١٤

135 11 4
                                    

لماذا؟

لماذا تريد أن تكون عقيمة الإبتسامة عند رؤيتي؟
لماذا لا تجعلني أتأمل أبتسامتها بعمق؟
مالذي فعلته للعالم ليكونو دائماً ضدي؟!

أنتهينا من ذلك المشهد أخيراً..
عرض علينا السيد صالح أن نحضى بالعشاء في منزله..
بدايةً رفضت لأن والدي قد دعي لذلك العشاء أيضاً ولا أعلم لماذا..
لكنني بعدها قبلت، لأنني أشتقت حقاً لوالدي وأريد معرفة حاله بعدي..

صعدنا جميعاً بسيارة السيد صالح وتوجهنا لمنزله..
كان السيد صالح يجلس بجانب حنين أمامي ووالدي جلس بجانبي..
طوال الطريق السيد صالح ووالدي لم يصمتو..
وكانت حنين تشاركهم الضحك والحديث بينما أنا هادئ..

قالت حنين مبتسمة لي :"لما لا تتحدث هارولد.."
لم أعلم إن أسمي جميل حتّى نطقت به..
قلتُ بهدوء :"ليس لدي شيءٌ لقوله.."
نظر الجميع لي فقال والدي حينها :"حدثنا عن عملك كممثل..كيف تجد العمل في هذا المجال؟ أهو جيد أم إنك تشتاق..أعني مثلاً، طفولتك؟ أكنت تعمل شيئاً آخر بطفولتك؟"

كنتُ متوتر من أن يستغربو السيد صالح وحنين من كلام أبي أو أن يسألو عنه وأظطر لأخبارهم بإنه والدي..لكن ملامحهم كانت هادئة وكانوا ينتظرون ردّي..
ياالهي ماذا أقول الآن؟
قلتُ بهدوء :"أنا لم أعمل بطفولتي..ونعم..التمثيل شيءٌ رائع، تتقمص شخصيات عالمية ربما، وتعرف العديد من المشاهير وتخرج معهم..معجبات بكل مكان ومقابلات..شيءٌ رائع صحيح؟ وأهم شيء..هو إنك تصبح غني.."

الجميع كان هادئ، ولم يقولوا شيءٍ أو يعلقو عليه..
لكن بعدها ضحكت حنين بسخرية للحظات ثمّ هدأت..
كنتُ أنظر لها بغضب، لما دائماً تسخر مني!! ماذا قلتُ أنا!

وصلنا للمنزل قبل أن يسأل والدي شيءٌ آخر..
نزلنا جميعاً وذهبنا لغرفة الضيوف بينما حنين صعدت للأعلى..
تحدثنا قليلاً نحنُ وكنت متوتر قليلاً ومشتاق..
بقيت أفكر بأمي وأختي..أين هما؟ماذا حل بهما؟

يالي من أحمق وغبي..

بعد لحظات رأيتُ حنين تدخل للغرفة برداء أسود وشال أسود..وتحمل بيديها أزهار التوليب السوداء..
قالت بهدوء وهي توجه كلامها لوالدها :"أبي..سأذهب لزيارة أخواتي" ثمّ أكملت وهي تنظر لوالدي :"أعتذر كثيراً لعدم جلوسي معكم يا عم جيمس، لكن اليوم يوم زيارة أخواتي وعلى الذهاب.."
قال والدي بهدوء وأبتسامة :"سلامي لهن.."

هزت رأسها بإيجاب وبإبتسامة حزينة بينما ذهبت دون كلمةٍ لي..
أعتذرت ونهضت خلفها سريعاً ثمّ أوقفتها قائلاً :"لما لم تعتذري لي أيضاً؟"
قالت وهي ترتدي حذائها :"ألحقتني لتقول لي هذا؟"
قلتُ بهدوء :"صراحةً؟ ،لا، كنتُ أريد سؤالك عن الأزهار.."
قالت وهي تقف مستعدة للخروج :"إنها هدية لأخواتي.."

قلتُ بسخرية :"كلهن بهدية واحدة! وأزهار!! ألم تجدي هدية أفضل من الأزهار؟"
ألتفتت لي ببرود قائلةً :"وماذا تقترح يا سيد وينتز؟"
قلتُ  بسخرية :"ما رأيك بقلائد الألماس التي تفتخرين بصنعها؟ أو مثلاً بكتبك التي ترجمت لعدة لغات!"
أبتسمت بسخرية قائلةً :"هل تغار مني؟"
قلتُ سريعاً :"بالطبع لا.."

أصبحت أبتسامتها حزينة ثمّ قالت :"وما الذي سيفعل الأموات بالقلائد والكتب؟"
صدمت من قولها هذا!
هل أخواتها متوفيات!
ياالهي..الفتاة تشعر بالحزن وأنا أقف أسخر منها..
حقاً أنا مغفل..لكنني لم أعلم .

حدقت بي للحظات ثم أبتسمت وخرجت..
قررت اللحاق بها وزيارة أخواتها معها..وربما الأعتذار..
صعدت هي لسيارة صغيرة سوداء، يبدو بإنها سيارتها..
صعدت معها في الأمام دون كلمة..

نظرت لي رافعة حاجبها فقلت سريعاً :"أريد زيارتهن أيضاً.."
حدقت بي للحظات ثمّ حركت السيارة دون كلمة..
كنتُ أفكر بكمية الحزن الذي تشعر به الآن.
بعدها قلتُ بأستغراب :"ألا تخافي الذهاب للمقابر في الليل؟"
فقالت وهي تنظر للطريق :" ومن قال لك إننا ذاهبون للمقابر؟"

ماذا!!

عقيم وعميق🍃حيث تعيش القصص. اكتشف الآن