الفصل التاسع

6.5K 109 3
                                    

سألته ماريكا بلهجة بريئة :
- كيف وجدت الحفل ؟
- أجابها جوردان بابتسامة هازئة حزينة :
- اجده ممتعا ..
راحت ماريكا تتامله لتعرف كيف سيتابع حديثه ..
- أرى أنه من المضحك أن أرى والدة ابنى تغازل رجلا آخر علانية ..
سألته بلعجة بريئة ساذجة :
- جوردان ! عم تتكلم ؟
- أنت تعرفين جيدا من أقصد .. فهو بالكاد استطاع أن يبتعد عنك .
- أتقصد توم كيركيلاند ؟ لكنه محامى الشركة .. كما أنه صديق قديم .
- صديق حميم جدا ! لقد لمست خده لأننى كنت أحدثه عن المستحضر الجديد للعناية بالرجل .. هذا كل شئ ! فما رأيك بمستحضر يخفف من آلام الحرقة بعد الحلاقة ؟
انهت ماريكا حديثها بهذه الكلمات ورفعت أصابعها لتلامس خد جوردان كما فعلت منذ دقائق مع توم , كانت عضلات فكه متشنجة من حدة الغضب فرفع يده الساخنة وأمسك بأصابع ماريكا التى تراجعت خطوة إلى الوراء عندما شعرت بعنف حركته .
- هذا صحيح , فعندما كنت أركض في أيام الشتاء .. كان الهواء البارد يلسع وجهي .. مما جعل بشرتي متشققة بعض الشئ , قال جوردان محاولا أن يخفى وراء كلماته عصبيته التى بدت واضحة بعنف حركته التى أقدم عليها قبل قليل .
- أتري , فأنت بحاجة إلى كريم مرطب يحمى بشرتك من العوامل الجوية , لقد وجدت إجابتك مهمة جدا .. قالت ماريكا وهى مازالت واقفة تحت تأثير الشراب الذى شربته .. وتابعت قائلة : أعتقد أنك أوحيت لى بفكرة الدعاية المناسبة تماما لمثل هذا المستحضر : فنبدأ العرض برجل يركض في طقس بارد وآخر يعمل على الطرقات . وساعي بريد يوزع بريده منذ الصباح الباكر .. هكذا يكون فيلم الدعاية قد أصبح جاهزا .. شكرا جزيلا يا جوردان ! سوف أذهب لأخبر روث عن فكرتك الرائعة .
وهي تنطق بهذه الكلمات انحنت على جوردان وطبعت على وجنتيه قبلة شكر .. الذى أخذته الدهشة فلم يكن يتوقع منها تصرفا كهذا في مناسبة كهذه .. وأسرعت ماريكا باتجاه روث التى كانت فى الطرف الآخر من قاعة الاستقبال والتى كانت تتابع عن بعد ما يجرى بين ماريكا وجوردان .
- أعتقد أن كل شئ قد سار على ما يرام .. همست ماريكا في أذن روث لم يكن يريد أن يظهر عليه .. لكنه غيور تماما !
- عليك بمحاولة أخرى يا ماريكا .. أنا متأكدة من أنه سيتكلم , عليك أن تقتربي من توم مرة أخرى وسوف ترين كيف سيسارع إلى محادثتك .
ترددت ماريكا قليلا فاللعبة يجب ألا تستمر طويلا , ثم غيرت رأيها .
- حسنا . يجب أن أحاول مجددا , في النهاية أجدها لعبة مسلية .
كان جوردان قد لحق بباتريسيا وتوماس اللذين كانا يتحدثان وجلس إلى الكرسى في مواجهة الأبواب العريضة .. اتجهت ماريكا نحوهم بينما كان هناك زوج من المدعوين قد اقتربا منها مودعين .. ففكرت ماريكا أن عليها أن تتواجد قرب الباب فقد كانت تعرف جيدا أنه من غير اللائق في الحفلات عندما يريد أحد أن يغادر أن يقضى وقتا طويلا وهو يبحث عن مضيفته ليحييها وقد كانت الساعة قد جازوت منتصف الليل والعديد من المدعوين قد طلبوا معاطفهم استعدادا للمغادرة , وكان توم من بين المدعوين الذين استعدوا للمغادرة , وكان قررت أن تلعب الدور الذى خططت له مع روث فنظرت إلى عينيه مباشرة , وأخذ يتبادلان الكلام ثم تناول يدها ورفعها إلى شفتيه وطبع عليها قبلة .. قبل أن يغادر .
كان جوردان يراقب ما يجري ولاحظ جيدا الحركة التي قامت بها ماريكا فاقترب منها :
تمتم جوردان بصوت مفعم بالغضب :
- أولا لمسته .. ثم قبلك .. ألا تخشين من الفضيحة .
- أى شئ ثانية عن توم ! أنا أجد تصرفه عاديا تابعت ماريكا :
فلقد عاش مدة طويلة في فرنسا حيث يعتبرون قبلة اليد من أرقي التصرفات في المجتمعات الراقية .
- اجل , لكن نحن هنا فى نيويورك , أجابها جوردان بلهجة حادة .
- كنت لأعتذر في ظروف أخرى ! لكنهم يقولون إن الفرنسيين قوم لطفاء , في هذه الأثناء كان توماس وباتريسيا قد اقتربا , فغادرا بصحبة جوردان الذى غادر مسرعا دون أن ينطق بكلمة ..
كان على ماريكا أن تنتظر حتى آخر الحفل لتصعد إلى الجناح الذى استأجرته في الفندق حيث تركت حاجياتها , كانت الساعة قد قاربت على السادسة من صباح اليوم التالى .. عندما غادرت ماريكا فندق بلازا لتعود إلى منزلها وبينما كانت تقود سيارتها أخذت تسترجع في ذاكرتها أحداث الليلة الماضية والتمثيلية التى لعبتها في محاولة لاستعادة حبيبها .. وأخذت تقول لنفسها :
ما كنت لأصل بهذه اللعبة , لو لم يكن الأمل الوحيد أمامى ليظهر لي حبه لم يكن جوردان واضحا لهذا الحد .. لكن استطاعت ماريكا أن ترى في نظراته إحساس الرجل الذى يحب .. كانت ماريكا قد قررت أن تحارب حتى النهاية لاستعادة الرجل الذى تحبه .. الرجل الوحيد فى حياتها فعليه أن يعود إليها بأسرع وقت ممكن .. ومن أجل هذا وضعت هذه الخطة .
ثم فكرت أن توماس لابد وأن يدعو باتريسيا لزيارتهم في المنزل , عندئذ قفزت إلى ذهنها فكرة شريرة .. فكيف سيتصرف جوردان إذا ما علم بوجود توم عندها فى البيت .. فلابد أنه سيحاول المجئ هو أيضا ..
مر الأسبوع سريعا بالنسبة لماريكا التي صبت اهتمامها كله على كريم البشرة من مجموعة أبولون للعناية بالرجل , فسخرت كل الإمكانيات بهدف إنتاجه بأسرع ما يمكن فما إن أتى نهار الجمعة حتى كانت هناك عينات جاهزة في المختبر لإجراء التجارب على المتطوعين .
كان توماس أيضا قد استغل فرصة أن المدرسة لم تفتح أبوابها بعد وعمل على تسويق العينات فقد كانت أمامه فرصة مناسبة لجنى النقود .
- أمى . قال لها وهو يمد برأسه من خلف باب مكتب ماريكا .
لقد طلبت من والدي أن ياتى إلى هنا وهكذا أستطيع أن أظهر المغلفات من أجل صباح غد .
- حسن جدا .. أجابت ماريكا .. التى ابتسمت لفكرة أنها سترى جوردان .
كان توماس قد ساعدها دون أن يشعر على الإيقاع بجوردان فريسة للغيرة فجهزت ماريكا نفسها ووضعت قطرات من العطر الجديد الذى تعمل على تطويره , وبعد قليل وصل إلى سمعها صوت جوردان في الممر المؤدي إلى مكتبها .
- توماس ! توماس ! كان جوردان يصرخ .
- تفضل بالدخول يا جوردان سيكون هنا خلال لحظات فلديه عمل صغير في الأسفل عليه إنجازه .
- حسنا جدا ! قال جوردان , بوجه أكثر إشراقا , فليس علينا أن نتأخر .. فكل ما أخشاه هو أمة السير حول الملعب .
سألته ماريكا :
- ستذهبان لمشاهدة لعبة كرة القدم الأمريكية ؟ أليس لديكما الوقت لتناول بعض الطعام قبل الذهاب ؟
- أوه لا , أنت تعرفين جيدا , أن مشاهدة لعبة كرة القدم دون أن نتناول شطائر النقانق على العشب ليست بلعبة حقيقية .
أخذت ماريكا تحك رأسها بحركة لاشعورية , فقد تذكرت المرة الأولى التى دعاها فيها جوردان إلى الملعب عندما كانا طالبين .. هذه ذكرى أخرى من الذكريات الرائعة . قالت ماريكا بينها وبين نفسها .
- لكن ربما أزعجك ؟ قال جوردان وهو يلقى بنظرة فاحصة على مجموعة العبوات المصفوفة على مكتب ماريكا .
- لا أبدا ! بل بالعكس باستطاعتك مساعدتى إذا ما اردت ! فقط . يكفينى أن تغمض عينيك !
- هل أنت واثقة بأنه ليس بفخ ؟ قال جوردان مبتسما وهو يغمض عينيه .
- لكن لا ! لا تتحرك ! أجابته ماريكا وهى تضع القليل من الكريم المرطب على جبهة جوردان وأخذت تدلكها بعناية حتى يتغلغل في الجلد بينما كان جوردان مستمتعا بالحركات التى دغدغته .
كان العداء الذى أظهره جوردان في الأيام الماضية قد تلاشى تماما وكانت ماريكا سعيدة جدا بهذا الشعور وكم رغبت في تقبيله لكن عبثا لم تجرؤ على ذلك .
- إذن ؟ سألته ماريكا , كيف وجدت هذا المستحضر ؟
- ناعم , لطيف .. يعطي شعورا رائعا ! أعتقد أنك إذا ما جعلت الرجال يستخدمونه سيكون هذا نجاحا ساحقا لشركة ديميتر .
- هل تأخرت ؟ سأل توماس الذى دخل لتوه إلى المكتب ..
أوه أنا آسف .. أضاف بلهجة مازحة .. يبدو أننى قطعت جلسة تجميلية .
- ليست جلسة تدليك , فأنا بصدد تجريب منتج جديد من مجموعة أبولون لكن إذا ماكان علينا أن نلحق ببداية الشوط فعلينا ألا نتأخر أكثر ..
أخذت ماريكا ترقبهما وهما يبتعدان وهي تفكر في جوردان الذى تغير كثيرا عن آخر لقاء بينهما .. لقد كانت تتمنى بينها وبين نفسها أن تعود تلك الأيام الجميلة لحبهما .. ثم عادت إلى عملها .
- أرى أنك تبالغين بعض الشئ .. قالت ماريكا موجهة حديثها لروث التى كانت على وشك الإنتهاء من تناول فنجان من القهوة في المطبخ ..
أتريدين أن أطلب من توم أن يمر في مساء يوم الأحد من أجل تدقيق أحد الملفات دون أن يكون هناك مبرر حقيقي ! تابعت ماريكا قائلة وقد بدا عليها الانزعاج .
- أنت لا تفهمين شيئا ! علقت روث . أولا : توم سيكون سعيدا بهذا .
ثانيا . ستكون هذه فرصة أخرى لتثبتى لجوردان أنك لست بتحفة يضعها أمام المدفأة طوال أيام الشتاء ليمتع نظره فقط .
- على كل . لقد لفت نظرى إلى هذا مبكرا , أجابت ماريكا وهى تنظر لنفسها في المرآة .. وأضافت قائلة : تطلبين منى أن ألعب دور المرأة اللعوب , وأنا أرتدى ثياب امرأة مسكينة .. يجب على أن أغير ذلك !
قررت ماريكا أن تأخد حماما ثم انتقت تنورة طويلة فوقها بلوفر من الصوف ذى لون أزرق من تصميم مصمم يابانى مشهور .. عندما انتهت ماريكا من ارتداء ملابسها لحقت بروث الجالسة في قاعة الجلوس .. كانت تبدو في منتهى الإشراق .. فلم تستطع روث أن تبدى إعجابها إذ سرعان ما كان جرس الباب يرن .
- لابد وأنه توم .. قالت روث بلهجة شبه مؤكدة .
- توم ؟ قال جوردان مستغربا وهو ينظر إلى ماريكا .
- نعم . فعليه أن يدقق معى ملفا في غاية الأهمية , أجابت ماريكا كمن يبرر تصرفا , سوف أقترح عليه أن يتناول معنا صحنا من السلطة وبما أنكم هنا سأحضر طبقا لخمسة أشخاص .
- فكرة جيدة جدا , قال توماس بحماس : فأنا أشعر بجوع قاتل . لم يستطع جوردان أن ينطق بكلمة إلا أن وجهه كان يعبر تماما عما يجيش بداخله , وبعد قليل دخل توم وجلس الجميع حول مائدة المطبخ . كان جو اللقاء باردا في البداية ثم أصبح أكثر لطفا .. كانت ماريكا قد شعرت بالندم لأنها تعمدت مثل هذا الموقف لاستفزاز غيرة جوردان .. كان تصرفها غريبا بعض الشئ .. فقد كانت تعتنى بجميع من حولها على الطاولة بنفس القدر , ولم تستطع أن تفارق عيني جوردان اللتين كانتا تفهمان كل شئ .. فقد كان كافيا أن ينظر المرء لروث حتى يفهم المسرحية السخيفة التى استمرت متصاعدة . تمالك جوردان نفسه طوال تناولهم الطعام . وما إن أنهى الجميع حتى قامت روث لتجري مكالمة هاتفية .. فما كان من جوردان إلا أن وجه حديثه لتوم بلهجة جدية صارمة :
- توم . أعتقد أن روث بحاجة إليك في قاعة الاستقبال , فهى بحاجة لبعض الإيضاحات بخصوص الملف الذى ستتكرم لاحقا بإحضاره يوم الأحد .. تحفز توم للرد على هذا الكلام الجارح لكن يد ماريكا الموضوعة على ذراعه كانت قد منعته .. فخرج دون ان ينطق بحرف واحد .. كان توماس قد وقف هو أيضا .. فقام جوردان ليجلس بقرب صاحبة الدعوة .
كانت ماريكا قد احمر وجهها من شدة الانفعال .. فقد استوعبت للتو الموقف السخيف الذى وضعت نفسها فيه سوف يوجه لي الملامة بلاشك , سيقول لى إن هذه تصرفات صبيانية لاتليق بنا . وسيكون على حق . هكذا أخذت ماريكا تفكر بينها وبين نفسها .
- أنت جميلة جدا اليوم يا ماريكا , قال جوردان ذلك بعد صمت طويل وتابع : أحب أن أشكرك على هذا العشاء اللطيف الذى بالرغم من أنه فى غير محله فقد كان لذيذا , قال هذا وعيناه تلمعان بوميض السخرية فهو بالتأكيد يعلق على وجود توم على المائدة , كانت ماريكا تشعر بنفسها أكثر فأكثر إحراجا فالتزمت الصمت وإذا به يقترب منها ويلامس بشفتيه وجنتيها ويقول :
- همم .. إنه عطر جديد على ما أعتقد .. قال جوردان هو يغمض عينيه نصف إغماضة .
استغلت ماريكا الفرصة التى أتاحها جوردان لتخرج من الموقف المحرج .
- أجل , إنه عطر جديد أعمل على تطويره منذ عدة أسابيع وقد وضعت عدة قطرات منه لأجربه .. وأحكم عليه حتى آخر النهار .. كيف وجدته ؟
- ناعم جدا , يوحى لى بصباح منعش من فصل الربيع , كما أنه يوقظ الحواس , هل وجدت له اسما بعد ؟
- مازال الوقت مبكرا على ذلك .. لكننى أعتقد أنه على أن أبحث له عن اسم رومانسى ,يجعل المرء يحلم بغابات كونت أندرسون .. من الممكن أن أكون على خطأ في هذه الأيام , لكن أعتقد أننا لانحلم كفاية .. وهذا ما ينقصنا .
- ربما أنت على حق . أجاب جوردان , صحيح أننى لا أعرف الكثير عن تسويق مواد التجميل , لكن أعتقد أن بالتأكيد على حق .
- لاتكن متواضعا ! إلى هذا الحد جوردان , أجابت ماريكا مبتسمة :
فلقد ساعدتنى كثيرا في حملة الدعاية لمستحضرات العناية بالرجل بفكرتك بتقديم رجال في ظروف مناخية مختلفة وبحاجة لمثل هذه المستحضرات . كانت فكرة رائعة , على كل , فقد باشرنا إنتاج فيلم الدعاية . 
لا , بل اؤكد لك أننى سأعينك مستشارا خاصا لإدارة شركة ديميتر .
- أنا موافق , أجاب جوردان ضاحكا , للأسف فلجنة التحقيق التى أديرها في مجلس الشيوخ تمنعنى من العمل بأى شئ يتعلق بمواد التجميل . لم تستطع ماريكا أن تمنع نفسها من الابتسام . عندما فهمت ما كان يرمي إليه .
وقالت :
- هل أنت واثق بأن زياراتك المتكررة إلى هنا لن تضعك موضع شبهة في أعين زملائك السيناتورات .
- لاتقلقى أبدا , فمنذ الاستماع إليك في اللجنة التى أرأسها , كانت سمعتك الحسنة قد طغت , والجميع سوف يسامحوني ! إذا ما علموا أننى أتردد على السيدة مولنار الرفيعة المستوي .
صرخت ماريكا والتى كانت تتمنى أن تأخذ وجهه بين كفيها وتقبله لكنها لم تجرؤ على ذلك .
- جوردان , هل تهزأ بي !
كانت ماريكا تسمع صوت روث وتوم يتحادثان في غرفة الجلوس ومن الممكن أن يدخلا في أى لحظة ., كما كان توماس يستمع إلى الموسيقى في الركن الخاص الذى هيأه حيث وضع أجهزة الصوت المولع بها .
قال جوردان :
- على أن أذهب , فعلى أن أغادر إلى واشنطن بعد الظهر .
أجابت ماريكا التى لم تشعر منذ أن علم بوجود توماس بأية لحظة حميمة تجمعهما معا :
- أى خسارة أن تذهب الآن ! ودون أن ينطق بأى كلمة خرج من المطبخ , وإذا به يلتقى بتوم الذى جاء يستأذن من ماريكا فى الذهاب , وهو يشكرها من أجل الغداء .
- أرجو ياتوم ! أنا على أن أشكر لك مجيئك وانت تحمل لى هذا الملف اليوم , سوف أتفحصه هذا المساء وأعيد لك بأسرع وقت , قالت ماريكا , التى كانت تشعر بداخلها بندم عظيم لأنها قبلت فكرة روث السخيفة دون ان تفكر فيها .
رافقت ماريكا ضفيها حتى باب الشقة , وعندما أغلقت الباب الثقيل كان جوردان يجرى مكالمة هاتفية من غرفة المكتب التى كانت قد هيأتها من أجل الامسيات التى تحضر فيها الملفات إلى المنزل لدراستها ., لم تتوقف ماريكا عن النظر إليه وأخذت تتأمل وجهه الذى لم تظهر عليه علامات الزمن , ولم تجد ماريكا تفسيرا لذلك لكن الشئ الوحيد الذى كانت تفكر فيه تلك اللحظة وهى تراقبه : بأنه الرجل الوحيد في حياتها , لم تفكر ولو لحظة في المستقبل .. لم تتساءل قط إذا ما كانت الحياة سوف تجمعهما من جديد بعد خمسة عشر عاما من الانفصال .
لا بل الشئ الوحيد الذى كان فى داخلها هو إحساسها بجوردان الذى سيبقى إلى الأبد متربعا على عرش قلبها .
جاءها صوته بعيدا كمن يوقظها من حلم عميق .
همست له ماريكا :
- لا . كنت أشاهدك فحسب .. فأنت جميل جدا .
عقب ذلك صمت طويل بعدها أحست ماريكا بيد جوردان تأخذ بيدها بلطف .
- لقد غيرت الحجز في الطائرة , فمازال أمامنا بعض الوقت لنقضيه معا فقد مضى وقت طويل دون أن نخلو فيه لبعضنا : أليس كذلك ؟
قالت ماريكا التى كانت مأخوذة بمشاعرها :
- هذا صحيح . فسحبها جوردان إليه وسار بها عدة خطوات إلى أن وصل إلى الباب الى أوصده بحركة سريعة , كانت ماريكا تشعر بموجة عارمة من السعادة تغمرها وألقت بنفسها بين ذراعيه دون أن تضيع لحظة واحدة من الإحساس به فقد كانت متشوقة لهذا أياما وليالى .

كفاح وتضحية ، للكاتبة ميشيل برينت  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن