وتسألني عن الأمة ...

27 4 0
                                    

السلام عليك يا صديقي ...
لأول مرة منذ بداية كتابتي إليك سأتحذث عن شيء خاص بذاكرتي انا ...
في طفولتي .. ، في ذاك المنزل القديم للجدة ، كان يقبع راديو عتيق يعمل على مدار الساعة تقريباً ، كثيرا ما تضجرت منه ، كان كثيرا ما يعرض أغنية تشبثت بعقلي حتى الآن ...
كانت تدور حول فلسطين ، عن استسلامهم كما يزعمون عن أمنية السلام وحقيقة الغدر ، عن حلمهم ورغبتهم في حياة هادئة والواقع بأصوات القنابل والالغام ...
.
.
كنت في حوالي العاشرة ، لم أفقه كلمة من معنى كل هذا ..
كانت الأغنية لطفلة صغيرة ربما في عمري أو اصغر لكن ألفاظها لم يكن لها أي صدى في نفسي ، لم افهم أي كلمة ..
كنت امرح بمقطع معين وانا اركض بلهو

"وشوفت في الاحلام ورد وعبير وسلام
وصحيت على الألغام وصرخة جدتي !"

وفي المقطع الأخير كنت اخفض من صوتي احاول أن أفهمه لكني لم أفقه شيء منه
لم يجد عقلي مبرر لكلمة الألغام مجهولة المعنى سوى أن المغنية بحكم كونها طفلة مثلي أو اصغر أخطأت وهي تعني "الأنغام" نظراً لتقارب الحروف
ثم لا أجد مبرر لاقتران الأنغام مع صرخات الجدة ، وما دور صراخها
فاتضجر بحنق من تلك الأغنية عديمة المعنى ..
لم افهمها ... لماذا ؟
لأني وحتى حوالي السادسة عشرة لم افهم قصة فلسطين ،ولم اسمع بالشيشان ولم افهم قصة سوريا
لماذا ؟
لأننا هنا في فجوة تبعد عنهم آلاف الأميال الفكرية للخلف ، وحاشا لله أن تكون للأمام...
لماذا ؟
لأننا نسينا الأمة ، نسينا من نحن ..
من نحن يا صديقي ؟
سنفقدنا ...

ونهاية ، السلام على من انهارت فوقه المنازل ومن رأى الطلقات تدور من حوله ومن اخترقته حتى جعلته اشلاءً
سلاماً على من وقف في وجه نجس حقير قاتل يداه الخنزيرتان ملوثتان بدماء شهداء
وسلاما على الشهداء
ورحمكم الله جميعا واسكنكم جنانه خالدين مخلدين في نعيم ابدي لا صراخ فيه ولا ألغام ، تنعمون متمتعين بتكبير وتهليل ارقى من أجمل الأنغام ..
سلام عليكم جميعاً ...
وسلام علينا يا صديقي عسانا يوما نلحق بهم
سلام عليك....
من صديقك .. / التائه

رسائل تاهت حمامتها ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن