لم تكن ماريكا تفكر قط أنه باستطاعتها رؤية والد جوردان لكنها لم تستطع أن تقول لا لجوردان الذى طلب منها مرافقته لرؤية والده الذي يمضى أيامه الأخيرة في المستشفى .
لقد كانا فى شهر كانون الأول ( ديسمبر ) وكان الهواء يعصف كاحد أيام الشتاء لا بأس بها من مدخل المستشفى . فلم يكن يريد لأحد أن يعلم بقدومه .. فساعد ماريكا على النزول من السيارة وأمسك بيدها وركضا معا فى الممر المزروع بالأشجار النامية على الصفين والمؤدي إلى باب المستشفى .
- لقد كانت ردهة الإستقبال أقرب ما تكون مدخل قصر منه لمدخل مستشفى .
استعلم جوردان من موظفة الاستقبال عن مكان وجود أبيه .
أجابت الممرضة مبتسمة :
- السيد فاريل يتعرض لحمام شمسى .. عليكم سلوك الممر حتى نهاية الممشى ثم تأخذ الباب الأول إلى اليسار ..
توجه جوردان وماريكا وهو يضع يده بيدها إلى الممر المؤدي إلى الغرفة والملئ بالأنواع الجميلة من النباتات .. إلى أن وصلا إلى الباب الزجاجى الذى تدخل منه أشعة الشمس . كانت الغرفة عبارة عن شرفة ضخمة ذات سقف زجاجي تتخلله قضبان معدنية قد صمم ليسمح للمرضى بتعريض اجسامهم الضعيفة لأشعة الشمس .
لقد كانت الشرفة خالية إلا من أريكة موضوعة في الزاوية .. كان الكرسى للوهلة الأولى يبدو خاليا إلا أن المرء بقليل من الملاحظة يستطيع أن يميز بعض خصل من الشعر الأبيض .. اقتربا ببطء ووضع جوردان يده بهدوء على كتف الرجل العجوز الذى كان من الصعب جدا على ماريكا أن تراه .
كان وجه الرجل العجوز جامدا لاحياة فيه ..
قال جوردان أخيرا :
- صباح الخير يا والدي .. لم آت لوحدي اليوم . كان صوت جوردان متوازنا وهادئا .. وتابع :
- لا أعرف إن كنت تعرف ماريكا .. كان الرجل العجوز قد نظر إلى ماريكا بنظرة مرتجفة التى أخذت ترتعد وهى ترى العبوة الفولاذية التي جاءت لزيارتها تلك الليلة منذ خمسة عشر عاما , عندما كانت طالبة .
- والدى , لقد عرفت منذ مدة .. ما حدث بعد زواجى من ماريكا ..
فقد ذهبت لرؤيتها بصحبة الكاهن كونوبل لقد عرفت كل شئ . وقررت أن أنسى .
وفى الوقت الذى كان جوردان ينطق فيه بهذه الكلمات خيل لماريكا أنها قد رأت وجه العجوز وقد انفرجت أساريره .
تابع جوردان قائلا :
- أريد أن أنسى كل شىء لأننى أريد أن أبدا حياة جديدة .. لقد وجدت المراة التى أحب والتى أعطتنى ابنى توماس الذى يبلغ من العمر خمسة عشر عاما ونصفا .. لقد وجدت أخا لباتريسيا سأتزوج ماريكا من جديد .. وهذا ما أريدك أن تعرفه .
عندما أنهى جوردان حديثه كان صدى صوته يخرق الزجاج .
ثم ساد صمت ثقيل .. لم يستطع جوردان وماريكا أن يغادرا المكان إلا بعد فترة .. بقيا فيها صامتين دون أية كلمة أمام الأريكة , لم تستطع ماريكا أن ترفع نظرها عن وجه العجوز الخالى من الشفقة والتى كانت حتى التجاعيد لاتعبر عن شئ فيه .. ثم أدارت رأسها لتخفى شعورها تجاهه .. وإذا بدمعتين سخينتين تنسابان على وجه العجوز.
طوال طريق العودة إلى نيويورك لم يستطع أى منهما التكلم فقد كانا مأخوذين بالموقف ..
أخيرا التفت جوردان باتجاه ماريكا ودون أن يتكلم شعرت به ماركيا كمن يريد أن يقول سامحينا , سامحينا لأننا كنا السبب في جعلك تعيشين تلك الفترة المؤلمة , بسببى وبسبب والدى .. فما كان من ماريكا إلا أن أجابته وهى تلقى برأسها إلى كتفه وأخذت بيده .. فهى لم تعد تأبه بأى شئ ..
فهما الآن معا .. ولا شئ سيفرقهما أبدا .. وهذا هو المهم !( تمت بحمد الله )
أنت تقرأ
كفاح وتضحية ، للكاتبة ميشيل برينت
Romanceعزيزتى: لقد كنا على خطأ وأعتقد أنه من الأفضل أن ننهى علاقتنا عند هذا الحد ونطوى الصفحة دون أن نحاول رؤية كلينا للآخر أنا أسف على الألم الذى سببته لك وداعا بهذه الكلمات البسيطة أنهى جوردان علاقة حب كبيرة مع ماريكا ترى هل ستقبل ماريكا بهذه البساطة أن...