الحلقة الرابعة عشر

1.1K 124 10
                                    


🔹أظنُّ أنني اليوم قد قدّمتُ له نفسي على طبقٍ من فِضّة لينتقِمَ مني... والآتي أعظم !

نعم 😔 فتِلك الإبتسامة قد تركَت جُرحاً عميقاً في روحي، تلك الروح التي كانت تُحلِّق في رياض القرب الإلهي، اليوم قد دفنتُها تحت التراب بيَدَي، ومنذ ذلك الحين صارت الحُجب تتراكم على قلبي أكثر فأكثر، والسواد ينتشر في قلبي كالمرض الفتّاك..

🔸لا أُخفيكم سِراً، صحيحٌ أني قد إنغمستُ في متاع الدنيا، خاصةً بعد أن أصبح لديّ حبيبة، وصار همّي المال والجمال.. إلا أنني لم أكُن يوماً سعيداً، كنتُ أشعر بذلك الظلام الذي يضغَط على صدري، كنتُ أعِي تماماً أن هذا الإنسان ليس أنا ! ليس علي رضا ! كنتُ أعرف أن مكاني ليس هنا !
لكن هل من سبيلٍ للرجوع ؟!

🔹أمّا الذنبُ الأعظم الذي كسر ظهري، وسلَبني كل تلك الحالات المعنوية والطمأنينة، كان سوءُ تعامُلي مع والدتي 😔

🔸ريم تلك الفتاة المُترَفة التي تحب التفاخر صارت حبيبتي، وأنا صرتُ مضطراً لشراء الكثير من الملابس الأنيقة، وهاتفاً حديثاً و..و.. فقط لأنال إعجابها ورضاها ! وهذا ما جعلني ضيّق الخُلق وكثير العصبية !
كم كنتُ غبياً راكِضاً خلفَ دنيا لا يُدرِكها طالبُها مهما سعى وراءها!

🔹أمّا والدتي، فكانت في كل ليلة عند إستيقاظِها لصلاة الليل تسمعُ حديثي الطويل مع ريم، كانت تدخُل عليّ لعَلّي أخجلُ من ربّي وأقوم لمناجاته بدَل لغوي ولهوي مع من لا يحِلّ لي..
لكنها لم تُجبرني يوماً على صلاة الليل، فهي تريد أن تكون عبادتي لله رب العالمين خالِصة لوجهه الكريم، نابعةً من قلبي وإرادتي وليس إجباراً أو رياءً..
كما أنها حاولت مِراراً وتكراراً وبالأسلوب اللطيف أن تشرح لي عواقِب تصرّفي وخَلوتي على الهاتف مع هذه الفتاة، إلا أني كنتُ أُجيبها بقِلّة حيائي مُتأفئِفاً من وضعنا المادي المَيسور..

🔸إلى أن أتَت تلك الليلة المشؤومة😔 في ذلك اليوم، تأخرتُ في الرجوع إلى المنزل كعَادتي، لكن عند وصولي تفاجئتُ بأمي، فهي لا تزال مستيقظةً تنتظرُني عند أعتاب الباب، إقتربتُ منها ورائحة التبغ تفوح مني !

بادرَتني بالقول والعَبرة تخنُقها : 🌸 أين كنتَ يا علي رضا ؟ ألا تقول أنه لديك أم قلبها يغلي قلقاً عليك !!

🔹خشيتُ أن تشمّ رائحتي، فأردتُ أن أُسكِتها وأُسرع إلى غرفتي، فصرختُ في وجهها قائلاً : ▫️وهل ترَيْن أني ما زلتُ طفلاً صغيراً حتى تقلقي عليّ !!

وأسرعتُ إتجاه غرفتي مُتجاهلاً وقوفها أمامي، فردَّت عليّ بحرقَة والدموع في عيْنَيها : 🌸 ليتَك تعود ذلك الطفل !! أتظنُ أن والدك راضٍ عن فِعلك هذا ؟! ألا تشمّ رائحتك الكريهة !

🔸في تلك اللحظة لا أدري ماذا فعلتُ ! لا أدري كيف أحرقتُ قلبها الرقيق بكلامي القاسي، لا لستُ أنا من تكلَّم مع والدته بتلك النبرة 😔 بل هو ذلك الشيطان الذي استغَّل غضبي وتغلغل في قلبي ليدفعني إلى أن أقول لها ذلك😔

فقلتُ لها بنبرةٍ خشِنة وأنا أنظر إليها نظرة مقت : ▫️لو كان والدي حيّاً، على الأقل لما كان وضعُنا الماديّ هكذا !!

🔹جلسَت على ركبتيها تبكي بألمٍ وحسرة، لكني تجاهلتها ودخلتُ إلى غرفتي، كنتُ أريد بشدّة أن أرجع إليها، أضمّها وأعتذر منها، لكنني خجلتُ من ذلك وما فعلت، بل اتصلتُ بريم عسى أن أنسى بحديثي معها فِعلي وجُرمي..

🔸أمّا أمي المسكينة، ففي تلك الليلة لم تنَم، بل بقِيَت في مُصلاها حتى شروق الشمس، تدعو الله لهدايتي، راكعةً ساجدة، تُصلّي صلاة جعفر الطيّار برجاء أن يمُنَّ الله عليها ويعيد لها ولَدها الذي ضاع من بين يدَيها في مضِّلات الفِتَن.. وضاع معه حُلم والدهِ بأن يكون من الصالحين المُمَهِّدين لظهور قائم آل محمد عليهم السلام..

🔹في تلك الليلة، بعد أن غرقتُ في نومٍ عميق وأمي غير راضية عني، رأيتُ في عالَم الرؤيا وكأن...

سيد حسيني

كنت في أنتظارك 💔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن