(( أحكام اليمين ))

1.8K 8 11
                                    


اليمين على ثلاثة أنواع:

1 ــ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للإخبار عن تحقّق أمرٍ أو عدم تحقّقه في الماضي أو الحال أو الاستقبال ، والأيمان من هذا النوع أما صادقة وأما كاذبة ، والأيمان الصادقة ليست محرمة ولكنها مكروهة بحدّ ذاتها ، فيكره للمكلّف أن يحلف على شيء صدقاً أو أن يحلف على صدق كلامه ، وأما الأيمان الكاذبة فهي محرمة ، بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ، ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين ، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدّد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه ، ولكن إذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسّرة له فالأحوط وجوباً أن يورّي في كلامه ، بأن يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه وأين هو؟ يقول: ( ما رأيته ) فيما إذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد أنه لم يره منذ دقائق.


2 ــ ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حثّ المسؤول على إنجاح المقصود ويسمّى بــ ( يمين المناشدة ) كقول السائل: ( أسألك بالله أن تعطيني ديناراً ) . واليمين من هذا النوع لا يترتّب عليها شيء من إثم ولا كفارة لا على الحالف في إحلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم إنجاح مسؤوله.

3 ــ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل ويسمى ( يمين العقد ) كقوله: ( والله لأصومنّ غداً ) أو ( والله لأتركنّ التدخين ) .
وهذا اليمين هي التي تنعقد عند اجتماع الشروط الآتية ويجب الوفاء بها وتترتّب على حنثها الكفارة وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، وفي حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات.
واليمين من هذا النوع هي الموضوع للمسائل الآتية.

( مسألة 1262 ) : يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلّق اليمين ، نظير ما تقدّم في النذر.

( مسألة 1263 ) : لا تنعقد اليمين إلاّ باللفظ أو ما هو بمثابته كالإشارة من الأخرس ، وتكفي أيضاً الكتابة من العاجز عن التكلم بَلْ لا يترك الاحتياط في الكتابة من غيره.

( مسألة 1264 ) : لا تنعقد اليمين إلاّ إذا كان المحلوف به هو الذات الإلهية سواء بذكر اسمه المختصّ به كلفظ الجلالة (الله) وما يلحقه كلفظ (الرحمن) ،أو بذكر وصفه أو فعله المختصّ به الذي لا يشاركه فيه غيره كــ (مقلّب القلوب والأبصار) و(الذي فلق الحبة وبرأ النسمة) ، أو بذكر وصفه أو فعله الذي يغلبُ إطلاقه عليه بنحو ينصرف إليه تعالى وإن شاركه فيها غيره بل يكفي ذكرُ فعله أو وصفه الذي لا ينصرف إليه في حدّ نفسه ولكن ينصرف إليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.
وإذا كان المحلوف به بعض الصفات الإلهية أو ما يلحق بها كما لو قال: ( وحق الله ، أو بجلال الله أو بعظمة الله ) لم تنعقد اليمين إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.

( مسألة 1265 ) : لا يحرم الحلف بالنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وسائر النفوس المقدّسة والقرآن الشريف والكعبة المعظّمة وسائر الأمكنة المحترمة ولكن لا تنعقد اليمين بالحلف بها ، ولا يترتّب على مخالفتها إثم ولا كفارة.

( مسألة 1266 ) : يعتبر في متعلّق اليمين أن يكون مقدوراً في ظرف الوفاء بها ، فلو كان مقدوراً حين اليمين ثم عجز عنه المكلّف ــ لا لتعجيز نفسه ــ فإن كان معذوراً في تأخيره ولو لاعتقاد قدرته عليه لاحقاً انحلّت يمينه وإلاّ أثم ووجبت عليه الكفارة ، ويلحق بالعجز فيما ذكر الضرر الزائد على ما يقتضيه طبيعة ذلك الفعل أو الترك والحرج الشديد الذي لا يتحمّل عادة ، فإنه تنحلّ اليمين بهما.

( مسألة 1267 ) : تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلّقها راجحاً شرعاً كفعل الواجب والمستحب وترك الحرام والمكروه ، وتنعقد أيضاً إذا كان متعلّقها راجحاً بحسب الأغراض العقلائية الدنيوية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية للحالف بشرط أن لا يكون تركه راجحاً شرعاً. وكما لا تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلّقها مرجوحاً كذلك تنحلّ فيما إذا تعلّقت براجح ثم صار مرجوحاً ، كما لو حلف على ترك التدخين أبداً ثم ضرّه تركه بعد حين فإنه تنحلّ يمينه حينئذٍ ، ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها.

( مسألة 1268 ) : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد ، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج ، ولا يعتبر في انعقاد يمينهما إذن الوالد والزوج فلو حلف الولد أو الزوجة ولم يطلعا على حلفهما أو لم يمنعا مع علمهما به صحّ حلفهما ووجب الوفاء به.

( مسألة 1269 ) : إذا ترك المكلّف الوفاء بيمينه نسياناً أو اضطراراً أو إكراهاً أو عن جهل يعذر فيه لم تجب عليه الكفارة ، مثلاً إذا حلف الوسواسي على عدم الاعتناء بالوسواس ، كما إذا حلف أن يشتغل بالصلاة فوراً ، ثم منعه وسواسه عن ذلك فلا شيء عليه إذا كان الوسواس بالغاً إلى درجة يسلبه الاختيار وإلاّ لزمته الكفّارة.

أسئلة واجوبة مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني دام ضلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن