الحلقة الثالثة

1.9K 167 17
                                    

🔹تلَّقَت عائلة الشهيد نبأ إستشهاد إبنهم الحاج جهاد، لم يكن وَقعُ الخبر سهلاً على قلب أمِّه، لقد فُجِعَت لإفتقاده، فجهاد ليس إبناً عادياً، لقد كانت متعلقةً به كثيراً، فهو كان باراً بها، حنوناً عليها، رحيماً بها.. لقد إستمرَّ حتى آخر حياته يُقبِّل يدَيها، ويخدمها، ويطلب رضاها كطفلٍ صغير..

🔸كان يُحسِن إليها من كل قلبه، رغم أنها أحياناً كانت تغضب وقد تقسو عليه بكلماتها.. لكنّه كان حريصاً على طاعة ربّ العالمين والإلتزام بما وصى به الربّ العظيم {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}

🔹{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} لقد سعى جهاد لأن يُطبِّق هذه الوصية من صميم قلبه، فكان نِعمَ الإبن البَّار الصالِح، لكن ما صبَّر قلب أمِّه هو أنها واسَت نفسها بفاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وبالعقيلة زينب، وبأم البنين (عليهما السلام) وبأمَّهات الشهداء الذين قضوا بين يدَي أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

🔸أمَّا زوجتُه زينب، فقد شعرَت أنها فقدَت قلبها وروحها، تذرف دموع الحسرة لإفتقاده تارةً، وتحضن ولدها علي رضا تارةً أخرى، تشّمُه وتقبِّله، أخذت تمسح على رأسه فصار يبكي لبكائها..

🔹مسحت دموعها بكل إيمانٍ، وهمست في أذن طفلها : 🌸 حبيبي لا تبكي فأباك لم يرحل، هو قريبٌ منا وسوف يأتي دائماً لزيارتنا، إنه يُهيء لنا بيتاً في الجنة في جوار محمدٍ وأهل بيته (عليهم السلام)..

🔸 قبلته مجدداً، شمَّته : 🌸 آه أشمُّ فيك رائحة جهاد يا قرة عيني😔 سأحرصُ على تربيتك بأشفار عيوني لأحقق الحلم الثاني الذي طالما حلم به أباك، ستكون إن شاء الله من الصالحين يا علي رضا ؟

ربما لم يفهم تلك الكلمات، لكنه نظر إليها وابتسم، ثم رمى نفسه في حضنها، وما لبث أن غفى على يدَيها.

🔹فقدان الأب السند والمعيل ليس بالأمر الهيِّن، لقد عانَت زينب الكثير من الصعوبات من أجل تربية طفلها، وسعت لكي تؤمن له العطف والحنان والأمان.. كان يكبر أمام عينَيها شيئاً فشيئاً، ولقد أصبح بحمد الله في المدرسة وسرعان ما ظهر ذكاؤه ونبوغه جلِيّاً، فحاز إعجاب الأساتذة ومحبتهم.

🔸ذات مرّة عاد علي رضا إلى البيت، فاستقبلته أمّه بحرارةٍ كعادتها واحتضنته، فقال لها : ▫️أمي!
أجابته : 🌸 نعم يا قرة عيني؟
قال: ▫️ أريد أن يصبح عندي أخ كبقية الطلاب في صفي! فصديقي في الصف محمد عنده أخ ينتظره كل يوم ويعودان سويّاً إلى البيت! وأنا أحب أن يكون عندي أخ مثله!

سيد حسيني

كنت في أنتظارك 💔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن