في السجن

357 30 19
                                    

شعور غريب عندما تكون علي بعد شعرة من الموت .. أكاد أكون في سكرات الموت .. كل شيء حولي ينفجر و أنا ملقي علي الأرض مصاب و الدم ينزف مني .. بالتأكيد لقد أصابني أحد القناصة .. خلعت القناع نظرت للسماء تكاد تكون صافية خلف تلك الإنفجارات و النيران و الدخان.. تكاد تكون صافية و زرقاء .. لازلت محتفظاً بذلك الحجر في جيبي أخرجته و تمسكت به .. تكاد تكون سكرات الموت قد بدأت و ينفرط عقد ذكرياتي أمامي و تتسارع الأحداث .. مهلاً أحتاج إلي أن أوقف الشريط ، ليعود للخلف ببطئ
إنها تلك اللحظة و أنا يتم نقلي لقسم الشرطة .. إنها ليست المرة الأولي لكنها تكاد تكون آخر مرة أتذكرها .. عندما فتشوني ولم يجدوا معي غير ذلك الحجر
بدأ الضابط يحقق معي فتكلمت قبل أن ينطق " مش هتكلم في أي حاجة غير لما يجيبولي الحجر بتاعي ، الحجر اللي كان معايا عاوزه "
لا إن الشريط متقدم جداً .. سأعيد الأحداث للخلف قليلاً

تلك اللحظة التي كنت أجلس فيها بكل هدوء .. كان المكان هادئ هدوء ليس له مثيل وكنت أجلس متربعاً ع الأرض وكأنني في جلسة يوجا حتي كسر الصمت صوت أقدام خُطى تمر و صوت باب يُفتح .. انه أمر عادي لكن ما جذب إنتباهي هو صوت شيء يتم جرّه ... سأخبركم بنبذة عن تلك المنطقة المحدودة التي أعيش فيها .. إنها غرفة و بجوارها غرفة و بجوارها غرفة أخري و تقابلها غرف إنه الحجز الإنفرادي أو الحبس الإنفرادي ..
لقد كان صوت الجرّ الذي كنت أسمعه هو شخص يتم أخذه أو سحله ليتم إعدامه ... أغلبهم يفقدون قدرتهم علي المشي في تلك اللحظات فيتم جرهم حتي حبل المشنقة .. ما لفت إنتباهي هو صوت حجر يسقط علي الأرض و يتدحرج حتي وصل إلي باب زنزانتي ..... غالباً إنه شيء تافه لكن أحياناً عندما تكون في منطقة الإنعزال و تعايش ذلك الصمت و الهدوء لفترة كبيرة شيء بسيط مثل ذلك قد يجذب إنتباهك .. وقفت و نظرت من تلك الفتحة الصغيرة في باب زنزانتي تلك الفتحة الصغيرة .. مسكت في القضبان الصغيرة فيها بكلتا يدي و نظرت لأجد ذلك الشخص الذي يتم جره لحبل المشنقة .. لم أرى وجهه لكن ما رأيته أثار قلبي و لم أكن أصدق ذلك .. رؤيته يتم جره إلي موته بهذه الطريقة و هو يبكي و يستشهد ... إنه شاب في مقتبل حياته أكاد أجزم أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين رغم أنني رأيته فقط من ظهره و نظرت لذلك الحجر الذي تدحرج حتي استقر أمام باب زنزانتي .. لقد كان حجر صغير و كانت حوافه كأنها مبرية متآكلة .. توقعت أنه بالتأكيد كان يحاول أن ينحت أو يحفر به في جدار زنزانته كلمة أراد أن يتركها للقدر .. لقد رأيت يده التي كان يمسك بها الحجر و كان التراب من النحت علي جدار الحائط يميزها و يغطي أنامله .. ربما كتب الكثير ليتم قراءته ... عند تلك اللحظة أصبحت مهووس بذلك الحجر و تلك الزنزانة
كان من الأحلام أن أخرج من مكاني لأنني كنت أنتظر أن يتم أخذي إلي مثواه مثوى ذلك الشاب .. أن يتم أخذي إلي حبل المشنقة الذي أخذ عليه هذا الشاب .. مختصر الجملة هو الموت ..لكنه كان مظلوماً في حبسه كان بالتأكيد ليكون في الجنة يلهو بينما أنا إن جاء موعدي فأنا أستحقه و أخشي أن يكون مكاني في الجحيم
كان أقصى أحلامي أن أستطيع أن ألتقط ذلك الحجر الذي يوجد علي باب زنزانتي
ثم ساد الصمت من جديد
كسر حاجزه  شيء لم يكن في الحسبان .. قدم لزنزانتي المتواضعة ضابط .. لم ألاحظ رتبته لأنه دخل زنزانتي و لم يكن يرتدي بذلته الميري بل كان يرتدي ملكي
" السلام عليكم يا بطل "

الفاسدونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن