الفصل السابع

4.8K 165 1
                                    

(الفصل السابع)
جالسة بحديقة المنزل تمسك برواية بين يديها تتظاهر بقراءتها وعقلها
تدور به التساؤلات...
أين هو كارلوس؟؟ وما هو السر وراء اسئلة صوفيا الملحة بمعرفة رأيها
بزيجتها وتقديم أو تأجيل موعد الزفاف؟؟
لماذا تسألها الآن خاصة فهي من البداية لم يهتم أحد بمعرفة رأيها؟؟!
تنهدت بصوت مسموع لتشعر بعينين مسلطتين عليها فرفعت بصرها
لتقابلها عينا ألفارو الغامضتين..
نبض قلبها بقوة وعلقت أنفاسها بحلقها وهي تراه يتقدم منها بخطوات
واثقة كعادته..ارتبكت وأخذت تفرك يديها ببعضهما كعادتها عندما تتوتر
لاحظ حركة يديها فارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهو يقترب منها
مقبلا وجنتها برقة خالفت مظهره القاس..
ارتبكت من حركته فهو لم يسبق أن قبلها أو اقترب منها بتلك الطريقة من
قبل ازداد ارتباكها وهي ترى نظراته الغامضة لها ويديه تمسكان بيديها
وهو يساعدها على الجلوس قائلا:" كيف حالك إيميليا؟؟"
" بخير شكرا لك"
همست بها إيميليا وهي تنتظره أن يصرح بسبب الزيارة..
جلس بحانبها على الأريكة مما سبب تقافز بنبضات قلبها وهي تتحرك
مكانها بعدم راحة ثم أمسك بيدها بين أنامله وهو يقول:
"لا تتعجبي من طريقتي الجديدة معك فهذه ستكون طريقتنا معا من الآن
فصاعدا"
نظرت له بعدم فهم لتصعق بشفتيه التي انطبقتا على شفتيها برقة أذابتها
وجعلتها تفتح فمها طواعية لتلقي قبلته قبل أن يبتعد عنها فجأة لتجد
والديها أمامها ينظران إليهما بصدمة..
لم تستطع النطق ليجيبهما ألفارو على تساؤلاهما الصامت مخرجا إياهما
من صدمتهما :
"ماذا نفعل وقد أجبرتمونا جميعا على إخفاء حبنا بتصميمكما على تزويج
إيميليا بأخي كارلوس؟!"
" ولماذا لم تخبرانا ؟؟"
قالت والدتها والتي كانت أول من تجاوزت الصدمة ليجيبها ألفارو:
" لم نستطع مواجهتكم جميعا ولكن رؤية تصميمكم على إتمام الزفاف
بأقرب وقت جعلني أخبر كارلوس بمشاعرنا وهو قدرها وكان يريد
الحضور معي لإخباركم ولكنني منعته و....."
"ولكنني أتيت على كل حال أخي.. لم أستطع أن أترككما تتحملان
اللوم وحدكما على خطأ أنا الوحيد الملام عليه"
التفتوا جميعا إلى كارلوس الذي حضر على غفلة منهم ليجدهم على وشك
مهاجمة ألفارو وإيميليا ليدافع عنهما ويتحمل اللوم وحده
تقدم ليقف بجانب شقيقه وهو يقول:
"أنا الملام لأنني من البداية اعتبر إيميليا بمثابة شقيقة لي ولم أرها يوما
كزوجة فكان لابد أن أرفض كما أنني واقفت على إتمام الزيجة دون التأكد
من حقيقة مشاعرها تجاهي"
" بل أنا المخطئ لأنني لم أتأكد من مشاعر ابنتي قبل أن أزج بها بتلك
الزيجة ولكن لم يفت الأوان بعد ومنذ اللحظة سيكون لي ردا قاسيا على
هذه المهزلة التي ....."
قاطعته إيميليا على استحياء وهي تقول:"ولكني أحبه أبي"
نظروا لها جميعا لتكمل:
" أنا أحب ألفارو ولن أتخلى عنه فلا تقف أمام سعادتي أرجوك"
لم يستطع تحمل نظرة الرجاء بعينيها ولا نبرتها المتوسلة فانصرف غاضبا
من نفسه أكثر من غضبه منهم..
كيف وضع ابنته الوحيدة بموقف كهذا؟؟
كيف لم يتأكد من مشاعرها تجاه من اختاره لها زوجا؟؟
ربما صمتها هو من أوهمه بموافقتها.. وربما المكاسب التي عادت عليه
من الزيجة جعلته ينسى سعادة ابنته..
فهل كان سيضحي بسعادة ابنته أمام بضعة مكاسب مادية لا تجدي نفعا؟!
تبعه كارلوس وخلفه والدتها ليتركاهما معا بمفردهما..
التفت إليها ليجدها عادت للجلوس مكانها فوقف أمامها وهو يقول ببرود:
"بالطبع أنت تعلمين أن كل ذلك هراء وأنه ليس هناك حبا أبديا أو أي
شيء من هذا القبيل.. كل ما فعلته كان من أجل أخي الوحيد وسعادته ولكن
لا تقلقي.. سيظل الزواج قائما بموعده ولكن الاختلاف الوحيد هو أنني
سأكون الزوج المرتقب"
قلب مجروح ودمعة وحيدة تحاول التسلل من عينيها وهي تحاول مقاومة
سقوطها.. لم تنظر إليه وهي تقول:
"وأنا لم أفعل ذلك إلا من أجل كارلوس فهو بمثابة شقيق لي وقد علمت
أنه يحب أخرى ولكن هذا الزواج المرتقب على حد قولك لن يتم فأنا....."
قاطعها بنزق:
"سيتم رغما عنك إيميليا.. من أجلك قبل أن يكون من أجل أي أحد آخر"
قبل أن ترد عليه كان قد غادر وتركها بقلب مجروح وكرامة مهدورة..
                                        ،،،،،،،،،،،،
انتهى الحفل وميا على وشك الانهيار ..
لم تستطع أن تلتقط أنفاسها فهو يتابعها بنظراته الغامضة طوال الحفل
مما جعلها تتساءل هل تذكرها مثلما تذكرته؟؟
وعادت لتسخر من نفسها..هي تذكرته لأنه الوحيد الذي اقترب منها إلى
هذا الحد وأثر فيها بتلك الطريقة ولكن لماذا سيتذكرها هو؟؟
فهو تتتهافت عليه النساء أينما حل كما أنه يبيت ليلته يوميا مع امرأة
مختلفة فكيف يتذكر تلك الفتاة الساذجة التي أغوته ثم ارتعبت بعدها
وغيرت رأيها؟؟
صعدت إلى السيارة بجانبه وقلبها يخفق بقوة..
هي كانت تتمنى لقائه منذ قابلته ولكن بعدما تعرفت إليه عن قرب خشيت
أن يعرف أنها نفسها من كاد يقضي ليلته معها بيوم ما..
فقد أصبحت تتوقع رد فعله جيدا وهو لن يمرر هذا الموضوع لها أبدا وهي
بحاجة ماسة للعمل و.....له!!
صدمها تفكيرها بقوة.. كيف تعلقت به بهذه الفترة القصيرة؟؟
أم أن تعلقها وتفكيرها عائدا إلى شهور مضت منذ أول مقابلة بينهما..
انتبهت من تفكيرها على لمسة يديه التي تنبهها أن السيارة تقف أمام المبنى
الذي تقطن به فتمتمت بتحية سريعة وهي تترجل من السيارة تقاوم النظر
إليه على ضوء ما اكتشفته اليوم وخوفا من رؤية تعابيره الغامضة التي
تزيد قلقها وخوفها..
تابعها بنظره حتى اختفت داخل المبنى ثم أمر السائق أن يتحرك لشقته
لن يذهب إلى منزل العائلة الليلة.. يكفيه المفاجأة التي صدمته اليوم..
هو لن يمررها لها أبدا.. لن يصمت على خداعها له..
هل تتخيل أنها لو اثبتت له كفاءتها بالعمل سيوافق على زواجها من
كارلوس؟؟
إذا فهي تتوهم.. لن يوافق على زواجها من ابن عمه ولو كانت آخر امرأة
على وجه الأرض وهذا قرار نهائي..
أم أن الموضوع أكبر من ذلك وهي تسعى لشيء أكبر من كارلوس؟؟
هل تسعى إليه هو؟؟
هل علمت أنه أكثر ثراءا من كارلوس لذا تحاول خداعه بتمثيل البراءة
عليه وأنها تعمل لتكسب قوتها بدلا من النصب على الأثرياء؟!
قهقه بسخرية وعينيه تنطقان بالقسوة وشيئا آخر يلمع بداخلهما..
شيئا يشعر به ولكنه لا زال لا يعلم كنهه..
وعدها بداخله أن تحصل على ما يلائم مثيلاتها..
                                   ،،،،،،،،،،،،
أحيانا نخطط للكثير من الأشياء بحياتنا ويحدث ما يهدم كل ما خططنا له..
يحدث كل ما يجعل أحلامنا الوردية مجرد أوهام ويحولها لكوابيس مخيفة
وإيميليا حلمت دوما ب ألفارو.. النبيل الأسباني الذي سيخطفها على
حصانه كما يحدث في الروايات الشغوفة بقراءتها..
حلمت أن يحبها.. بل يجتاحها بحبه.. أن تعترف له بحبها العميق له منذ
مراهقتها..
أن تخبره عن مدى العذاب الذي لاقته وهي خطيبة لشقيقه بالاكراه..
أن يخبرها متى عشقها وكيف تعذب بحبها..
كيف حلم باليوم الذي سيجمعهما معا.. وكل تلك العبارات الحالمة التي
تقرأها دوما بين المحبين..
وعندما سمعت كلماته ظنت للحظة انه يحبها بالفعل وإحساسه أنها تتسرب
من بين يديه هو ما جعله يفيق ويحارب من أجل حبه..
وتحطمت ظنونها وأحلامها كلها على صخرة قسوته وبروده..
نبرته الباردة وكلماته القاسية جعلت كل أحلامها تتحطم بقسوة آلمت قلبها
ولكنها عزمت على أن تذيقه مما أذاقها اياه..
ستنتقم منه وتشفي جروح قلبها..
ستجعله يقع بحبها ثم..... تتركه
لن تبالي بحديث الناس عنها فمن اهتم عندما تم جرحها مرتين؟!
مرة عندما خطبت رغما عنها ومرة عندما جرحها من تحبه بقسوة وبرود..
                                        .........
الحب أحيانا يجعلنا أقوى ما يمكن وأحيانا أخرى يجعلنا أضعف ما يمكن..
وآنيت وجدت نصفها الآخر وتوأم روحها ب كارلوس..
كل منهما شعر بالإكتمال عندما تقابلا .. شعرا أنهما كانا يبحثان طوال
حياتهما عن شيء ولم يجداه سوى حين تقابلا ووقعا فى الحب..
حبهما جعلهما أقوى .. جعلهما يحاربان الجميع ليثبتا أن حبهما هو القاعدة
الثابتة وأن دون ذلك من شواذ القاعدة..
ورغم الحب الكبير الذي يسكن قلبيهما إلا أنهما يشعران أنه ينقصهما
شيء..
فهل هو معرفة الجميع بزواجهما؟؟
أم مباركة العائلة لزواجهما؟؟ أم الشعور بفرحة الطفل المنتظر؟؟
"ألم تصل لمكانها بعد كارلوس؟؟"
قالتها آنيت بحزن ليضمها كارلوس إليه بحب وهو يهمس لها:
"هل أنت متعمدة أن تفسدي مفاجأتي لك؟؟"
نظرت له بعدم فهم ليتابع:
" لقد وصلت لمكان ميا وسأحضرها لك غدا"
تعلقت بعنقه بفرحة وهى تهتف:
"حقا كارلوس؟؟ أين هي ؟؟ وكيف ستحضرها إليّ ؟؟"
قهقه عاليا وهو يضمها أكثر إليه ويقول:
"لا لن أخبرك مجانا هكذا"
" حسنا ماذا تريد حتى تخبرني؟؟"
غمزها بمكر لتبتسم بحب وهي تقترب منه مقبلة إياه وقبل أن يتيها بأروقة
العشق أفلتت منه وهي تحثه على إخبارها بكل شيء
تظاهر بالحزن وهو يهتف:
"يبدو أن ميا ستأخذك مني ولن أستمتع بقبلاتك بعد اليوم"
ضحكت وهي تضم نفسها إليه قائلة:
"على العكس حبيبي.. عندما اطمئن على شقيقتي لن يرحمك مني أحد"
واتبعت كلامها بغمزة شقية جعلت قلبه ينبض بحب وهو يشكر الله أن
قابلها بتلك العطلة التي غيرت حياته بأكملها
أخبرها أنه علم أنها جاءت لبرشلونة منذ فترة وظل يبحث عنها ويتتبع
أخبارها حتى علم أنها تعمل لديهم بالشركة ووقتها علم أنها حلت محل بيث
مديرة مكتب خوان
لاحظ تغير وجهها والخوف الذي لمع بعينيها عندما نطق باسم خوان
فانتابته غصة وحول مجرى الحديث ليرى ابتسامتها من جديد..
                                        ،،،،،،،،،،
قضت عطلة نهاية الأسبوع بغسيل ملابسها وترتيب أمورها قبل العودة
إلى العمل وهي تحاول تجاهل مشاعرها الوليدة تجاه رب عملها..
تحاول شغل نفسها عن التفكير به وبمشاعرها تجاهه..
هي كانت تسخر دوما ممن تقعن بحب مديرها بالعمل لتقع هي بنفس
الخطأ..
هي تعلم أن أمثال خوان ينظرون إلى مثيلاتها نظرة دونية وهو ليس
باستثناء مهما أعجب بعملها أو حتى بها لن تتغير نظرته إليها ..
هي من طبقة أقل منه بكثير.. هي امرأة عاملة من عامة المجتمع ذات
جمال أقل من العادي.. جمال لا يجذب إليها أمثال خوان وهي قد شاهدت
من يرافقهن..
حسناوات صهباوات ذوات حسب ونسب معروف ..
أمثال صديقته ماريسا.. تلك المرأة الراقية الفاتنة ذات الأصل العريق
والتي من الواضح أنها شيء خاص بالنسبة لخوان..
لقد أحبتها كثيرا وشعرت معها بالألفة وعدم التكلف الخاص بمثيلاتها..
بسيطة هي رغم ثرائها الواضح ورغم علاقته الغامضة بخوان والتي لم
تستطع أن تجعلها تكرهها أو تغار منها..
صدمها تفكيرها .. تغار على من؟؟ وممن؟!
يبدو أن شمس أسبانيا جعلت الجليد حول قلبها يذوب..
لقد ظنت أنها تحب مايكل يوما ولكن مشاعرها تجاه خوان مختلفة تماما
عن مشاعرها الواهية تجاه مايكل..
ولكن ما تختبره مع خوان مشاعر أعمق كثيرا وأرقى..
فهي كلما تراه تشعر أنه تولد من جديد..
أنها كانت تنتظر شيئا منذ زمن طويل ورؤيته تشعرها بالإكتمال..
ولكنها مجبرة أن تخفي مشاعرها تجاهه .. فهو رب عملها الثري المغرور
ولن تستطيع العمل معه لو علم حقيقة مشاعرها تجاهه وهي تحتاج العمل
كثيرا كما تحتاج أن تظل بجانبه حتى ولو كانت مجرد موظفة بالنسبة
إليه..
ذهبت في اليوم التالي إلى العمل لتجد مفاجأة بانتظارها..
دلفت إلى مكتبها لتجد رجلا وسيما بأواخر العقد الثاني ينتظرها..
نظرت له بتساؤل سرعان ما ترجمته لكلمات وهي تسأله عما يريده ليقدم
نفسه إليها لتفاجأ أنه كارلوس حبيب شقيقتها الذي تبحث عنه منذ حضورها
لبرشلونة..كادت أن تلقي بنفسها بين ذراعيه تعبيرا عن سعادتها بإيجاده
طمأنها على شقيقتها وأخبرها أنه سيأخذها لها بعد انتهاء عملها بالشركة
ظلت تسأله على شقيقتها وصحتها والطفل ليجيبها على كل أسئلتها
بهدوء وسعادتها تنتقل إليه تدريجيا وهو يرى تقبلها لوجوده بحياة آنيت
وحماسها لمقابلتها كان يعانقها مغادرا وهو يخبرها أنه سيمر عليها بعد
انتهاء الدوام حين دلف خوان ليرمقهما بنظرة غريبة ثم يأمرها باحضار
الأوراق المطلوب توقيعها دون أن يوجه كلمة واحدة لكارلوس..
انصرف كارلوس حزينا من رد فعل ابن عمه الأكبر وهو يحاوب أن
يتحلى بالصبر حتى يتقبل الجميع زواجه بآنيت..
دلفت إلى مكتبه وهي تشعر بالتوتر.. هل سيسألها عما كان يفعله كارلوس
لديها؟؟ أم أنه علم بالفعل أنها تكون شقيقة حبيبة ابن عمه؟؟
وهل سيتقبل هذا الوضع أم لا؟؟
ظل يلقي عليها بتعليماته ويستمع للمواعيد التي لديه قبل أن تنصرف لتقوم
بما عليها وقد انتابها القلق من نظراته الغامضة إليها ومن عدم سؤاله عن
كارلوس وما كان يفعله بمكتبها..

نوفيلا حين عشقت بقلمي حنين أحمد (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن