طقوس قديمة يجب اتباعها، وفهم أعمق للكيان الذي يتعامل معك. لكن، قبل أن تبدأ بأي خطوة، عليك أن تعرف أولاً من هم هؤلاء الكيانات، ولماذا يريدون التواصل معك."
نهض الشيخ عمران من مكانه واتجه إلى رف مليء بالكتب القديمة. اختار كتاباً مغلفاً بجلد أسود وقديم المظهر. وضعه أمام أحمد وقال: "هذا الكتاب يحتوي على معلومات قد تساعدك في فهم ما يحدث. لكن احذر، ليس من السهل قراءة ما بداخله. هذه الرموز التي رأيتها قد تكون موجودة هنا."
أحمد نظر إلى الكتاب بتردد. "هل هذا الكتاب آمن؟"
أومأ الشيخ ببطء. "الكتاب نفسه لا يحتوي على خطر، لكن المعلومات التي بداخله قد تقودك إلى اكتشافات لن تحب أن تعرفها. ومع ذلك، إذا كنت مستعداً، فأنا هنا لأرشدك."
أخذ أحمد نفساً عميقاً وفتح الكتاب. كانت الصفحات مملوءة برموز ورسوم معقدة. بدأت عيناه تتنقل بين الصفحات، محاولاً استيعاب ما يراه. لم يكن سهلاً، لكن مع مرور الوقت، بدأت الرموز تبدو مألوفة، وكأن شيئاً داخله يساعده على فهمها.
"هذه الرموز..." قال أحمد بتعجب. "لقد رأيتها من قبل في حلمي."
الشيخ عمران نظر إليه بجدية. "هذا ليس حلماً. هذه الكيانات كانت تحاول إرشادك بطريقة ما. الآن، حان الوقت لتعرف السبب الحقيقي وراء كل هذا."
أحمد شعر بمزيج من الرهبة والحماس. قال بصوت منخفض: "أنا مستعد."
ابتسم الشيخ وقال: "إذاً، دعنا نبدأ الطقوس. ستحتاج إلى الصبر، والشجاعة. وما سنقوم به قد يأخذك إلى أماكن لم تتخيلها من قبل."