لقد كان هناك واقفا على عتبة المنزل مبللا بالمياه .
سألته ماريكا قبل ان تلقى بنفسها بين ذراعيه :
- أتمطر في الخارج ؟
قال جوردان . وهو يمضها بشدة :
- لقد أتيت بأسرع ما استطعت . أنا هنا , لا تقلقى فكل شئ سيكون على مايرام , وسترين ذلك .
لقد كان جوردان من يقف أمامها , إنها نبرة صوته الدافئة التى تسمعها , كانت تشعر بيديه تحيطان بها , بقيا واقفين على عتبة الباب طويلا صامتين دون حراك .. وبعد قليل همس جوردان :
- ألا تعتقدين أنه علينا الدخول إلى شقتك ؟ هل تتخيلين ؟ ستكون الصورة جميلة لنا إذا ما التقطها أحد لنا ونحن واقفان على السلم !
رفعت ماريكا رأسها مبتسمة , وأغلقت الباب خلفها , أخذها جوردان بين ذراعيه وهو يقول لها :
- قولى لى , كيف شعرت عندما قرأت ما كتبت الصحف عنا ؟
قالت ماريكا وهي تقبله .. أحب كل ما فيك حتى مزاحك ! لا أخفى عليك لقد كان نهارا صعبا .. لكن حاولت أن أتصدى له ..,.
نظر جوردان إلى أعماق عينيها لقد كان يستطيع بالرغم مما قالت أن يقرأ الجرح العميق الذى تحسه بداخلها .
- أؤكد لك ماريكا أننى عندما أدليت بتصريحي فى مجلة واشنطن بوست لم أتخيل أنهم سينالون منك هكذا .. أنا فعلا آسف .. ففي السياسة نحن مهيأون لمثل هذه الصدمات , لكن أتخيل هذا الوضع بالنسبة لك إنه مرعب .
- لا تقلق من أجلى , جوردان أنا أفضل بكثير . ثم إنك هنا إلى جانبى وكل شئ سيجرى على مايرام .. مادمت بقربي .
- عندما أفكر في الأكاذيب التى ينشرها هؤلاء الصحفيون من الطبقة الدنيا .. كانت نظرته قاسية وهويقول هذا ثم تابع قائلا :
- ماريكا , أقسمي لي أنك لم تصدقى قط , أننى لم أهتم سوى بنقودك.
اجابته ماريكا :
- أنا , لم يخطر ببالى قط شيئا كهذا جوردان قط !
لم يقل جوردان شيئا واخفى وجهه في شعر ماريكا الناعم ..
- عليك بالتأكيد أن تتحدث إلى توماس , فقد أثرت فيه هذه الحادثة كثيرا , لقد حاول الاتصال بك بالهاتف عدة مرات فهو يريد ملاحقة الصحيفة قضائيا أمام المحكمة العليا الدولية ..
سألها جوردان :
- بالمناسبة , هل اتصلت بمحاميك ؟
- أجل , إنه يعتقد أن قضية كهذه لها أمل ضعيف جدا .
- للأسف , أعتقد أنه على حق , فقد استشرت صديقا لي مختصا بمثل هذه القضايا وأخبرني الشئ نفسه .
توقف جوردان لوهلة عن الحديث ثم تابع قائلا بصوت ناعم ,
- ماريكا أريد أن أقضى معك هذه الليلة .
حتى تجيبه .. كانت ماريكا قد قدمت له شفتيها فقبلها قبلة حارة .
همست ماريكا بعينين مغمضتين بينما أخذت تداعب وجهه بأصابع محمومة كامرأة عمياء تكتشف ملامح الرجل الذى تحب , دس جوردان يده تحت المنشفة وقال :
- لكنك عارية تحت لباس الحمام هذا يا سيدة مولنار 1
- نعم سيدى السيناتور ! فقد كنت آخذ حمامى عندما سمعت جرس الباب يرن . ركضت لافتح لك .
ثم ضحكت بملء فمها .
وإذا بجوردان يحل رابطة عنقه وهو يقول :
- أنا أرتجف , وأعتقد أن حماما ساخنا سيفيدنى حقا . فهل يتسع حمامك لي ؟
وماهى إلا لحظات حتى دخلا الحمام وأخذا يستمتعان بدفء المياه ورغوة الصابون ذات الرائحة الرائعة .. وعندما خرجا من حوض الاستحمام لفت ماريكا جوردان بمنشفة سميكة بيضاء ثم قبلها جوردان قبلة طويلة وحملها بين ذراعيه إلى سريرها , كانت نار الحب تلهب جسديهما فأخذ يقبلها بقلب لاهث فأخذت ترتعش تحت وطأة إحساسها العميق به فقد كانت تسمع جيدا دقات قلبه المتسارعة , فقد كانت هى أيضا بشوق إليه إلى صدره وانفاسه .. كانت السعادة تغمرهما بعد طول فراق بقد بدأ وكأن الزمن توقف عن الدوران فليس هناك سوى عاصفة الحب التى لفتهما .. بعض مضى قليل من الوقت رفعت ماريكا رأسها عن صدر جوردان وهمست :
- جوردان أحب أن أطرح عليك سؤالا كان يؤرقني طوال الأسابيع الماضية , ترددت قليلا ثم تابعت وهي تنظر في عينيه .
- هل غفرت لي لأننى أخفيت عنك توماس ؟ هل ستسامحنى يوما ما ؟
كانت دمعة أسف سخينة تلمع في عينيها وهي تنتظر جواب جوردان .. كانت متأكدة بينها وبين نفسها أنه مهما كان الحب الذى يجمعهما لايمكن أن يغنى أبا عن ممارسة أبوته .. لقد كانت تعرف هذا جيدا .
قال جوردان :
- أسامحك ؟ لا أكتم عليك , لقد اعتقدت لبعض الوقت أننى لن أستطيع أبدا أن أغفر لك ثم مرت الأيام وأخذت أفكر فيك ..
فأنت لم تكونى والدة توماس فحسب .. بل كنت أكثر من هذا بكثير .. لقد كنت تلك المرأة الرائعة التى التقيت بها في جلسة التحقيق في مجلس الشيوخ , كنت تلك الطالبة الشابة التى غادرتها ذات صباح دون أن يساورني الشك بأننى سأفترق عنها كل هذا الوقت .. كنت .. تردد قليلا وتابع :
لقد كنت امرأة حياتي . فليس على أبدا أن أتخلى عنك ! عندما فهمت كل هذا ! .. فرض الوضع نفسه , واستطعت أن أسامحك منذ وقت طويل . عندما أنهى جوردان كلامه نظر إلى ماريكا التى كان وجهها ممتلئا بالدموع .
سألها وهو يحاول إيقاف دمعة سخينة سالت على خدها :
- لماذا البكاء ؟
- لقد كنت خائفة جدا , خائفة من أنك لن تستطيع أن تنسى أبدا ما حصل .
قالت ماريكا , كنت أعتقد أن من المستحيل أن تغفر لي .
- ياحبى الأوحد , كل هذا من الماضى , فنحن الآن معا وهذا هو المهم .
قال لها هذه الكلمات وهو يكفكف دموعها واخذ يهدئها كفتاة صغيرة ما لبثت أن غفت بين ذراعيه بوجهها الطفولى الذى ما زال يحمل آثار تأثره .
- عندما أفاقت ماريكا من النوم أدركت على الفور أن الوقت قد أدركها فانسحبت بسرعة من السرير وأخذت ترضي رغبتها بتأمل جوردان الذى كان ما زال يغط فى نوم عميق .. لم يتغير قط منذ أن كانا يعيشان معا .. لم تكف ماريكا عن الاستمرار بتأمله ..
كانت أشعة الشمس التى تتخلل الستائر الزرقاء قد دخلت إلى الغرفة فما كان من ماريكا سوى أن دخلت لتأخذ حماما ينعشها وطوال الوقت لم تكف عن التكفير في جوردان الذى جاءها مساء البارحة .. كانت قد نسيت تمام كافة الإزعاجات التى سببتها لها الأخبار السيئة التى ملأت الصحف , وكأن كل شئ قد زال تماما أمام وجود الرجل الذى تحبه إلى جانبها . أفاق جوردان ومازال وجهه يحمل علامات النعاس , وابتسم ابتسامة واسعة .
قالت ماريكا :
- صباح الخير . يبدو عليك الإشراق هذا الصباح !
- طبعا . أجل . فأنا في غاية السعادة لأننى أفقت وأنا في سرير أجمل امرأة في العالم فتعالى بسرعة وأعطنى قبلة لأتاكد من أننى لا أحلم !
اقتربت منه ماريكا وقبلته قبلة ناعمة .
سألته ماريكا :
- متى سوف تغادر ؟
أجابها جوردان :
- طائرتي ستقلع ظهرا ..
فابتسمت ماريكا فما زال أمامهما الصباح ليقضياه معا .
- سوف أتصل بالمكتب لأخبرهم أننى ساتأخر بعض الوقت لما بعد الفطر فهيا قم وخذ حماما سريعا كي تفاجئ توماس وتأخذ معه القهوة وماهي إلا دقائق حتى كانت ماريكا تخرج أول قطع الخبز المحمص من الفرن .
قال توماس وهو يضع قبلة خاطفة على رأسها ..
- أجدك مشرقا جدا هذا الصباح . أما أن فقد قضيت ليلة مرعبة .. كانت العناوين العريضة في صحف الولايات المتحدة جميعها تهاجمني في أحلامي كأسوأ أفلام الرعب .
أجابت ماريكا :
- من الأفضل أن تنسى كل هذا فخلال أسبوع سوف ينسى الجميع ما حدث ..
- ألم تنسى إغلاق صنبور الماء في حمامك يا أمي ؟
أجابت ماريكا مبتسمة :
- لا , لا أعتقد .
- هل أنت متأكدة ؟
يبدو لى أننى اسمع صوت الماء ينبعث من حمامك .
أجابته ماريكا , التى كانت تريد أن تكون حاضرة لحظة اكتشافه لأبيه :
- أعتقد انك على خطأ ., على كل عندما أدخل غرفتي سوف أتاكد من هذا .
غابت ماريكا قليلا , وعادت متأبطة ذراع جوردان .
سأله توماس متعجبا !
- والدى؟ لكن ماذا تفعل هنا ؟
لقد أتيت متأخرا ليلة البارحة وقد قبلت ضيافة والدتك .
قال جوردان :
- بما اننا الآن معا . أريد أن احدثك على انفراد ياسيدة مولنار .
بنفس الوتيرة تابع قائلا : عن إذنك يا توماس !
وضع جوردان يده على خصر ماريكا وقادها إلى غرفة الاستقبال .
سألها جوردان مباشرة :
- ماريكا , هل تقبلين الزواج بي ؟ توقفت أنفاس ماريكا أمام هول المفأجاة .
أجابته متمتمة :
- أجل .
- أعرف أن سؤالى مفاجئ , لكن - ماذا تقولين ؟
صرخت ماريكا بعلو صوتها وألقت بنفسها بين ذراعيه :
- أجل . أجل , أجل أريد الزواج منك .
- متى ؟ أيكون عيد الميلاد موعدا مناسبا ؟
قالت ماريكا :
- أوه .., لكنه بعيد جدا ..
- أعرف أن هذا مزعج .. لكننى لاأستطيع أخذ إجازتي قبل هذا التاريخ كما أننى أريد أن اصحبك في شهر عسل طويل .
- لكننا نستيطع أن نتزوج في أقرب وقت .. ثم نغادر لقضاء شهر العسل في عطلة الميلاد .
أجابها جوردان مبتسما :
- لقد وجدت حلا مناسبا . أتعتقدين أنه علينا إخبار توماس بمشروعنا المقبل .
قالت ماريكا بصوت عال وهي تعيد جوردان إلى المطبخ حيث كان توماس على وشك الإنتهاء من فطوره .
- طبعا , بالتأكيد , هيا!
- بنى . لدينا خبر مهما بالنسبة لك : أنا ووالدتك سنتزوج من جديد !
أضاءت ابتسامة مشرقة وجه توماس الشاب وقال :
- هذا رائع ! لقد سألت نفسى عدة مرات .. كم سيطول بكما الوقت قبل أن تعودا لتعيشا معا من جديد ؟.
سألته ماريكا .. التى في غاية التأثر .
- هل فكرت في هذا فعلا ؟
- بل أيضا . أستطيع أن أقول لك إننى لست وحدي : فباتريسيا حدثتني بالموضوع منذ أول يوم ! أتذكرين يا أمى عطلة الأسبوع التى قضيتها في منزل والدى الريفي ؟ حسنا , باتريسيا صارحتني بانها منذ الوهلة الأولى كانت قد فهمت أنك المرأة الوحيدة التى كان والدى يبحث عنها طوال هذه السنين !
نظر جوردان وماريكا إلى بعضهما وابتسما فقد كان كلام توماس يبعث على السرور حقا .
- حسنا على أن أذهب وأغادر العاشقين لأنه لو عرفتم أستاذ الفيزياء لفهمتهم للتو لماذا لا أحب التأخير .
نظر جوردان إلى ساعة الحائط الإلكترونية قرب الباب .
- لقد بقي أمامى ما يقارب الساعتين قبل أن أغادر لآخذ أول تاكسى يقلنى إلى المطار .
قالت ماريكا :
- لا أرى أمامنا سوى طريقة واحدة , أن نعود إلى السرير وننام من جديد , ونحاول أن نعزى أنفسنا أننا لن نستقل الطائرة هذا الصباح لنذهب إلى تاهيتى .. لقضاء شهر العسل .. قال جوردان مبتسما وهو يقبلها في أذنها :
- باستطاعتنا على الأقل أن نبحث في الإعلانات السياحية لنختار رحلة مميزة ..
همست له ماريكا بنبرة ماكرة بعض الشئ :
- ألا تعتقد يا عزيزى أنه باستطاعتنا القيام بما هو أفضل ؟
أجابها جوردان وهو يرفعها بين ذراعيه حتى غرفتها .
- ربما , أنت على حق !

أنت تقرأ
كفاح وتضحية ، للكاتبة ميشيل برينت
Lãng mạnعزيزتى: لقد كنا على خطأ وأعتقد أنه من الأفضل أن ننهى علاقتنا عند هذا الحد ونطوى الصفحة دون أن نحاول رؤية كلينا للآخر أنا أسف على الألم الذى سببته لك وداعا بهذه الكلمات البسيطة أنهى جوردان علاقة حب كبيرة مع ماريكا ترى هل ستقبل ماريكا بهذه البساطة أن...