"24"

26.5K 1.3K 142
                                    

بين فراغات السعادة وانحناءات الحزن دوما ستجد من يتبعك خفيه، حزين لحزنك وسعيد لسعادتك..

.
.
.

******--**--**--**--**--**--**--**--**--**--**

تورمت عيناها من البكاء وجف فمها .. السيده روعه ستموت .. مستحيل .. هذا مستحيل .. لا .. هذا مستحيل .. لايمكن ان يحصل هذا .. السيده روعه هي اخر من تبقى لها .. يا الله .. يا الله .. وضعت يدها على قلبها وهي تشعر به يتمزق كمن يوشك على الموت .. اختفى تنفسها وهي تحاول كتم شهقات بكائها .. خرجت من باب الغرفه راكضه نحو غرفتها .. تحتضن المذكره بيداها تضغط بها على قلبها المتورم كتورم عيناها .. احساس بداخلها جعلها تفتح الصفحه ما قبل الاخيره من المذكره .. وقرأتها
(اماليا .. بنيتي .. لا تحزني ولا تتضايقي .. اعلم انك اردت التخلص مني لكنني اعلم ايضا انك احببتني كما احببتك انا .. واعلم انك ستحزنين وربما تبكين كثيرا لموتي .. ولكنني اريدك ان لا تحزني .. انت اروع فتاة قابلتها في كل حياتي يا طفلتي .. انتي نقيه .. جميله .. صافيه .. وانا لم اقصد اي كلمه قلتها في حقك يوما .. انما كنت اخاف عليك لأنني كنت اتمنى ان احصل على ابنه .. ولم احصل عليها .. وجعلتك انتي بمكانتها .. لأنني تمنيت طفله مثلك .. حين تقرأين هذه المذكره .. هل لك ان تبحثي عن ابني .. وتعطيها اياه ؟ ارجوك .. اريده ان يعرف انني احببته دائما وابدا .. وانني سأكون بجانبه مدى الحياه حتى بعد موتي .. وانت ايضا .. احبك )

احتضنتها نحو قلبها وهي تبكي بمراره .. وانا احبك .. احبك كثيرا .. وسأنفذ ما اردته ولن انتضر موتك .. سأحقق لك امنيتك الاخيره قبل ان تموتي .. سأفعل ذلك ولو كان اخر شيئ سأفعله في حياتي

بدلت ثيابها سريعا ونزلت جريا نحو السياره وهي تحتضن المذكره بين يديها .. وتوجهت بعدها نحو المطعم الذي ستنتضر فيه ابنها .. وصلت بعد ساعتين تقريبا او اكثر من ذلك .. وهي تحاول بشده منع دموعها من الهطول .. جلست في زاويه من زوايا المطعم الريفي المتواضع .. مزخرف على الطريقه القرويه المريحه للأبصار .. باللون العشبي واللون الابيض الذي يطغى علي الطاولات وشراشفها .. ببساطه رواده ..في طاوله معزوله قليلا .. ما زال هناك نصف ساعه على الموعد .. شردت بأفكارها بعيدا ..بعيدا جدا .. تنضر من مافذه المطعم نحو الخارج .. الى الشارع المضلم .. الفارغ .. يا ترى هل ستكون حياتها فارغه هكذا مثل فراغ هذا الشارع .. هل ستبقى تفقد اشخاصها شخصا تلو الآخر .. لقد شهدت على موتهم جميعا ..فهل ستشهد على المزيد .. وهل هذه تسمى حياة ..ماذا سيكون رد فعل كاتيا ان اخبرتها .. هي لم تتصل بكاتيا منذ وقت طويل .. رأت رجلا اسمر بشعر اسود يتوجه اليها .. جذاب الملامح ليس فيه شيئ مميز .. لكنه مريح بملامحه .. جلس امامها وهو يقول
- انت اماليا ؟
- اجل
- هل تأخرت عليكي ؟
- كلا
- هل لي ان اسأل لم طلبت مقابلتي ؟؟
- دعني اسألك سؤالا اولا
- تفضلي
- اذا تطلقت مع زوجتك لا سامح الله .. ومنعتك من رؤيه طفلك الصغير .. لنقل انها اصدرت في حقك مذكره منع تعرض وانها منعتك من رؤيته لسنوات .. وكبر الولد بعيدا عنك ...هل سيحق له ان يكرهك ؟؟ على الرغم من انك حاولت رؤيته مرارا وتكرارا ؟ هل تضن ان من حقك ان تمنع والدتك من رؤيتك ؟؟ حسنا امنعها من مقابلتك ولتذهب للجحيم .. لم تمنعها من رؤيه احفادها واللعنه .. ؟؟
- ما. . عن ماذا تتحدثين ؟ من اين تعرفين والدتي
- اعرفها معرفه وثيقه جدا .. انا بمثابه ابنتها .. وهي بمثابه ام لي .. ومن غير المعقول ان ارى احدهم يسيئ معامله امي واجلس ساكنه
- وما شأنك .. ما حدث بيننا لا يمكن ان يصلح ؟ لا تحاولي .. وقولي لها ان لا ترسل اي شخص اخر للحديث معي مجددا .. الامر لن ينجح
قالت ببرود وهي تراه ينهض ليغادر
- والدتك ستموت
رأته يتصلب .. يتوقف بمكانه .. وينضر اليها بتشتت .. ارتجفت اصابعه المتمسكه بأطراف الطاوله واهتزت عضام وجنتاه .. قال
- م..ما .. ماذا تعنين
- اعني ان امنيتك ستحقق الان .. لا يوجد داع لأن تعتبرها ميته ..لأنها ستكون كذلك بعد شهرين من الان ..
جلس على مقعده باهت الوجه مصفر .. شاحب العينين .. ارتجفت اوصاله وجف الدم في عروقه ...قال بصوت خفيض متألم .. متألم جدا
- انا لم .. لم اتمنى ..يوما .. موتها
- بلى تمنيت .. انت حتى اعتبرتها ميته .. ولكن دعني اخبرك شيئا .. سيحدث فيك مثلما فعلته في امك .. ثق في ان الدنيا تدور .. وما تفعله انت .. يفعله لك اطفالك في مستقبلك .. انت ضلمت امك كثيرا جدا .. وستفقدها قريبا وترتاح منها .. ولكن .. هل تضن ان الام من الممكن ان تعوض ؟ اتحداك الان بأن تقول انك لم تشتق اليها ابدا .. ان قلت ذلك اعدك انك لن ترى وجهي ثانيه .. ولا وجه والدتك
- اشتقت .. والله اشتقت

آلَآسًسًـمِر آلَيّوِنٌآنٌيّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن