رأيت بين عيونه مكيدة نكراء كان يخفيها والله اعلم ماسر تصرفاته الغريبة تلك....ولكنني استجمعت قواي المنهارة من ذلك....اظن انني سبق وحدثتكم عن سوء ذلك اليوم ومدى فضاعة جوه لاداعي للتذمر مرة اخرى منه فحتى انا مللت تأفف الشباب وصيحاتهم عاليا وتلك المياه التي يسكبونها كل خمس دقائق على رؤوسهم الملتهبة...مللت هذه الاجواء وارغب في العودة الى المنزل بشدة ...صدقوني لقد تعلمت اليوم درسا قيما في معنى قيمة الشتاء حتى ولوكان باردا فهو ارحم بكثير من الصيف الجشع ...الا يشبع من معاناتنا هذه ..ياليتني كنت في فرنسا الآن على الاقل الاجواء هناك اثناء الصيف ناعمة ولطيفة متى ساعود الى هناك بلا رجعة وارتاح نهائيا من هذا العمل الشاق...وارحمتاه ايتها الشمس اما سئمت بعد من تعذيبنا بجيوش اشعتك الشرسة...كم بت اليوم احس بمعاناتك ايتها البطاطا المقلية...اوووف ..اصدرت انين التعب من فمي الذي كاد ان لايستطيع التحرك من شدة جفافه.....لا علينا من نفسي المتذمرة علي ان اكمل لعب دوري بمهارة لازلت الآمر الناهي هنا ولا احد غيري ولن اسمح لهذا الاحمق باثارة الرعب في جسدي بانظاره التي تكاد تلتهمني اذا ماتقابلت عيوننا فجأة دون سوابق تحذير...
تخلفت بضع خطوات للوراء وهي تحكم قبضة يدها بشدة بتلك القفة التي جاءت بها في صباح اليوم تخاف انفلاتها في اية لحظة اظن انها تراجعت قليلا حتى تمنع عني كل أفكاري الشيطانية وتأكد لي بمدى رفضها للتفتيش خاصة عندما احست بان الجندي عازم على تفتيشها لا محال....واستطردت بعد ذلك موجهة خطابها نحوي:"إني لست احمل شيئا مخالفا للقانون ياسيدي ..إنه مجرد طعام طبخته أمي لخالتي كما قلت لك من قبل"
تفاجأت من تصرفها الحكيم والعاقل ولكنني اقسمت في قرارة نفسي ان لا ادعها تذهب قبل ان اراها تهان قليلا فقط....قليلا فحسب.....وليس اكثر من ذلك ...وبعد ارضاء رغبتي الجامحة ساسمح لها بالرحيل طبعا بعد ان اعرف مكان إقامتها واسمها ولقبها ...ليس لشيئ إنما لفضول بات يسري في دمي بشدة....
فهل ياترى افتشها قبلا ام اسألها؟!؟!
:"أين تقيمين ومااسمك كاملا وسأمنحك بعد ذلك الاذن بالرحيل:"
قلت ذلك وانا لا أنوي أن افي بوعدي لها بتاتا ..فاستطردت هي بدورها:"اسمي زينب محمد واقيم في إحدى الضواحي بالعاصمة في منطقة تدعى الدكاكنة...أتدريها ياسيدي؟؟؟"
إنها حقا تحاول استجلاب عطفي ورأفتي بها حتى ادعها تمر في هدوء وسلام ...لا اعلم لما هي خائفة من التفتيش لهذه الدرجة لكن مااعلمه أن المسلمات لديهن عقدة من كشف انفسن وراء الحجاب امام الغرباء ربما ديانتهن تحرم عليهن ذلك لا ادري بالضبط ولكن ربما تكون هذه الفتاة ملتزمة وهذا مايزيد اصرارها وعنادها على عدم التفتيش....
ولكنني لن ادع قلبي يلغي مخططات عقلي هذه المرة ...لا لن تنجح مشاعري الجياشة في افقادي لهيبتي هذه المرة...هذه المرة بالضبط سأتحكم في كل عواطفي التي غالبا ماتلين اتجاه الفتيات ....لن تنجحي في ارباكي ياهذه.... ليس هذه المرة....
:"حسنا يمكنك المرور"
ولكن مالذي فعلته انا...يالني من ساذج ..أحقا ياألكس أحقا سمحت لها بالمرور ..سحقا لنفسي الخائنة لا تنصت لما يمليه عليها عقلي ...تباا لي كم انا احمق تبااا تبااا.....
لا اظن انكم متحمسون حتى تعلمو كيف كان ينظر الي صديقي ....ابتسم جون الذي لا يفوت اي فرصة للسخرية مني إلا واستغلها ابتسامة عريضة لم أكن قد لمحتها على وجهه منذ زمن طويل ....تلك الابتسامة التي تبدو بريئة في ظاهرها وفي باطنها خبث لا ينتهي ثم استطرد قائلا بأعلى صوته
:"آه منك ياصديقي تحفر البئر ولا تشرب منه"
:"أي بئر هذا ياصاحبي إني انا حفرته واعدت اغلاقه فما شأنك انت بي دعني ودعك من هذه السخريات يا جون"
ورفعت ذراعي بسرعة ثم وجهة اليه ضربة مفاجئة كما اعتاد هو ان يفعل بي دائما ...فعلت ذلك مازحا ومنتقما في نفس الوقت في حين أنها ابتسمت معنا بلطف اظهرته ملامحها المهددة في بادئ الامر واستطردت بعفوية:"شكرااا لك ياسيدي"
لست ابلها صدقوني لكنني اقرأ مابعد البسمات والنظرات واعلم انها كانت تحدثنا بعيونها قائلة:"هاأنا قد استطعت المرور ...إني تغلبت عليكم جميعا ايها الفرنسيين بكلمات بسيطة مني"
لا أعلم ان كان ماقرأته عليها صحيحا و لست متأكدا إن كانت هذه افكار منطقية لازمتها وهي تراودها وتعجز عن البوح بها امامنا ام انني انا من توهمت حديثها الصامت ذاك ...لأن هذه الحرارة بدأت تفقدني صوابي ولا اعلم إن كان عقلي لا يزال يخزن بعض الخلايا النشطة ....اسعفوني ياناس بدأت اصاب بالجنون...
أنت تقرأ
اميرتي تحت الحصار للكاتبة ندى معمري
Romanceعندما يدق الحب أبواب الحرب.....هل سمح لقلبه بالتغلب على وحشه....هل حقا لايصلح الا للحرب.....هل سيضحي لأجلها وقد أعلنت عليه عدوانها......منتهى العشق بين الاحتلال والمحتل...