" قلت لك ليس حبا ياجون ...إلى متى ستضل تسألني "
نظر إلي صديقي بقلة حيلة ثم استطرد :" ستفقدني أعصابي يا ألكس ...تقول لي أعجبتك وتحدثتما و أفصحت لها عن مشاعرك...ثم تقول لي التقيت الشابة التي مرت من الحاجز دون تفتيش ذلك اليوم وتحدثتما واعجبك كلامها....ثم تقول لي كم أكره الجزائريات ....أي تناقض هذا يا شريك."
تأففت بملل ثم قلت :" اذن تذكر الجملة الأخيرة فحسب عن كرهي للجزائيات وأرحني من كلامك"
" وماذا عنها..رانيا تلك ؟!؟"
نظرت إلى جون في تعب ثم قلت :" أكرههن يا صديقي ولا أريدهن في حياتي...إنما هي نزوة عابرة "
ابتسم ثم قال لي بسخرية :" إذن لن تذهب للتكلم معها لو رأيتها تمر من هنا..صحيح؟؟"
نظرت بسرعة إلى الطريق فلمحت رانيا تسير على الرصيف في الجانب الآخر وقلت له :" لا يا جون إياك ان تفضحني لا أريدها أن تراني ..."
ابتسم جون من جديد واستطرد قائلا :" إذن انت لن تذهب لرؤيتها...متأكد من ذلك !؟"
:" لا لن أذهب ...يكفيني ماسمعته منها في آخر من بكاء وعتاب "
ضحك جون بغير إرادته ضحكة عفوية واسترسل قائلا :" سأدعكما بمفردكما إنها قادمة إليك "
أسرعت بالاعتدال للحاق بصديقي الأحمق الذي اعتاد على إلقائي في وجه المدفع دائما حتى مثلت أمامي تلك الفتاة ولم أجد ما أقوله لها كتحجج بالمغادرة لكنني القيت التحية واستطردت قائلا :" أرجوك يا رانيا لا أريد أن أسمع شيئا... أرجوك "
نظرت إلي في حسرة ولمحت تلك الدمعة تتسلل إلى خديها ببطئ وبمسحة خاطفة من كفها تورد وجهها من جديد واستطردت قائلة :" يا لك من إنسان قاسي وعديم مشاعر ...أوقعتني في شباكك والآن تنسحب بكل هذه البساطة...ما انت أخبرني أي صنف من الرجال انت ؟"
انتفضت غضبا وكدت ان اقوم بفعل أجهل عواقبه لكنني تمالكت نفسي مستطردا بذلك :" كفاك يا رانيا..مالذي فعلته لك حتى أنال كل هذا...استمتعنا قليلا والآن انتهى كل شيئ ففي الأخير انا فرنسي وانتي جزائرية وأنا أكره كل مايخص هؤلاء القوم بمافيهم فتياتهم "
ضحكت رانيا بسخرية ثم استسرسلت وهي تحلق بعيونها نحو السماء :" يا لك من خائن وكاذب...تتركني لأجل فتاة أخرى وتقول أنك تكرهنا ...ومن قال لك أنني جزائرية لقد تبرأت منهم منذ زمن..." وبين دهشتي وذهولي العارمين تكمل هي إساءة الظن بي قائلة :" لماذا فعلت بي ذلك يا ألكس ...تدعي أهتمامك بي وانت تنظر إلى جارتنا حقا لا أصدق....إعذرني أيها الفرنسي المحترم لكن وقاحتك لم يسبقك اليها أحد في العالم "
وانصرفت مبتعدة حتى اختفت عن انظاري واطل جون بوجهه الساخر المبتسم قائلا " أمامي أسد وفي الحرب نعامة "....زفرت زفرة غضب صدرت مني بنفاذ صبر بعد أن ازحت جون عن طريقي وانا أخاطبه :" قلت لك توقف عن هذا المزح يا جون ...لا تكن أبله " وانصرفت بغضب حتى وصولي إلى البيت....وبعد مداعبتي لشقيقتي قليلا ارتاحت أعصابي واستسلمت إلى النوم بسرعة...
استيقظت باكرا على صوت أبي وأمي وهما يتجادلات فتسللت خفية لأسترق السمع واعلم موضوع نقاشهما...تفاجأت مما قالاه ولم أستطع أن افهم أو أفعل أي شيئ....قال أبي بحزم لأمي :" لقد أصبح كبيرا وانت تفسدينه بتدليلك الزائد"
فترد والدتي :" أي دلال هذا يا مرشال إنه طفل محروم منذ صغره حتى من أتفه الامور أفلا أحاول أن اكون والدة جيدة "
" أخشى عليه يا روكسان ....لقد بدأ يفكر في أمور أكبر من سنه...فعلت كل شيئ لإبعاده عنهم ...تكفلت بتدريسه في أصعب التخصصات حتى يهتم بدراسته وأدخلته الجيش في الإجازات حتى لا يجد الوقت الكافي ليطرح تساؤلاته الشبابية ....ورغم ذلك كل مافعلته باء بالفشل...والدليل عندما سألك في ذلك اليوم عن الجزائريات ثم بعدها نكتشف أنه لا يفتش كل المارين وبمن فيهم ناقلي السلاح..."
ترد أمي بصوت هامس:" هدء من روعك يا مرشال سيسمعك ألكس "
تنحنحت حتى أعلن عن وجودي فصمت كلا الطرفين وراحا يغيران الموضوع بينما تصلبت أنا جامدا أرقبهما بذهول ثم أزعزع دوامات الشك بسؤالي :" ماذا هناك ؟!؟...أصبحت مشهورا إذن...لم أسلم من سخرية الناس في الخارج فآتي هنا لألقى سخرية والدي "
بقي الصمت مخيما على أبي بينما توجهت أمي ناحيتي تنوي تهديئي بيديها الحنونتين ...استمررت أنا قائلا :" عن من تحاول إبعادي يا أبي ؟!!...أجبني بسرعة "
خرج والدي معلنا إنسحابه من المعركة وتاركا والدتي لتطفئ النيران التي أشعلاها في قلبي منذ قليل ....جلست على المائدة وأنا أمسك جبيني بيدي الشمال احاول استيعاب ماسمعته ثم سددت هجمات أنظاري إلى أمي وخاطبتها :" متى ستبدئين بالشرح يا أمي "....تلعثمت الكلمات على لسان والدتي وبدا الاحمرار واضحا جليا على وجهها ثم استطردت بعد ذلك :" أنت تعرفه يا صغيري ...يحبك ويخشى عليك كثيرا "
قلت أنا باحتيال :" لم أطلب منك ان تعلميني عن حب والدي يا أمي ...أخبريني فحسب لماذا قال ذلك "...لكن أمي هذه المرة نجحت في الفرار والافلات من استجوابي وغيرت الموضوع كاملا ولم أشأ انا احراجها ففي الأخير تبقى هذه والدتي ولا أحبذ تعريضها لهذه المواقف ...
أنت تقرأ
اميرتي تحت الحصار للكاتبة ندى معمري
Romanceعندما يدق الحب أبواب الحرب.....هل سمح لقلبه بالتغلب على وحشه....هل حقا لايصلح الا للحرب.....هل سيضحي لأجلها وقد أعلنت عليه عدوانها......منتهى العشق بين الاحتلال والمحتل...