كتاب الصوم
وفيه فصول:
الفصل الأول: نية الصوم
مسألة 970: يعتبر في الصوم ــ الذي هو من العبادات الشرعية ¬ـ العزم عليه على نحو ينطبق عليه عنوان الطاعة و الخضوع لله تعالى، ويكفي كون العزم عن داعٍ إلهي وبقاؤه في النفس ولو ارتكازاً، ولا يعتبر ضم الإخطار إليه بمعنى اعتبار كون الإمساك لله تعالى وإن كان ضمه أولى، كما لا يعتبر استناد ترك المفطرات إلى العزم المذكور، فلا يضر بوقوع الصوم العجز عن فعلها أو وجود الصارف النفساني عنها، وكذا لا يعتبر كون الصائم في جميع الوقت ــ بل في شيء منه ــ في حالة يمكن توجه التكليف إليه، فلا يضر النوم المستوعب لجميع الوقت ولو لم يكن باختيار منه كلاً أو بعضاً، ولكن في إلحاق الإغماء والسكر بالنوم إشكال فلا يترك الاحتياط للمغمى عليه إذا كان مسبوقاً بالنية وأفاق أثناء النهار بتمام الصوم وإن لم يفعل فالقضاء، وللسكران مع سبق النية بالجمع بين الإتمام إن أفاق أثناء الوقت والقضاء بعد ذلك.
مسألة 971: لا يجب قصد الوجوب والندب ولا الأداء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به، نعم إذا كان النوع المأمور به قصدياً كالقضاء والكفارة ــ على ما سيأتي ــ لزم قصده، ولكن يكفي فيه القصد الإجمالي كالقصد إلى المأمور به بالأمر الفعلي مع وحدة ما في الذمة.
مسألة 972: يعتبر في القضاء قصده، ويتحقق بقصد كون الصوم بدلاً عما فات، ويعتبر في القضاء عن الغير قصد النيابة عنه في ذلك بإتيان العمل مطابقاً لما في ذمته بقصد تفريغها، ويكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد النيابة عن الغير، وإذا كان ما في ذمته واحداً مردداً بين كونه القضاء عن نفسه أو عن غيره كفاه القصد الإجمالي.
مسألة 973: يعتبر في الصوم ــ كما مرّ ــ العزم عليه وهو يتوقف على تصوره ولو بصورة إجمالية على نحو تميّزه عن بقية العبادات، كالذي يعتبر فيه ترك الأكل والشرب بما له من الحدود الشرعية، ولا يجب العلم التفصيلي بجميع ما يفسده والعزم على تركه، فلو لم يتصور البعض ــ كالجماع ــ أو اعتقد عدم مفطريته لم يضر بنية صومه.
مسألة 974: لا يقع في شهر رمضان صوم غيره وإن لم يكن الشخص مكلفاً بالصوم كالمسافر، فإن نوى غيره متعمداً ــ بطل وإن لم يخل ذلك بقصد القربة على الأحوط لزوماً ــ ولو كان جاهلاً به أو ناسياً له صحّ ويجزئ حينئذٍ عن رمضان لا عما نواه.
مسألة 975: يكفي في صحة صوم رمضان وقوعه فيه، ولا يعتبر قصد عنوانه، ولكن الأحوط استحباباً قصده ولو إجمالاً بأن ينوي الصوم المشروع غداً، ومثله في ذلك الصوم المندوب فيتحقق إذا نوى صوم غد قربة إلى الله تعالى إذا كان الزمان صالحاً لوقوعه فيه وكان الشخص ممن يجوز له التطوع بأن لم يكن مسافراً ولم يكن عليه قضاء شهر رمضان، وكذلك الحال في المنذور بجميع أقسامه، إلا إذا كان مقيداً بعنوان قصدي كالصوم شكراً أو زجراً، ومثله القضاء والكفارة ففي مثل ذلك إذا لم يقصد المعين لم يقع، نعم إذا قصد ما في الذمة وكان واحداً أجزأ عنه.
مسألة 976: وقت النية في الواجب المعين ولو بالعارض عند طلوع الفجر الصادق على الأحوط لزوماً، بمعنى أنه لا بد فيه من تحقق الإمساك عنده مقروناً بالعزم ولو ارتكازاً لا بمعنى أن لها وقتاً محدداً شرعاً، وأمّا في الواجب غير المعين فيمتد وقتها إلى ما قبل الزوال وإن تضيق وقته، فله تأخيرها إليه ولو اختياراً، فإذا أصبح ناوياً للإفطارِ وبدا له قبل الزوال أن يصوم واجباً فنوى الصوم أجزأه، وإن كان ذلك بعد الزوال لم يجز على الأحوط لزوماً، وأما في المندوب فيمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية.
مسألة 977: يجتزأ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر، فلا يعتبر حدوث العزم على الصوم في كل ليلة أو عند طلوع الفجر من كل يوم وإن كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازاً ــ على ما سبق ــ ويكفي هذا في غير شهر رمضان أيضاً كصوم الكفارة ونحوها.
مسألة 978: إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع أو للجهل بهما ولم يستعمل مفطراً ثم تذكّر أو علم أثناء النهار يجتزئ بتجديد نيته قبل الزوال، ويشكل الاجتزاء به بعده فلا يترك الاحتياط بتجديد النية والإتمام رجاءً ثم القضاء بعد ذلك.
مسألة 979: إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان، وإذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية، وإن صامه بنية رمضان بطل، وأما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه ــ إما الوجوبي أو الندبي ــ حكم بصحته، وإن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً وإن كان من رمضان كان وجوباً صحّ أيضاً، وإذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه من رمضان جرى عليه التفصيل المتقدم في المسألة السابقة.
مسألة 980: تجب استدامة النية إلى آخر النهار، فإذا نوى القطع فعلاً أو تردد بطل وإن رجع إلى نية الصوم على الأحوط لزوماً، وكذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته، وإذا تردد للشك في صحة صومه لم يضر بصحته، هذا في الواجب المعين، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شيء من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال.
مسألة 981: لا يصح العدول من صوم إلى صوم وإن بقي وقت المعدول إليه، نعم إذا كان أحدهما غير متقوم بقصد عنوانه ولا مقيداً بعدم قصد غيره ــ وإن كان مقيداً بعدم وقوعه ــ صح وبطل الآخر، مثلاً: لو نوى صوم الكفارة ثم عدل إلى المندوب المطلق صح الثاني وبطل الأول، ولو نوى المندوب المطلق ثم عدل إلى الكفارة وقع الأول دون الثاني.
أنت تقرأ
أسئلة واجوبة مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني دام ضله
Espiritualهنا سانقل بعض فتاوى السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله )