#نصرت_امين

65 6 14
                                    

الفيلسوفه العارفة المجتهدة السيدة نصرت أمين (قدس الله نفسها الزكية)، أول مفسرة في تاريخ الإسلام والمسلمين، المسمى بمحزن العرفان في خمسة عشر مجلدا.
ولدت السيدة المجتهدة 25 حزيران من عام 1895 في اصفهان، وسط عائلة غنية ومتدينة، فاتجهت إلى تحصيل العلوم والمعارف في بيئة أمية جاهلة، تاركة قشور وزخارف بنات جيلها، فكان الأساتذة يأتون إليها في منزلها، ففتحت أول مدرسة ابتدائية للبنات بعد أن تجاوزت العشرين من عمرها، ثم اعدادية فكلية.
في الأربعين من عمرها وبعد امتحانات عدة وأسئلة فقهية وأصولية، نالت إجازة الاجتهاد والرواية من ثلاثة مراجع كبار، وهم الشيخ محمد كاظم الشيرازي، والشيخ عبد الكريم الحائري، والسيد إبراهيم الحسيني الاصطهاباناتي، وبعد عامين منحتها الشيخ محمد رضا النجفي الإصفهاني إجازة أخرى، كما أنها منحت إجازة الاجتهاد والرواية للمرجع الكبير المرعشي النجفي بعد أن طلب منها ذلك، وكانت السيدة في الخامسة والأربعين، وهو في الثالثة والأربعين.
أراد الشهيد مطهري التحقق من مكانة السيدة العلمية ودرجتها المعرفية، فقرر السفر إلى إصفهان، وأخذ موعدا للقاء، وطرح للنقاش إحدى المسائل الفلسفية، فحين بدأت السيدة بالإجابة، شعرت بأنني يحب أن أصمت بعد أن أفحمتني!، كما نالت قبول العارف السيد هاشم حداد واستحسانه وإعجابه في عرفانها العملي بعد بقائه بها، كما أن العلامة الطباطبائي زارها في منزلها، وطرحت في الجلسة قضايا تفسيرية قرآنية، وقد استمر اللقاء لمدة ساعتين، وفي نهايته أهدت نسخة من كتابها " النفحات الرحمانية " لكل الضيوف، وغيرها من اللقاءات والزيارات.

عام 1928 عندما بدأت الخطوات العملية لخلع الحجاب من قبل الشاه، إذ أصدر مرسوما بهذا الشأن، وأجبر الناس عليه، وكانت شرطته تتصدى للنساء للمحجبات في الطرقات والازقة، تمزق لهن العباءات وتضربهن بعنف، كما منعت الناس من المتاجرة مع النساء المتحجبات بيعا وشراء، وغيرها من المضايقات، وفي هذه الأزمة - على الأرجح - كتب كتابها " سبيل السعادة " فندت فيه آراء المعارضين للحجاب، وقد منع من النشر ولم ينشر ويصل إلى أيدي الناس إلا بعد أن همد أوار القضية، وحذفت الرقابة منه المقاطع التي تتضمن نقدا سياسيا.

من أرائها:
" وتتحدث عن العلاقة بين العدل الإلهي والرحمة الإلهية، وتصل إلى خلاصة مفادها أن مقتضى العدالة الإلهية والحكمة الإلهية أن الجنة معدة للذين آمنوا عن بصيرة، والنار للذين كفروا عن بصيرة؛ أي أن الجنة دار الكرامة ومظهر رحمة الحق تعالى، وهي للذين فتحت بصائر قلوبهم، الذين يعرفون أنفسهم ويعرفون ربهم، وقد آمنوا بالدين الحق عن بصيرة، واتبعوا أئمة الهدى. أما جهنم فهي دار الحساب والعقاب، ومظهر غضب الله تعالى على الذين ينكرون الحق والدين الحق تعصبا وهم يعرفون، أما المستضعفون من عوام الناس، فإن الله (عز وحل) يحاسبهم حسب نواياهم ومن يحبون" ص 114-115.

" لكن ثمة فرق آخر يمكن تصوره، وهو أن التفكير في أنوار عصمة الحق تعالى، والتدبر في بدائع صنعه تحسب من علامات المحبة لأن إحدى علامات المحب الصادق أن يستغرق في جمال المحبوب أو اسمه في أكثر الأوقات، أما العبادة البدنية فليست كذلك؛ لأن محرك الشخص في أعمال الظاهر، وإن كان يمكن أن يكون المحبة، إنما هذه فرضية نادرة، ويوجد غالبا أعراض أخرى تتداخل، كتوقع الأجرو الخوف من العقاب، وربما أغراض دنيوية أخرى وغيرها، ومن المعلوم أن العمل الذي ينجز بمحبة لا يمكن على الإطلاق أن يقارن بالعمل الخالي من المحبة. والوصول إلى قرب الأحدية من طريق القلب والباطن أقرب بفراسخ من طريق البدن والظاهر، فقد نقل عن الإمام الصادق (ع) قوله: " أفضل العبادات مداومة التفكر في الله تعالى وقدرته" ص 149.

" وتقول إحدى تلميذانها ( السيدة غازي )إن السيدة نصرت آمين كانت تحترم الإمام الخميني الذي يعد محيي شخصية المرأة، وأنها بعد أن قرأت كتابيه " سر الصلاة " و " ورسالة لقاء الله ": قالت لها ( للسيدة غازي ) " أما حين قرأت هذين الكتابين، وجدت أن مستوى السيد المعرفي رفيع جدا، قولي للناس عن لساني، إن أنتم لم تنصروا الثروة لا سمح الله، فإنكم تكونون ظالمين لأنفسكم" ص 203-204.

توفيت السيدة نصرت أمين ليلة الأولى من شهر رمضان من عام 1403، المصادف 20 حزيران من عام 1983.

كتاباتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن