الفصل الثاني عشر

6.6K 115 0
                                    

هذا الصباح , عندما غادرت ماريكا شقتها متوجهة إلى مكتبها كان مزاجها رائعا على غير عادتها .. فحياتها كانت قد تغيرت فإذ إن جوردان كان سيبقى لبعض الوقت وكان قضاء الوقت معه ومع توماس أفضل ألف مرة من المجئ إلى المكتب .. كانت ماريكا قد حضرت وجبة باردة ووعدت بانها ستعود لتحضربعض الحلوى , كانت تعتمد على شرائها من أفضل محل للحلويات في نيويورك .
حيت ماريكا حارس الأمن وهي تدخل مبنى الشركة الذى سارع يطلب المصعد الذى استقلته لترى ظل روث يلوح فى الممر .
قالت ماريكا :
- روث ! لكن ماذا تفعلين هنا ؟
أجابتها روث ضاحكة :
- وانت !, فالأسبوع الماضي كان رهيبا .
- كان على أن أترك بعض الملفات المهمة التى لم تكن للأسف تستطيع الانتظار .. ثم دعك من أمور العمل , على أن أبلغك خبرا مهما !
نظرت إليها ماريكا متسائلة , وهي تتوقع أن صديقتها سوف تكلمها عن بينيت .
- لقد قررت الانفصال عن بينيت , لم أقرر هذا من وقت بعيد لأننى كنت جبانة , لكن هذه القصة استمرت طويلا : فهو شاب وضيع وانا قد تخيلت عنه ! فقد جاء يبحث عنى هذا الصباح لتناول الفطور معا , وكنت قد استفدت من وجودي معه في ذلك المطعم الجميل ذى الإطلالة الرائعة . ومن الإفطار اللذيذ , لأتخذ قراري .
أجابتها ماريكا :
- أعرف أنه من اللطف أن يتوجه المرء بالنصيحة في مثل هذه الأشياء لكن أنا سعيدة جدا لأنك اتخذت هذا القرار ثم أستطيع ان أقول لك إننى لم أستلطف بينيت هذا ولو لحظة , قط ؟!
فحظا طيبا ياعزيزتي .. فإذا لم ألتق بك .. فإلى يوم الاثنين .
- إلى الاثنين , لكنى ربما أحادثك غدا .. لأحدثك على الفطور .
وصلت ماريكا مكتبها وانكبت على العمل رغم شعورها بانها لاتريد أن تمضى ما بقى من النهار بين ملفاتها .. وماهى إلا نصف ساعة حتى شد انتباهها صوت الضجة المنبعثة من المختبر الصغير المجاور لغرفتها حيث الخزانة الحديدية التى توضع بها العينات .. للوهلة الأولى همت ماريكا بالدخول إلى الخزانة لترى ماذا يحدث ثم عدلت عن رأيها .
على مايبدو أننا سنجد ما كنا نبحث عنه لأشهر طويلة ؟
كان اسم بينيت قد خطر لها فجأة .. مما أدخل الخوف إلي قلبها .. فماذا لو كان صديق روث هو السارق فمن السهل جدا أن يشك المرء بأمره , إنها تعرفه وباستطاعتها أن تستفهم منه .. وإذا بماريكا تتجه إلى المختبر دون أن تحدث أية ضجة .. وبحذر كبير فتحت الباب كانت الغرفة غارقة في الظلام وتبدو خالية من أى أحد..
أنت تقرئين قصصا بوليسية رائعة , جاءها صوت من خلفها , فمدت يدها لتشعل النور وإذا بقبضة حديدية تهوي على رأسها . لم تستطع ماريكا أن تصرخ شعرت بنفسها تذهب في غيبوبة , عندما أفاقت ماريكا من إغمائها ! استطاعت بصعوبة أن تفتح عينيها , كان عليها أن تأخذ بعض الوفت لتستعيد وعيها فتذكرت المختبر واللص الذى كانت على وشك الإمساك به والذى منعها بعنف .. كان أول رد فعل لها أن راحت تتحسس رأسها .. لم تكن قد جرحت , فلم يكن هناك أية آثار للدماء في المنطقة التى تؤلمها من رأسها .
أخذت ماريكا تنظر حولها فوجدت نفسها في مكان مغلق وحدها كان هناك شعاع من النور يتسرب من تحت عقب الباب , وبعد أن ألفت الظلام لبعض الوقت استطاعت أن تفهم أن من ضربها كان قد حملها وهى مغمى عليها إلى قبو البناء الذى تشغله الشركة .. أخذت ماريكا تتخيل قوته حتى استطاع حملها . استجمعت ماريكا قواها لمحاولة الوقوف . وبعد عدة محاولات باءت بالفشل استطاعت ماريكا أن تمسك بحبل يتدلى من أعلى بارتفاع قامة رجل .. قامت ببضع خطوات تفصلها عن الباب وأخذت تحاول البحث عن أداة تمكنها من فتح القفل الحديدي ..
حاولت كثيرا لكن دون فائدة .. فليس هناك أى شئ تستطيع الاستعانة به .
حاولت ماريكا مرارا أن تمرر أصابعها حيث يبنعث النور من تحت عقب الباب لكن عبثا , خانتها قواها فوقت مرمية على الأرض , كان الألم الذى تحسه بعنقها يشتد عليها أكثر فأكثر .,,. ومع مضى الوقت أحست ماريكا بشبح الموت يقترب منها .. وأحست بالدموع تملأ عينيها وفجأة مرت بذاكرتها صورة جوردان وهو يحاول منعها من الذهاب إلى المكتب . أحست بقوة في داخلها تدفعها إلى المقاومة .. أجل فليس عليها أن تتخلى عن السعادة التي وجدتها أخيرا بعودة الرجل الوحيد في حياتها لن تدعها تضيع منها ..بعد أن أصبحت في متناول اليد يجب ان تعيش كانت تقول ذلك لنفسها بصوت لاهث إلى أن فقدت وعيها من جديد .
- لا تتحركى أبدا .. أنا هنا ! جاءها صوت جوردان القلق .
وما إن فتحت ماريكا عينيها حتى رأت وجه الحبيب ينظر إليها نظرة حنون قلقة ..
- جوردان , أهذا أنت ؟ لكن أين أنا .
- لا تتكلمى ! أرجوك , فسيارة الإسعاف ستصل خلال لحظات لينقلوك من هنا .
طوال الطريق إلى المستشفى كان جوردان هناك يشد على يدها , كان بريق ضعيف يضىء وجهها وهي لم ترفع نظرها عن جوردان إلى أن وصلوا إلى المستشفى حيث أخذت تشاهد وجوها عدة تضع الكمامات البيضاء تنحنى عليها , كان أحدهم قد أمسك بذراعيها .. فأحست بألم فظيع .. لم يتوقف حتى غابت عن وعيها من جديد .
عندما أفاقت ماريكا كان عناك جوردان وتوماس وباتريسيا وروث جميعهم من حولها .. مدت يدها تتحسس رأسها لتتأكد أنه ليس هناك أى جرح .
قال توماس :
- لاتخشئ شيئا , يا أمي , فالأطباء قد أكدوا لنا أنه مجرد رض عادى بالجمجمة .
قالت روث مبتسمة :
- فإن حالتك غير خطيرة بالمرة !
سالت بعدها دموعها بغزارة :
سألتها ماريكا بصوت ضعيف واهن .. وهي تمد يدها :
- لماذا تبكين ؟
- إن كل هذا بسببى . بسبب بينيت المخيف الذى تعرفت إليه فهو ليس فقط سارقا إنما حاول قتلك أيضا . وأجهشت بالبكاء .
قال لها جوردان :
- اهدئى , أرجوك فقد تلقيت مكالمة هاتفية من رجل بدا وكأنه جو مسؤول الأمن في ديميتر .. أكد لى أنه تم توقيف بينيت وهو في السجن وقد اعترف بكل شئ .. وفي هذه اللحظة أشارت الممرضة للزوار بالخروج فقد كان عددهم كبيرا ويخشى على راحة المريضة التى مازالت متعبة .. فخرج جميعهم ما عدا جوردان الذى بقى يداعب شعرها .
قال لها وهويقبلها مودعا :
- لاتنسى أن تتعافى سريعا ., ولاتنسى أننا سنتزوج خلال عشرة أيام .
أخذت ماريكا يده وطبعت عليها قبلة ..فهي بالتأكيد كانت تريد أن تتعافى بسرعة لتعيش من جديد حبها الضائع .. الذى طالما انتظراته ما يزيد على خمسة عشر عاما .

كفاح وتضحية ، للكاتبة ميشيل برينت  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن