في بلاط الماركيز 15 لـ منى لطفي

12K 331 2
                                    


في بلاط الماركيز

الفصل الخامس عشر

بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)

جلست كعادتها كل يوم بجوار النافذة التي تطل على سفح الجبل الممتد أمامها، لم تنتبه لتلك الخطوات التي تقترب منها.. لتخرجها صاحبتها بصوتها الحنون من شرودها المعتاد قائلة:

- الى متى بنيتي؟.. كفاكِ تعذيبا لنفسك ولمن تحملينه بين أحشائك..

أدارت ايزابيللا وجها نحيفا شاحبا لا يشبه إطلاقا لذلك الوجه الفتيّ الضاحك الذي كان لها في يوم من الأيام، أجابت بصوت خرج فاقدا لحيويته المعتادة:

- وماذا فعلت ماتيلدا؟.. ها انت ترينني لم أتحرك خطوة واحدة منذ قدومي اليك، ولكن.. في بعض الأحيان تكون الوحدة هي الرفيق الوحيد الذي نستطيع تقبل وجوده، وها أنا كلما تعايشت مع وحدتي أشعر بالسلام مع نفسي، فهي لن تجرحني، لن تطعني بكلمات مسمومة، والأهم... أنني أشعر بالأمان في وجودها معي.

تقدمت ماتيلدا وجلست على المقعد المجاور لها قبل أن تطالعها مليّا وهي تقول بجدية:

- وولدك بيللا؟.. ذلك الكائن الصغير الذي ينمو بين أحشائك.. أسترغمينه على مرافقة وحدتك هو الآخر؟.

زفرت ايزابيللا بتعب ثم نظرت الى وجه ماتيلدا تلك المرأة الأربعينية العمر قريبة أنيتا والتي استضافتها في منزلها الواقع في أطراف البلدة في ذلك الحي الفقير حيث لا يمكن لأليخاندرو أو أحدا من طرفه أن يتخيل أنها مقيمة به...

لن تنسى هذا المعروف لأنيتا أبدا، فحينما هربت من أليخاندرو صبيحة يوم زفافهما كانت أنيتا أول من شاهد تسللها من القصر لتسارع بإيقافها بعد أن خرجت من السور الخلفي للحديقة المحيطة بالقصر، وفي بضع كلمات سريعة أخبرتها ايزابيللا أنها تريد مكان آمن لتختبأ به، وترجتها ألا تسألها عن سبب ما تفعله، فهي ليست في حالة تسمح لها بالحديث عن أي شيء، لتثبت لها أنيتا أنها بالفعل أختها التي لم تنجبها أمها، حيث ابتسمت وأخبرتها ألا تقلق، وأنها ستساعدها مساعدة غير مشروطة، وأتت بها الى ماتيلدا، قريبتها التي تعيش بمفردها حيث لا زوج ولا ولد، أخبرتها أنها قريبة لها من ناحية الأم، وحيث أن والدة أنيتا متوفاة فهي تُعد ماتيلدا بمثابة أم لها، ولقد أثبتت ماتيلدا بالفعل أنها أمًّا للجميع، لا تزال تذكر كيف سقطت بين ذراعيها ما أن فتحت لهما باب المنزل لتسارع الأخيرة بطلب جارها الطبيب الذي فحصها ثم أوصى لها ببعض الفيتامينات والمقويات فهي حامل في شهرها الثالث وتعاني من فقر في الدم وسوء تغذية قد يؤذيها هي والجنين..

وها هي الآن بعد مرور أكثر من شهرين تجلس كعادتها يوميا منذ أن تصحو أسفل النافذة التي تطل على سفح الجبل والذي يفصل بينها وبين حلمها الذي تحول الى كابوس... الماركيز!.

في بلاط الماركيز رواية غربية كاملة بقلمي منى لطفي (احكي ياشهرزاد)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن