٦

223 13 8
                                    

"سيدي..سيدي، إستيقظ ستتأخر عن العمل!" صوت ميشيل يصدر فوقي..
فتحت عيناي لأراها تقف والقلق بادي علىٰ ملامحها..
قلتُ بنعاس :"كم الساعة الآن؟ " فأجابت بقلق :"العاشرة والنصف صباحاً سيدي، والعمل سيبدأ بعد خمس دقائق.."

نهضت بتكاسل وذهبت للحمام، وعندما نظرت للمرآة وجدت بإنني سابح بعرقي..
هذا الحلم دائماً ما يجعلني أتعرق بشدة..
مالذي يحدث لي !! بدأت أقلق من تلك الفتاة!!

أستحممت بسرعة وخرجت لأجد بعض الخدم يحملون غطاء سريري ويخرجون به.فقلت بأستغراب :"ماذا تفعلون؟؟"
قالت ميشيل بدلاً عنهم :"إنهم سيقومون بغسل الغطاء فقد تبلل كثيراً من عرقك" صمت أنا بينما أكملت هي بقلق :"أخبرني مالذي يحدث لك؟ هذهِ ثاني مرة تتعرق بشدة في منامك؟ هل تحلم بكوابيس؟"

قلتُ بغضب :"لا شأن لكي، فقط أخرجو علىّ تغيير ملابسي والخروح حالاً!"
خرج الخدم ولحقتهم ميشيل لكنها توقف عند الباب وقالت بطفولة :" تقول هذا وكأنني لم أراك عاري من قبل.." ثمّ ضحكت وأغلقت الباب خلفها.
وقفت مندهش من كلامها..أهي حقاً عجوز؟ .. أشك في هذا.

غيرت ملابسي بهدوء ونزلت للأسفل، تناولت الفطور وذهبت لسيارتي وقدت ناحية المقهى الذي سنصور به المشهد الأول..
طوال الطريق وأنا أفكر بالحلم، وبتلك الفتاة المسماة ب'حنين' التي أسميها أنا ذات الرداء الأحمر.

وصلت للمقهى، وفقط عند نزولي علمت بإنه نفس ذلك المقهى صاحب المكتبة الصغيرة..
كم هو بسيط وممتع، حسناً، أنا أؤيد فكرة التصوير هنا..
فهو رائع بالنسبة لبساطته..

توجهت لطاقم العمل وسألت عن المخرج فقال لي بإنه داخل المقهى، فدخلت للمقهى ورأيت السيد صالح وهو يتكلم مع الموظف..وعندما التفت ليرى من دخل، أبتسم لرؤيتي وجاء فوراً لي قائلاً :"مرحباً بك، لقد تأخرت نعم، لكنني أسامحك فقد جعلتني أصاحب هذا الفتى الرائع.."

نظرت للفتى الذي أبتسم بخجل..أول مرة أرى فتى يبتسم بخجل.
قال مرحباً بي :"نحنُ مسرورون جداً لكونك يا سيد وينتز ستمثل في مقهانا المتواضع.."
قلتُ بغرور :"عليكم أن تكونوا كذلك.."
أبتسم الفتى والسيد صالح، ثمّ فجأة أنتقل السيد صالح لطاولة قريبة من النافذة قائلاً :" هذهِ الطاولة ستلتقي بها بفتاتك..أعني البطلة وعليك أن تكون بسيط وفقير..أعني هنالك ملابس مخصصة للمشهد هذا وبقية الفيلم بأكمله..عليك إرتدائهم قبل التصوير.."

دلني السيد صالح ل باص صغير، مناسب لي، وأدخلني فيه لأغير ملابسي..كانت الملابس فقيرة حقاً، وكانت بالية ورثة..
لا أعلم لما تذكرت الحلم.،فهذه الملابس تشبه تلك التي كنتُ أرتديها في الحلم!!

نزلت من الباص بعدما أنتهيت، ووقفت أتأمل أسم المقهى من بعيد..
'عمق البحر'! ماهذا الأسم الغريب؟ إنه يقدم مشروبات وحلوى ومثلجات، فأين البحر وأين العمق؟

بقيت أحدق بالسقف ومن ثمّ تتبعت لوحات المحلات التالية من جهة اليمين...عندها لمحت محل يدعى 'مجوهرات حنين'..
صدمت من الأسم..فهل يعقل أن تكون حنين نفسها؟
أنزلت عيني لأسفل..حيثُ هنالك فتاة تخرج من المحل وتغلق الباب..

لقد كانت ترتدي فستان طويل وعريض..وهنالك أشياء غريبة قد رسمت عليه..
أهذه نواة؟ وهذه الذرة؟ أم ماذا!! ماهذه الأشكال الغريبة..
لكن للحق..قد أعجبتني.،

التفتت الفتاة لأرى وجهها..
كانت هي تلك نفسها..ذات الرداء الأحمر..
لكنها ترتدي ذرة ونواة هذهِ المرة..
كانت تسير بخطوات متوازنة ناحيتي..

ياالهي لا أصدق بإنني رأيتُ وجهها..
نفس تلك العينان البندقيتان..الحادتين، وتلك الحواجب المعقودة.
أنف لا أعرف مالذي جعله ينعوج عن طريقة المستقيم، وينتفخ في نهايته.
فم صغير وردي اللون..يرتفع قليلاً لوجنتاها ويسلم عليها، ولأشتياق فمها لوجنتها فقد أبتسم شوقاً لهما..

بشرتها كانت لا تخلو من تلك النقاط السوداء..والبنية قد أنتشرت فوق أنفها المائل..
كان ما يحليها هو ذلك الشال البحري الذي تلفه بطريقة خلابة حول رأسها ورقبتها مانعة لرقبتها وشعرها من إستنشاق بعض الهواء العليل..

عقيم وعميق🍃حيث تعيش القصص. اكتشف الآن