الجزء الأول

2K 56 16
                                    


الإنسان المحرم

أحيانا يكون الماضي أكثر أهمية من المستقبل فالماضي هو الأساس الذي يبنى عليه مستقبلنا مما يجعل اهتمامنا به كبيرا جدا، وهذا ما حدث معي.

في الواقع أنا واحد من أبناء إحدى أرقى عائلات مصاصي الدماء في المملكة، لقد كنت الابن الأصغر في العائلة وبسبب مكانة عائلتي كنت أشبه بأمير، للصدق حتى أمير المملكة لم يكن يتصرف كما كنت أفعل، تصرفاتي كانت طائشة وصبيانية وعفوية وطفولية ومشاغبة، إذ يمكن القول أنني كنت الابن الضال في العائلة أو هكذا كان يحب رفاقي مناداتي، ولأكون صريحا لقد أعجبني هذا اللقب وبقيت تصرفاتي متماشية معه ولكن ليس لفترة طويلة، فيبدو أن أبي لم يعجبه ذلك الوضع كثيرا فمع دخولي لسن الرشد كان يتوقع مني أن أبدأ بتحمل مسؤوليات كبيرة ألقيت على عاتق العائلة منذ أجيال عديدة وقرون طويلة، أشقائي الثلاثة برعوا في هذا حتى شقيقتي قامت بعملها بأفضل مما كان يتوقع أي شخص ولكن أنا كنت الشاذ على القاعدة، حاول أبي أن يقوم وضعي كثيرا ولكن بلا جدوى وبلا فائدة وبلا أمل حتى يئس مني وتركني في حالي.

في صالة الجلوس في القصر جلس افراد العائلة يتحدثون معا، السيد آندرياس الخامس عشر جلس بطلته الهادئة وهو يتبادل الأحاديث مع زوجته سيا آندرياس التي اتشحت بثوب أزرق فاخر مزين بالحرير اللامع، وعلى بعد منهما جلس الابن الأكبر ساميون وهو يحدث شقيقيه تايسون ولانير بفخر والتصنع بادٍ في وجوه الثلاثة أما الفتاة الوحيدة ريانا فكانت مشغولة بمداعبة خفاش صغير استقر بين يديها، وبالنسبة لجونثان فقد جلس على إحدى الإرائك وهو يراقبهم بملل بعينيه اللتين توهجتا بلون أسود براق فيما تناثر شعره الأحمر الطويل على ظهره وكتفيه وهو يلهو به بأصبعه فيما كانت بشرته مصبوغة بلون أبيض جذاب جعله أشبه بتمثال فني متقن الصنع، راقبهم الشاب بصمت وكل واحد منهم يكلم الآخر عن ما قام به من أعمال بطولية زادت من مكانته بين أشباهه من ساكني الطبقة الراقية في المملكة، تثاءب الشاب بملل مما دفع بوالدته للنظر إليه لتقول

-لا تبدو على ما يرام يا جونثان

التفت الباقين إليه فيما ابتسم هو بخفة وقال

-لا شيء يا أمي

-هل أنت واثق؟ إنك تبدو مكتئبا

وهنا قال تايسون بسخرية

-لا بد أنه يشعر بالملل كونه لم يقم بمصيبة جديدة اليوم

ارتسمت ابتسامة ساخرة مستمتعة على وجه شقيقيه الآخرين مما دفع جونثان للنظر إليهم بملل وقال

-في الواقع كنت أفكر في خطة جديدة يمكنني بها تشويه سمعتكم أمام الملك

راقبه الثلاثة بحقد فيما تابع هو بتلك اللهجة

الانسان المحرمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن