💜الكاذب💜

404 18 0
                                    


❄❄❄❄❄
.
طرقت أماني باب مكتب هشام ودخلت بهدوء عندما دعاها صوته للدخول .. كان يملي شيئا على سكرتيرته الصغيرة والانيقة ويوجه لها بعض التعليمات .. قبل ان ينظر إليها قائلا :- اقتربي يا اماني
ابتسمت لها السكرتيرة وحيتها بتهذيب أثناء خروجها من المكتب وإغلاقها الباب وراءه تاركة إياهما في خلوة عن العالم الخارجي
لم تستطع منع نفسها من القول بتهكم :- أظنها تتوقع لقاءا عاطفيا حارا بين عروسين جديدين في منتصف النهار
لم يبتسم .. بل قال ببرود :- و أنت لا تدخرين جهدا في إقناع الآخرين بالعكس
توترت وقابلت نظراته القاسية بصلابة ..لقد مضى على زواجهما 3 أسابيع كاملة .. بالكاد كانت تراه خلال النهار .. وفي المساء كانا يجبران على تناول العشاء برفقة والدته .. فكان يظهر لها كل الاهتمام أمام أنظار والدته الثاقبة .. يطعمها بيده ويناديها بأسماء التحبب مجبرا إياها بنظراته التحذيرية على الابتسام له والتظاهر بالسعادة .. وفور صعودهما إلى شقتهما كان يستأذن بأدب ويغادر عائدا إلى مكتبه .. بينما تبقى هي وحيدة تنتظر في غرفتها حتى عودته بعد منتصف الليل .. فتستمع إلى خطواته .. والضجيج الخافت الذي يصدره بتحركاته .. فتحبس أنفاسها متسائلة إن كان سيطرق باب غرفتها مطمئنا عليها كما حدث في ليلتهما الأولى كزوجين .. فيخيب أملها بالصمت التام الذي يخلفه في الشقة بع خلوده إلى النوم
لم يلمسها مجددا منذ ثورتها صباح زفافهما .. لم يقترب منها أو حتى ينظر إليها بتلك العاطفة العميقة التي ألهبتها تلك الليلة.. في الواقع .. بالكاد ابتسم لها إلا في حضور الآخرين .. هل خمدت رغبته بها ؟ هل أحس بالندم أخيرا على اقترانه بها ؟ هل يفكر بتعجيل انفصالهما وقد اختفى صلاح تماما من حياتها ولم يعد يشكل أي خطر عليها ؟
كل ليلة كانت تسهر فوق سريرها العريض .. تتذكر تفاصيل ليلتهما الوحيدة معا .. وتتساءل بمرارة إن كانت ستنسى يوما ما أحسته بين ذراعيه .. أو أنها ستتوقف عن الشوق إليه بعد انفصالهما ؟
كرامتها وكبريائها القديمين أجبراها على إخفاء مشاعرها عنه .. ولم تدرك مدى نجاحها حتى هذه اللحظة عندما نهض من خلف مكتبه متجها نحوها بينما قالت بتوتر :- لا أفهم ما تقصده
قال ببرود :- بل تفهمين ما أقوله جيدا يا أماني ..كلما اقتربت منك أو حتى تواجدت معك في مكان واحد تتشنجين وتتوترين وكأنك خائفة من أن أقفز عليك وأغتصبك في أي لحظة
احمر وجهها وهي تقول بانزعاج :- لم أفكر بهذا
قال بصرامة :- لم تفكري بهذا ولكنك تظهرينه لكل ناظر إليك .. أتعلمين ما قالته لي والدتي ليلة الأمس ؟ لقد أعربت عن قلقها نحوك بسبب توترك وعدم ارتياحك وكأنك تخفين شيئا .. لقد ظنت بأن شجارا عنيفا قد دار بيننا وأننا نحاول إخفاءه عنها بتعاملنا المهذب أمامها
قالت بعصبية :- لا حيلة لي إن كنت ممثلة فاشلة .. لا أستطيع إظهار مشاعر لا أحس بها حقا .. سأبدو متصنعة ومبتذلة
قال بغلظة :- ستبدأين بالتدريب من الآن فصاعدا .. لقد كنت واضحا معك يا اماني .. أمي يجب ألا تعرف شيئا عن حقيقة زواجنا .. لقد انتظرت طويلا أن تراني مستقرا ومتزوجا ولن أسمح لك بأن تسببي لها القلق بأي شكل كان
قالت بتوتر :- أنا آسفة حقا .. آخر ما أريده هو إثارة قلق والدتك .. أنت تعرف بأنني أجبها وأهتم لأمرها كما لو كانت والدتي .. فقط أخبرني بما علي فعله وسأقوم به
قال بحزم :- اقتربي
أجفلت قائلة :- ماذا ؟
:- لقد طلبت منك أن تقتربي .. يجب أن تتعلمي أن تتوقفي عن التشنج كلما لمستك وكأنني مرض معدي .. لم تنفرك لمساتي ليلة زفافنا .. ولن تفعل الآن
نظرت إليه بارتباك فلاحظت وجوم ملامحه الوسيمة .. عيناه السوداوان كانتا تشعان بالعنف وكأنه قد فقد صبره ..وجسده الضخم كان واضح التوتر وكأنه قد بدا يتعب من علاقتهما وكل ما يتضمنها .. أحست بالخوف وأرادت الهرب .. ولكنها عرفت بأنه غاضب منها بما يكفي .. وأن أي تمرد منها لن يكون لصالحها .. اقتربت منه بتوتر حتى أصبحت على بعد خطوة .. فمد يديه يجذبها إليه لتلتصق بجسده القوي .. خفق قلبها وتسارعت انفاسها وهي تحس بدفئه ورائحة جسده العطرة .. مد يده ليدلك ظهرها برفق كي تسترخي قائلا :- أرأيت ؟ لم يكن الأمر صعبا
رفعت رأسها إليه فرات عيناه تظلمان بالعاطفة .. ووجهه يقسو وكانه يقاوم مشاعره .. ارتجف قلبها وهي تتأمل ملامحه الخشنة بشوق .. مدت يدها لا شعوريا لتتحسس ذقنه التي بدأت تنمو وهمست :- لا .. لم يكن صعبا
أحست بارتجاف جسده الضخم على إثر لمستها .. وعرفت عندما تعلقت عيناه بشفتيها بأنه سيقبلها .. يجب أن يقبلها قبل أن تتوسل إليه أت يفعل
ارتفعت طرقات الباب في هذه اللحظة لتنتزعهما من الحالة التي سيطرت عليهما فزمجر غاضبا :- ما الأمر ؟
ابتعدت أماني عنه وهي تحس بأطرافها ترتعش .. فتحت السكرتيرة الباب ولاحظت بارتباك التوتر السائد بين رئيسها وزوجته .. فقالت معتذرة :- آسفة للمقاطعة .. ولكن السيد نجيب ينتظر في الخارج .. لقد عاد لتوه من رحلته إلى موسكو .. ويقول بأن الأمر طارئ .. ويتعلق بالمعلومات التي طلبتها منه
لاحظت أماني بأن أي أثر للعاطفة قد اختفى من وجهه الذي شحب فجأة .. رغم حفاظه على صرامة ملامحه وهو يقول متمالكا نفسه :- دعيه يدخل
ثم نظر إلى اماني بدون تعبير قائلا :- عودي إلى عملك وسأراك مساءا
أومأت برأسها وهي تتجه نحو الباب لترى رجلا في منتصف الأربعينات يدخل إلى المكتب .. حاملا حقيبة أوراق جلدية وقد بدا التوتر على وجهه
غادرت مغلقة الباب خلفها بهدوء .. بالكاد تمكنت من الابتسام للسكرتيرة المحرجة وهي تسير عائدة نحو مكتبها .. وعقلها لا يتوقف عن التفكير بالرجل الذي تزوجته
الرجل الذي تحب

حب💜 على أنغام المطر             حيث تعيش القصص. اكتشف الآن