الخاتم المكسور

2.5K 232 26
                                    

كان هناك محل لبيع وصياغة الذهب والمجوهرات يديره رجل كبير السن يظهر عليه التدين، وفي ليلة من الليالي دخل عليه رجل وكان معه خاتم مكسور فأعطاه للصائغ ليصلحه، فأخذه منه الصائغ وبدت عليه علامات الذهول من شكل هذا الرجل، فقد كان البياض عنوانه.. أبيض البشرة.. أبيض الشعر.. أبيض اللباس.. أبيض النعل.. ذا لحية طويلة وبيضاء، فقال له الصائغ: هل لك يا سيدي أن تستريح على الكرسي حتى أنتهي من تصليح خاتمك، فجلس الرجل دون أن ينطق بأي كلمة. وخلال هذه اللحظة دخل رجل وزوجته إلى المحل وبدأا يستعرضان المحل، ومن ثم سألت الزوجة عن سعر عقد أعجبها، فقال لها الصائغ: أعطني دقيقة يا سيدتي حتى أنتهي من تصليح خاتم هذا الرجل الجالس يمينك، فذهل الزوجان من الصائغ وخرجا من المحل مسرعين..!

تعجب الصائغ من سبب رحيلهما بهذا الشكل وأكمل عمله، فإذا رجل يدخل المحل وبيده سوار مكسور، فقال للصائغ: إني في عجلة من أمري وأريد تصليح هذا السوار، فقال الصائغ: حاضر يا سيدي ولكن دعني أصلحِ خاتم هذا الرجل أمامك، تلفت الرجل صاحب السوار يميناً وشمالاً ولم يجد أحدا، فقال: أجننت يا رجل.. لا أحد هنا، فخرج غاضبا، فجن الصائغ من الموقف وبدأ يذكر الله ويقرأ المعوذات، فقال له صاحب الخاتم: لا تخف أيها الرجل المؤمن.. إنما أنا مرسل من عند ربك الرحيم، لا يراني إلا عباده الصالحون، وقد أرسلت لأقبض روحك الطيبة إلى جنة النعيم، فقد كنت قبل قليل بالجنة في بيتك المنير، فمشيت في ماء نهرك العذب، وتجولت في بستانك العنب، فطار عقل الصائغ فرحاً وبدأ يحمد الله، وأكمل الرجل قائلاً: كما أني أحمل منديلا أخذته من بيتك بالجنة، فابشر برائحة الجنة، فأخرج المنديل من جيبه وقال: أيها العبد الصالح.. شم رائحة الجنة. فأخذ الصائغ المنديل فشمه شمة قوية، ثم قال: آآآآه.. إنها رائحة لا تخطر على بال بشر، ثم أخذ شمة أخرى أقوى من الأولى، ثم قال: يا لها من رائحة تذهب العقل.. يا لها من رائحــ........!! ثم أغمي عليه.

بعد فترة ليست بطويلة استعاد الصائغ وعيه، وإذا به يلتفت بكل الاتجاهات، فوجد أن محله قد سُرق بالكامل ولم يبق أي شيء، فقد كانت الرائحة القوية بالمنديل هي مادة مخدرة، وكان الرجل ذو اللباس الأبيض عضواً في العصابة، ومعه أيضاً الزوجان والرجل ذو الأسورة المكسورة!

نسمع كثيرا عن أساليب السرقة في العالم، ويبدو أن بني البشر تفوقوا كثيراً على إبليس لعنه الله، فكل يوم سرقة جديدة وإبداع غير مسبوق، فنون وألاعيب جديدة تفرض علينا الحذر والوعي..

 متع عقلكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن