الفاسدون

عالم جاتا

لن أنسي وجه حرفوش عندما رآني في وجهه عندما خرج من شقته .. وجدني أمام الباب
و عندما فتح الباب و فاجأته بكلمة " بخ " مع إبتسامتي كان صراخه مفاجئاً
" إيه ياعم شوفت عفريت ولا إيه "
.
" لا ولا حاجة بس .. فيه إيه ، لسة في حاجة تانية مش الموضوع خلص خلاص "
.
" يابو حمييد يابو حمييد .. جمد قلبك كدا ياعم ، بعت القضية و طلبت فلوس انت .. كنت عايز أقولك كدا والله .. الفلوس فلوس برضو ياعم الفلوس هتقعد .. اصرف بقى و ظبط حالك ..... أنت صاحبي ياعم مفيش أي شكر للراجل اللي خدمني
ما علينا ياسيدي .. في حد جايبلي أمانة عندك النهاردة و انت عارف طبعاً ان في مشاكل بيني و بين الحكومة وكدا عشان موضوع السفاح ده "
.
" أنا مش عايز مشاكل يا ..."
" الهيستيري .. بلاش يا سفاح دي عشان بتخيلي شرير "
" بالله عليك مش عايز مشاكل ، أنا محامي محترم و ..."
.
" يابو حمييد يابو حمييد انت حبيبي ، خدمة بسيطة جداً مش هتضرك في حاجة ، متزعلنيش منك ......"
.
" مش قصدي أزعلك والله بس ........"
.
" في واحدة معرفة قديمة هتجبلك فلوس في مكتبك النهاردة ، و هعدي عليك آخدهم منك بعدها "
.
" فلوس .. بس كدا مفيش حاجة تانية "
.
"شوفت ياعم ، شوية فلوس و ليك نصيب منهم برضو ، مفيهاش أي مشكلة .. بقولك انت حبيبي ياجدع في إيه "
.
" كام الفلوس ؟! "
.
" ملكش فيه بقي .. في حاجة تانية يا حرفش .. الست اللي هتجيبلك الفلوس مهما كلمتك أو طلبت منك حاجة ... بص يا حرفوش
الفلوس دي كانت اتفاق قديم .. صاحبتها ممكن تفكر تبقي وسخة و تحاول تلعب بديلها .. ممكن تعرض عليك حاجة كدا أو كدا .. الشيطان يلعب في دماغك بمفك .. انت عارف اني مش الشخص اللي يتلعب معاه
دي آخر علاقة بيني و بينك يابوحميييد
مش هتلاقيني في سكتك بعدها .. سلام يا حرفوش "
.
كنت أشعر بأن العشرين مليون سيكونون شيئاً ثقيلاً علي قلب نسرين.. كانت ستحاول أن تتلاعب  بحرفوش كي يوقعوني .. لكنني أعلم جيداً  أنهم  ما كانوا ليجازفوا أو علي الأقل حرفوش ، لأنه شديد الجبن و شديد الخوف علي حياته
و هي أيضاً كانت لتخف علي نفسها و عائلتها و ابنها .. مع ان المبلغ كبير لكن ده كان اتفاق
كنت أمام المكتب متخفي بطريقتي .. من السهل أن  تتخفي ، لأنني في مصر كما أخبرتكم ..
الناس هنا يادوبك قادرة تعيش ( عايشين بصعوبة بسبب ضغط الحياة عليهم .. بس بالمصري )
كنت أراقب المكتب .. نسرين جت و طلعت المكتب و خيبت توقعي السيء .. جت وحدها لم يكن هناك أحد في أثرها
غادرت ثم نزل أحمد بعدها.. بمجرد أن بدأ يشاور لتوكتوك.. كان لازم يتفاجيء طبعاً بتاكسي داخل عليه
كنت أنا من يقود التاكسي ... عالم جاتا مش صعب كما ما يمكن تخيله .. عندما تعيش بدون قوانين و بدون خوف و .... بدون حدود
يمكنك فعل أي شيء
و هنا البلطجي لديه سلطة مطلقة .. الناس يخافون علي حياتهم .. إذا طُلب منهم أن يتركوا بيوتهم أو يبيعونها ليعيشوا .. سيفعلون
إذا طُلب منهم التخلي عن سياراتهم من أجل الحياة سيفعلون
يُقدرون الحياة أكثر مما يجب ، إنها دنيا فانية .. تعتقدون أنها جميلة ، ليست لديكم اللامبرجيني .. إنها مع ممثل أو تاجر مخدرات .. الحياة ليست عادلة للصالحين و الفقراء ... ولا أعرف لماذا يُبقون عليها ....
عموماً فاجأته للمرة الثانية .. " ها قلبك مش هيجمد بقى .. اركب .. إركب "
أوصلته للبنك سحب الفلوس و حمّلها في شنطة العربية .. و ركب

" دول عشرين مليون ياحمد .. أكيد عارف طبعاً .. فلوس ناس .. هجيب بيها صابون ... ليك مليون جنيه في مكتبك .. شبرق نفسك بقي ماشي ... و أوعدك مش هتشوفني تاني "
.
" بجد .. مش عارف أقول إيه أنا ....."
.
" انزل يابوحمييييد "
.
معايا الفلوس و لازالت القائمة  خاصتي ممتلئة .. لازالت الرؤوس الكبيرة باقية
و كان أمام نيشاني فؤاد سليم .. الرجل الذي تسبب في كل ذلك .. هو من أطلق صافرة البداية .. لأنه أعتقد أنه يسيطر علي كل شيء و أنه يمكنه أن يحصل علي كل شيء
و إذا كانت تلك الحياة ليست ديزني لاند بالنسبة للضعيف فإنها للقوي أرض أحلام حيث يمكنه أن يحقق ما يشاء ..
لكن لا شيء تحت السيطرة .. لا شيء قيد التحكم
قد تكون العواقب البسيطة أسوأ مما تتخيل ;-)