١١-حَافة هَاوِية

201 21 6
                                    

" بكرة؟!.. "
أيمن:" اه يا هَنا بكرة، هتكونوا في برج العرب الساعة ٧:٣٠ الصبح، بس الـ interview هيتم الساعة ١٠ بالضبط، طبعاً فرق الوقت عشان المسافة طويلة من هِنا لحد برج العرب، و كمان هتاخدوا وقت في التجهيزات و التحضير و الحاجات دي كلها و دكتور 'سيف' هيبقى المشرف عليكم " قالها مُوجهاً حديثه إلى جميع طلاب تلك المجموعة.

- هنا
"يوم تحقيق الحلم قرَّب أوي، يارب عجِّله بالخير "

انتهىٰ اليوم الدراسي لتعود 'هنا' إلىٰ منزلها، ألقت بحقيبتها أعلىٰ الفراش، استقرت مقعد صغير بالشُرفة للجلوس..

_______________________________

الخَمِيس '٥-٩-٢٠١٨ م'

"جَسَدِي يَتعرَّق، تُصيبُه القَشعَرِيرة، يَنتَفضُ قَلبِي، حتَّىٰ أنهُ كَاد يخرُج مِن رجفَاته المُتتَابِعة، تَبرُز عُرُوق يَديّ، يَتجمدُ الدَمُ بالعرُوق، أَنا خارِج العَالم الآن، ينظُر إليَّ الحَشد بتساؤُل، بَينمَا أرَاك أَنا بينَهُم، رُوحك تُدَاعِب رُوحِي، عَيناك تَروِي ظَمأي، يَدك بِيدي، عِندمَا نَلتقِي سَوف أُعانِقكَ بِكُل تَعبِي، رُبما لَن تَتَعانق أجسَادُنا، لَكِن حَتمًا نظراتِي ستُعانِقك، سَتجِدُ فِي نَظرَاتِي حُب، عَظِيم..."

( كُتِبَت بَعد مَعرفتِي بإحتمَال رُؤيته، فَقط )

_______________________________

" لازم أكتب الأسئلة حالاً، لازم أحضَّر للـ interview كويس، بس أنا خايفة، خايفة نظراتي تفضحني، خايفة في نُص كلامي أقول له بحبك، خايفة، مش عارفة ليه، بس خايفة " تنهدت " مش مهم، المهم إني هشوفه، هو بجد أنا هشوفه و أتكلم معاه!..يارب كملها على خير "
قالتها 'هنا' و هِي تتأمل البَحر مِن شُرفة حُجرتِها.

قاطع تأملها رنين هاتفها، ألقت نظرة سريعة لتجد ان والدتها هي المتصل..
والدة هنا بتهكُم:" إزيك يا بتاعة هاني "
هنا:" الحمد لله "
والدة هنا:" عملتي إيه في الجامعة ؟ "
هنا ببرود:" ولا حاجة، زي كل يوم "
والدة هنا :" مالك بتتكلمي كدا ليه ؟!.. دا إنتي حتىٰ ماسألتيش عليا أنا و أبوكي و اطمنتي علينا زي البنات العِدلة، مش يمكن عملنا حادثة ولا مصيبة شالتنا! "
هنا محافظة على برودها:" كنت بذاكر "
والدة هنا بإمتعاض:" ماشي يا هنا، سلام "
هنا:" سلام "


'8:00 p.m'


هنا:" تمام أوي كدا، الأسئلة جهزت و كل حاجة تمام الحمد لله، مفيش غير إني أتصل على  'أيمن' عشان أقول له إني خلصت "

بالمُكالمة..
هنا:" مساء الخير "
أيمن:" مساء النور يا هنا " تنهد "كويس إنك كلمتيني أنا كنت لسة هكلمك حالاً "
هنا:" خير، هو في حاجة ولا إيه ؟ "
أيمن:" أنا آسف جِداً يا هنا، بس مشرف الأنشطة قال إن نشاطكم إتلغىٰ، بسبب القاونين الجديدة "
هنا بحنق:" إتلغىٰ!!..قاونين إيه بقىٰ ؟! "
أيمن:" على حسب القاونين الجديدة إن نشاط الإعلام ملغي من عندكم عشان إنتوا ممكن تبقوا في السلك الدبلوماسي، فالإعلام مالوش علاقة، ممكن مهارات التحدث و كدا تاخدوها في courses نظرية في الأنشطة، أنا بلغت زمائلك علىٰ group هما عاملينه، و انتي مش موجودة فيه، عشان كدا كنت هكلمك.."
هنا بنبرة باكية:" خلاص يا أستاذ أيمن، شكراً لمجهودك، و بعتذر على إني تعبتك معايا "
أيمن:" لا شكر على الواجب يا هنا، بس إنتي كنتي عايزة تقولي لي حاجة ؟ "
هنا بإبتسامة ساخرة:" لا أبداً، كنت هقولك إن الأسئلة جهزت بس "
أيمن بتنهيدة:" معلش يا هنا هتتعوض بإذن الله، أنا شوفت في عينيك تمسك بالنشاط و تنفيذه، بس خيرها في غيرها، و اصلاً اللخبطة و عدم التنظيم دا أول مرة يحصل في الجامعة، بس إنتي عارفة لازم نِسِّن القوانين زي ما هِيَ، تصبحي علىٰ خير "
هنا بإنكسار:" لا عادي، و إنت من أهله "

انهت 'هنا' مكالمتها لتجهش بالبكاء، كانت تبكي بحُرقة حتى كاد قلبها أن ينفطر، بداخلها نار هائجة تحرق فؤادها قهراً، اتجهت نحو باب المنزل، خرجت بينما لا تعرف أين وجهتها، تجُول الشوارع بعشوائية، وحدها، تشعر بأنها تسير اعلىٰ حافة هاوية للجحيم، حينها لمعت تلك الفِكرة بعقلها، ستنفذها، الآن.

~~~~~

"الحمد لله، خِلصت من الـ interview و الليلة اللي كانت هتتعمل دي و أنا مخنوق خِلقة أصلاً "
قالها 'هاني' و هو ينظر من شرفة حجرته..

يشعر بأن هناك من يناديه، يريد التحدث إليه مطولاً، يشعر بأن هناك ما يلتف بغُلظة حول عُنقه ، يشعر بأن هناك كُتلة من الهموم علىٰ عاتقيه، لا يعلم ما ذلك الشعور، لكنه يكرهه كثيراً، تأمل البحر لوهلة، نظر بساعة الحائط ليجدها تمام التاسعة، لتلمع برأسه فكرة حتماً ستُغضب مسؤولي نَادِيه، لم يفكر بها من قبل، لكنه لم يعد التحمل، لذلك قرَّر تنفيذها، دون النظر إلىٰ عواقبها.

علمتني كيف أحبك!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن