الفصل الثامن: المواجهة النهائية

1K 38 23
                                    

في أحد الأيام المظلمة والباردة، كان أحمد والشيخ عمران يجتمعان في مكان ناءٍ خارج المدينة، بعيداً عن كل ما يمكن أن يعيق طقوسهم. كان هذا المكان، حسب قول الشيخ، هو الأنسب لإجراء الطقوس النهائية التي ستقرر مصير أحمد.

قامت الرياح العاتية بنفخ الشموع التي أضاؤوا بها المكان، وأضاءت خيوط الضوء المتراقصة التي كانت ترسم أشكالاً غير واضحة على الأرض. وضعت الطاولة في منتصف الدائرة التي رسمها الشيخ على الأرض بالأحمر، بينما كان أحمد يرتدي ثوباً خاصاً للتحضير لهذه اللحظة الحاسمة.

بدأ الشيخ عمران بقراءة نصوص قديمة من الكتاب الذي وجده أحمد في منزل جدته. كانت الكلمات تتلوى في الهواء وكأنها تخلق تردداً غامضاً. أحمد، الذي كان يراقب بترقب، شعر بتسارع نبضاته بينما كان يتساءل عن تأثير هذه الطقوس.

فجأة، أضاءت السماء بصاعقة مذهلة، وسُمِعَ دويٌ في الأفق، وكأن البرق قد اخترق السماء ليعلن عن بداية حدث غير عادي. أخذت الأشجار المحيطة تتمايل، وظهرت ظلال غير واضحة تتحرك في الريح.

قال الشيخ بصوت هادئ لكنه قوي: "الكيانات قادمة. سيكون لديك لحظات قليلة لتتحدث إليها قبل أن نبدأ الطقوس."

بمجرد أن أنهى الشيخ كلامه، تجمعت الظلال في الهواء وأخذت تتشكل في شكل كائنات غير مادية، يمكن رؤيتها فقط من خلال ظلالها الغامضة وضوء الشموع. كانت هذه الكيانات، التي كانت تمثل جزءاً من العهد القديم، تعطي إشارات على أنها هنا لاستلام ما طُلب منها.

أخذ أحمد نفساً عميقاً وتحدث بصوت واضح: "أنا هنا لأحمل الأمانة التي تركها أسلافي. أخبروني ماذا تريدون لتكونوا راضين."

أحد الكيانات، الذي بدا كأنه يتوسط بين بقية الكائنات، تحدث بصوت عميق: "لقد نُسِيَ العهد، وأنت الآن المسؤول عن دفع الثمن. لكننا نمنحك فرصة. اختر: إما أن تقبل بالاتفاق معنا وتكون جزءاً من قوتنا، أو تحاول كسر العهد، فينتهي بك الأمر إلى اللعنة الأبدية."

أحمد، الذي كان يعلم أن اختياره سيؤثر على مصيره ومصير عائلته، وقف بثبات وقال: "أنا لا أقبل بأن أكون جزءاً من قوتكم. سأكسر هذا العهد مهما كلفني الأمر."

تغيرت الألوان حوله، وبدأت الكيانات في التحرك بشكل أكثر عدوانية. كان الجو مشحوناً بطاقة غير مرئية، وأصبح كل شيء حول أحمد أكثر شدة وضغطاً. بدأت الطقوس، كما أعدها الشيخ عمران، تؤتي ثمارها. تم تنفيذ طقوس التبخير والصلاة بأقصى درجة من التركيز، وتم استخدام الرموز القديمة لرسم الحماية.

بدأت الكيانات في إظهار قوتها، وأصبحت السماء مليئة بالضوء والألوان المتلألئة. شعرت الأرض بالاهتزاز، وظهرت شقوق في السماء وكأنها تتفجر من الداخل. كان أحمد والشيخ عمران يتابعان الطقوس بدقة، وحاول أحمد بكل قوته أن يحافظ على التركيز وعدم الانحراف عن المسار.

مع مرور الوقت، بدأت الكيانات تتلاشى تدريجياً، كما لو كانت قد ضاعت في ضوء شديد. سقطت الأمطار بشكل غزير، وكأن السماء نفسها كانت تتطهر من الشر الذي كان يحوم فوقها. كان أحمد يشعر بالتعب، لكن في نفس الوقت، كان هناك شعور عميق بالتحرر.

أسرار العقل : العهد المظلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن