الفصل العاشر

6.5K 102 0
                                    

أخذت ماريكا تراجع مشاهد فيلم الدعاية للمرة العاشرة لمنتجات أبولون الذى سوف يعرض على التليفزيون بعد أسابيع قليلة .
فمسؤوليتها تجاه الشركة كانت قد أنهكتها .. فأخذت تشاهد مشاهد الفيلم صامتة . ولم تدل بأى تعليق .. فشركتها لم تكن قد استخدمت التليفزيون في الدعاية لتسويق منتجاتها , كانت ماريكا قد أخذت بعين الاعتبار أن عليها أن تنجح مهما كلف الثمن حيث إن النفقات والمصاريف التى أنفقت كانت ضخمة بالفعل .
أخذت ماريكا على عاتقها متابعة كل خطوة من خطوات الإنتاج فقد اختارت بعناية العارضات والممثلين كما أوحت لها فكرة جوردان .. فقد كان عليها إقحام الأنماط المختلفة من مستخدمة المستحضر الجديد أبولون . كان قد تم تصوير عشرات المشاهد حتى توصلوا إلى اختيار المشهد المقنع وعندما بدأ المونتاج كانت ماريكا قد اكتفت فعلا : كانت قد استثنت جانبا صورة أحد الموديلات من الممثلين الذى كان جميلا جدا بحيث لايقنع المشاهد أنه يعمل بالصحراء .
ماعدا ذلك كانت كل المشاهد ناجحة وتمثل أنواعا مختلفة من الرجال الذين يبدون مقنعين بالنسبة للجمهور .
كانت الموسيقى التصويرية قد تم اختيارها من قبل المخرج .. الذى اختار بضع دقائق من مناظر الفيلم على سبيل المثال .
عندما كانت الشاشة في القاعة تضاء للمرة العاشرة حتى نهاية الفيلم تنفست ماريكا الصعداء ., فالتفت المسؤول عن الدعاية نحوها محاولا أن يقرأ تعابير وجهها ليعرف ماذا يدور بذهنها وقبل أن يتكهن بذلك .
قالت ماريكا : أنا آسفة لاننى أخذت كل هذا الوقت من أجل أن أكون رأيي .. لكن لا أريد أن أحذف الكثير من التفاصيل .
أنا سعيدة بهذا الجهد المبذول .. وآسفة لأن روث ليست هنا لتبدى رأيها , لكننى متأكدة من أنه ستكون لها نفس وجهة النظر .. بالتأكيد . هناك بعض التفاصيل التى ليست على أتم ما يرام .. لكن أنا متأكدة من أنكم تستطيعون تداركها بعملية المونتاج .
لقد وجدت على وجه الخصوص اننا لم نكن متسرعين باستبعاد الرجل الوسيم الذى يمثل الموديل العامل في ورشته في الصحراء . فلا أنتم ولا أنا لم نصادف قط . رجالا عاملين في ورشة البناء .. وبالتالى نعرف كيف يبدون وأنا أشك أنه مشابه ولا بشكل من الأشكال لاحد هؤلاء العمال لا بجماله الناعم ولا ببشرته البرونزية .. والذى لم نختره سوى لتمثيل أسطورة أبولون ! لا , فأنا أعتقد أن قوة الفيلم تنبع من تقديم رجال عاديين نصادفهم يوميا وهذا ما يجب أن نركز عليه لما له من أثر على الجمهور .
كان فريق العمل مشدودا إلى حديثها فرفعت ماريكا وتابعت . يبدو لي أنه علينا أن نحذف هذا المشهد أثناء المونتاج , أخيرا على أن أقول لكم شيئا آخر .
يجب علينا أن نعيد النظر بطريقة التوزيع الموسيقى بحالاته المختلفة . وأن نتخلى عن فكرة تغير الموسيقى فى كل مشهد جديد , فالموسيقى يجب أن تحمل منتجاتنا .. وأن تكون حلقة الوصل بين كل هؤلاء الرجال في العرض الذى سوف يشاهده الناس على الشاشة الصغيرة .
يجب أن نتجنب الموسيقى الاستعراضية ونختار موسيقى كلاسيكية .
فمستحضرات أبولون لا يجب أن تكون إحدى ثمار الموضة بل على العكس من ذلك يجب أن تمثل المنتج الذى بحاجة له فعلا الرجال هذه الأيام , فما رأيكم ؟ سألت ماريكا ملتفتة إلى الفريق الذى يجلس خلفها في صالة العرض .
ساد صمت طويل .
- ماذا يحدث ؟ هل فقدتم جميعا القدرة على الكلام بعد مشاهدة فيلمنا الصغير ؟
بعد بضع لحظات كان جون المسؤول عن المختبر والذى غالبا ما تأخذ ماريكا بآرائه قد رفع نظارته إلى أعلى جبهته وقال :
- ماذا تريدين أن نقول ؟ لقد قلت كل شئ في كلمات وليس هناك ما نضيفه .
اجابت ماريكا ضاحكة :
- كف عن الاستهزاء بى , جون أعطنى رأيك ؟
- أنا جاد جدا , فقد قلت ما يجب أن يقال كالعادة , فأنا أشاطرك الرأى تماما . بالنسبة للتوزيع الموسيقى ., فعلينا على ما أعتقد أن نجد مقطوعة من عمل كلاسيكي .. لا اعرف تمام .. لكن موسيقى الفيولونسيل لن تكون سيئة أبدا ..
أجل , أعتقد أنها فكرة حسنة . قالت ماريكا .
كان المسؤول عن مكتب الدعاية لم ينطق بأية كلمة منذ بداية العرض وأخذ يستمع إلى التعليقات المطروحة .
استمر الحديث لبضع دقائق أخرى . ثم افترق الجميع بينما كانت ماريكا قد حددت موعدا للاجتماع المقبل الذى سيكون معه الفيلم جاهزا للعرض .
ظلت ماريكا جالسة فى صالة العرض لوقت متأخر .. أحد ماكان قد اطفأ النور دون أن يلحظ وجودها , أغلقت ماريكا عينيها كانت تريد أن تتذكر مرة أخرى أحداث بعد ظهر يوم الأحد الماضى .
لقد كانت مرتمية بين ذراعي جوردان , تضع رأسها على كتفه وعندما رفعت برأسها شعرت بشفتي جوردان تداعبان شفتيها بنعومة كانت تنفسه الحاد قد جعلها ترتعش .. كانت تشعر بحرارة الشوق الذى يجيش في أعماقها كما في أعماقه تماما . وبينما كانا يستلقيان على الأريكة إذا بجوردان يقول :
- على ان أغادر ..
فوضعت ماريكا رأسها على صدره وبقيا هكذا لوقت لابأس به ثم غادرها جوردان ليستقل طائرته من مطار كينيدى .
- أنا سعيدة جدا .. قالت له ماريكا وهى ترافقه حتى المصعد .. سأعيش على هذه الذكرى حتى تعود وقبلته قبلة أخيرة قبل أن يغلق باب المصعد .

كفاح وتضحية ، للكاتبة ميشيل برينت  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن