الحلقة الثانية عشر

1.2K 128 16
                                    

..آن الآوان لإنتقال علي رضا إلى الثانوية، بعد أن كانت مؤسسة الشهيد متكّفِلة بتعليمه في إحدى المدارس التابعة لها..

▫️لا أُخفِي عنكم أن جَوّ الثانوية كان غريباً عليَّ بداية الأمر، من حيثُ التهاون في النظام المدرسي وكثرة عدد الطلاب.. لكن سرعان ما تكاثر حولي الأصدقاء وإعتدتُ على هذا الجوّ.

🔹لقد تغيَّر شيءٌ ما بداخلي، لا أدري ما هو ! لكنني بعد أن كنتُ راضِياً بوضعِنا المعيشيّ، قانِعاً بكل ما تُقدّمه لي أمي، صرتُ كثير المُتطلبات، وأول شيءٍ أصرَّيتُ على شرائِه كان الهاتف النقّال، رُغم أني أعرف تماماً أن والدتي غير متمكِّنة من شرائه لي، فَيَكفِيها مُتطلبات المنزل والمدرسة..
وأنا أصلاً لا أحتاجه لأمرٍ ضروري، لكن جميع أصدقائي كانوا يحملون أحدَث أنواع الهواتف، ويُخبِئونها في المِحفظة وقت الحصص الدراسية..

🔸مع ذلك، لم تشأ أمي أن تحرمني شيء، فتكلَّمت مع خالي وأعطاها مبلغاً لذلك..
😔 يا لحماقتي حينَها كيف كلَّفتُ أمي ما لا نستطيع حِمله !

▫️كانَت هذه أول صفعةٍ لي من إبليس اللعين !

🔹إشتَّدَ تواصلي وتقرُّبي مع هؤلاء الأصحاب، لم يتركوا لي مجالاً لأجلس مع نفسي أتفكر في أمري كما كنتُ في سابق عهدي.. فكانوا لا يفارقوني في المدرسة، ولا يتوقفون عن إرسال الرسأئل والإتصال بي بعد المدرسة، وكأنما احدٌ ما قد سلَّطتهم عليّ !

😔 لا تتعجبوا إن قلتُ لكم أنهم تركوا في نفسي أثراً، فتصرفاتي باتَت كتصرفاتهم، حتى لهجة كلامي أصبحت كلهجتهم كالتكلُّم بصوتٍ مرتفع والتلَّفُظ ببعض العبارات السيئة..

🔸وبعد أن كان ذكر صاحب الزمان (عجّل الله فرجه الشريف) لا يُفارق فِكري، أصبح كل إهتمامي مُتابعة وتشجيع النوادي الأوروبية في كرة القدم، وتعلّقتُ ببعض اللاعبين المشهورين، فكان لا يخلو هاتفي من صورهم..

🔹كثيرةٌ هي الليالي التي كنت أجتمع فيها مع اصدقائي في إحدى المقاهي لمتابعة المباريات إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل، فأعود إلى المنزل مُرهقاً من السهر، أُخيَّرُ نفسي بين النوم وصلاة الليل، فأتثاقَل وأتكاسَل وأغفُو مُتجاهلاً تلك الساعات التي كانت أُنسي ولذَّتي..

🔸علمّني أصحابي على بعض مواقع التواصل الإجتماعي وشجعوني على تحميلها، صار من عادتي أن أُمسِك هاتفي قبل النوم لأقوم بجَولةٍ على بروفايلات زملائي وأشاهد صوَرهم وتعليقاتهم، وكنت أشعر بداخلي أنني أريد أن أمتَثِل بهم، وأعرض صُوَري مُتفاخراً بملابسي والأماكن التي أزورها، لكنّي كنتُ أمتنِعُ عن ذلك بحُجة أنها غير ملائمة بما يقومون هم بنشره..

🔹تلك الجَولة على مواقع التواصل التي كنتُ أُوهِمُ نفسي أنها لدقائق معدودة، كانت تمتّدُ لتصبح ساعاتٍ وساعات !
كان الوقت يمرّ من دون أن أشعر به، ولا أُنكِرُ أنه بسبب هذا الأمر صِرتُ لا أتمكَّن في بعض الأيام من الإستيقاظ لصلاة الصبح!😔

🔸حتى أنه هَانَ عليّ تأخير صلواتي عن أول وقتها، فكنتُ إذا صليتُ ركعتين شعرتُ وكأنهما حِملٌ ثقيلٌ على ظهري، كل همّي منذُ تكبيرة الإحرام متى أنتهي من صلاتي😔 ذِهني يطير من مكانٍ إلى آخر، تارةً أفكِّرُ بالطعام، وتارةً أتأمل زخارف السِتارة أو السجّادة، وتارةً أنظِّم وقتي لِمَا بعد الصلاة وتارةً .. وتارةً.. كنتُ أذكرُ كل شيءٍ في صلاتي إلا الله !

😔 أين أنا من تلك السعادة التي كانت تغمُرني عند سماع صوت الآذان؟! أين أنا من تلك الرائحة الطَيّبة التي كنتُ أتحسَسُها في لِقائي مع الله ؟!

🔹في إحدى الليالي، عُدتُ من منزل صديقي متأخراً، وما إن دخلتُ غرفتي حتى رأيتُ دفتراً على سريري.. إقتربتُ وفتحتُه وإذا به دفتري الذي كنتُ قد خصّصته لمراقبة نفسي ومحاسبتها في كل ليلة، لقد فَهمتُ أن والدتي قصدَت وضعَهُ على السرير في محاولةٍ منها لإيقاظي من الغفلة التي كنتُ أعيشها..

🔸قلّبتُ صفحات الدفتر، فكان مُعظمه خالياً، لا يوجد في طيَّاتِه غير خُطواتٍ وأعمالٍ نسيتُ أنّي قد كتبتُها يوماً بشغفٍ وإقبال..

😔أغلقتُ الدفتر بحزنٍ وألم، بعدها وقعَ نظَرِي على نافدة غُرفتي، تلك النافذة التي كنتُ أنتظر الإمام المهدي (عليه السلام) عندها لليالي، وأُناجيه لساعات..

🔹إقتربتُ من النافذة، فتحتُها وبداخلي شعورٌ غريب....

سيد حسيني

يتبع غدا إن شاء الله 🙏

كنت في أنتظارك 💔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن