البارت الثامن والثلاثين

3K 71 0
                                    


عاد آمر الي المنزل بخطي متثاقلة ودلف اليه وهو شارد بحالة مزرية
من حديث رهف الذي صعقته به.. لم يكن يتخيل انه بالنسبة لها تجربة
تحاول تسلية وقتها به لا اكثر.. بل وانها تنظر الي زواجهما بإستخفاف ولامبالاة
كيف تخلت عنه في اكثر الاوقات التي يحتاج فيها اليها.. بل كيف استطاعت
ان تتخلي عنه وهو يعشقها لم يحب احدا بحياته مثلما احبها رغم مابينهما من اختلافات..
كان بداخله مبعثر كحبات اللؤلؤ التتناثرة كلما حاول ان يركض خلف واحدة وجد الاخري
تركض بالاتجاه المعاكس.. في تلك الاثناء كانت مريم قد إنتبهت لعودته
وحالته الشاردة الحزينة ونادت عليه مرارا ولكنه لم يجيبها فقد كان بعالم آخر
يظن أنه يحلم فلا تفسير آخر لما يحدث له من مصائب أتت مرة واحدة إلا أنه بكابوس
مرعب هو حبيس بداخله يأبي الإستيقاظ.. لتتجه إليه بخطوات سريعة وهي تمسك بذراعه..

مريم وهي تقرن حاجبيها بريبة مكملة بنبرة متسائلة بقلق: آمر..
مالك انت كويس.. عاملة بنده عليك مش بترد ليه..

لينظر لها آمر مطولا بأعين حزينة صامتا لتبادله النظرات بقلق وهي
تري وجهه شاحب وتقاسيم وجهه تعلوها الألم.. لتكمل.. فيه إيه انت كنت فين..

ليتنهد آمر بتثاقل ويكمل بخفوت حزين: كان عندك حق يا امي..
لتكمل مريم بإرتياب وقد إزداد إنعقاد حاجبيها: عندي حق في ايه ياآمر..

ليغمض عينيه بتعب وهو يطبق علي جفونه بقوة ليمنع دمعة تلسع عيناه
لتتساقط ثم يفتحهما وهو يزفر بألم مكملا بنبرة مقهورة: كان عندك حق فيها..
كلامك كان صح هي طلعت كدابة وبتتسلي..

لتنظر مريم له بتركيز ومن ثم تستوعب كلماته لتتسع عيناها بذهول وتفرغ فاها و
من ثم تكمل بنبرة مشدوهة: انت بتتكلم عن ر هف.. هي السبب في الحالة اللي
انت فيها دلوقتي.. وتردف بغضب وهي تجذ علي اسنانها... عملتلك ايه.. قالت ايه..

ليبتسم آمر بسخرية وقد شرد في حديثها الذي مازال يدور برأسه مرارا
كقصف مدوي ينطلق بداخله يدمره وينسف كيانه ويردف بنبرة هامسة
بمرارة وأعين زائغة: مش مهم قالت إيه.. المهم انا عرفت حقيقتها..

ليحتقن وجه مريم بغضب أسود وتتسع عيناها وهي تقبض علي يديها بشده
تكاد تقترب هيئتها كمن سيقتل أحدهم.. فهي أم تحب أولادها بشدة وتدافع عنهم
بشراسة وقد هالها ما آل إليه حال آمر.. وشعوره بالألم وقد اوجعها كثيرا رؤيته بتلك
الحالة ودت لو أن رهف أمامها لتقتلها لجعل صغيرها يعاني لتتسارع أنفاسها وصدرها
يعلو ويهبط بإنفعال ملحوظ..

مريم بنبرة قوية مخيفة وأعين قاتمة: كان عندي حق فيها.. انا هوريها.. انا لاز....
ليقاطعها آمر بنبرة متعبة: ماما سيبك منها اللي فينا مكفينا..

لتهدر مريم بعصبية: إزاي يعني بعد اللي عملته وعايزني اسكت..
لتبتر كلماتها وهي تري وجه آمر المنكسر وعيناه اللامعة بدموع مترقرقة..
لتتسع عيناها وهي تهمس بنبرة قوية آمرة وهي تتك علي حروف كلماتها
بتحذير.. إياك.. إياك تضعف او تنكسر علشان واحدة زي ديه.. انت آمر القاضي
اللي عمرك ما إستسلمت.. ليطأطأ آمر رأسه بتخاذل وتسارع مريم بوضع إصبعها
أسفل ذقن آمر وترفع رأسه مكملة بنبرة متعالية.. إرفع راسك اوعي اشوفك بالمنظر ده..
مش ده اللي يكسرك.. عمر الحياة ما بتنتهي علشان الواحد اكتشف ان اللي بيحبه خاين..
وتنظر له نظرات قوية تنهره الضعف ليتنهد وهي يرفع رأسه لتسارع بإحتضانه وتشدد ذراعيها
حوله ليضع رأسه علي كتفها وهي يتنهد بحرارة يخفي وجهه بها كطفل يلتمس الامان
والقوة من والدته والتي لاتبخل عليه بمايريد..

العفريتة والصخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن