"أكسيو" قالها ويليام ليختبر عصاه الجديدة ونحن مازلنا على سفح الجبل الثلجي، سوداء تتخللها شرائط بيضاء اللون، وفي طرفها ما يبدو بلورةً صفراء ذائبة.
لم تمر ثوانٍ ورأيت معطفًا أسود اللون بين يديه "تفضلي" مد يده بالمعطف لي في هدوء وكان بيتر يراقبه بعيناه وهو يقيد الفتاة الزرقاء "شكرًا" همست وأنا ارتجف ثم احطت جسدي بالمعطف "كم عمرك يا ويليام" سألته وانا انتقي لنفسي صخرةً لأجلس عليها "انا في العاشرة منذ سنةٍ تقريبًا" جلس عن يميني بهدوء وجاء بيتر ليجلس عن يساري؛ القيت نظرةً خاطفةً على وجهه ادركت خلالها ان شفتيه اصبحتا زرقاوتين من البرودة فخلعت المعطف ورميته به قائلةً ببرود "أنت أولى مني به يا صاحب شعر الفتيات" وضع المعطف فوق رأسي وقال "هناك من يعجبه شعري الطويل هنا، يبدو جذابًا أليس كذلك؟" نظرت له بغيظٍ لوقحاته وقلت وأنا أعيد ارتداء المعطف "هلا تنظف عقلك من تلك القذارة قليلًا؟"
"يمكنني ان أكون أقذر من ذلك إن اردتي" قال ساخرًا وهو ينظر الى الأرض "خذ هذا" رميته بالمعطف مجددًا ووقفت فرأيته وقد كاد يرتديه لكنني مددت يدي مجددًا وأخذته ببطئٍ وأنا أقول بهدوء "اوه، اعتقد ان أحدهم احق منك به" وكدت أرفع يدي قليلًا بالمعطف لكنه جذب طرفه بقوة فأسقتني داخل كومةٍ من الثلج. ارتجفت بشدة وانا احاول الوقوف مجددًا وملابسي بالكامل أصبحت مبتلة "أنت وقحٌ وعديم الذوق" لم أكد انهي آخر كلماتي حتى أصبت بنوبة سعال "لن تصابي بالزكام، جسد الساحر لا يصاب بمثل تلك الأمراض. خذي المعطف واذهبي بعيدًا" كان أنفي قد أصبح أحمر اللون من شدةِ البرودة وكدت أبكي بعد فعلته السخيفة تلك لكنني استدرت وتناولت المعطف من على الأرض متجهةً الى حيث الفتاةُ الزرقاء.
قبل ان أخطو خطوةٍ أخرى أمسك بيتر بيدي فتراجعت ونظرت له؛ أغمض عيناه وشعرت فجأةً وكأن درعًا ما يحيط بي ويمنع عني الشعور بالبرودة، نظرت في عيناه باستفهامٍ فسمعت صوته داخل عقلي وهو يستخدم التخاطر "إعتبريه اعتذارًا" أفلت يدي وتركني أذهب الى حيث الفتاة الزرقاء يكاد الجليد يغطي وجهها وهي تواجه صعوبةً في رفع رقبتها عن الأرض "ما اسمك؟" قالت وشفتاها تترجفان "روز" حللت قيودها بهدوءٍ وأنا أشعر بنظرات ويليام تراقبنا من بعيد "هذه المرة الأخيرة التي سأمُد فيها يدي، إن رفضتي فلن افعلها مجددًا" قربت كفي منها في هدوءٍ منتظرةً رد فعلها فوضعت يدها في يدي ووقفت "أقتربي" قلت بهدوءٍ فاقتربت وهي ترتجف.
وضعت يدي على رأسها وأغمضت عيناي بتركيزٍ في محاولةٍ مني لتذكر تعويذةٍ ما ذُكرت في أحد الكتب وما إن تذكرتها هتى رددتها بخفوت كي لا تتمكن روز من سماعها؛ حينها رأيت جسدها كله قد أصبح شفافًا وتحيطه خيوطٌ زرقاء عدا بعض الأجزاء في ملابسها والتي كان يحدها اللون الأحمر، أبقيت يمناي على رأسها وحركت يدي اليسرا الى حيث النقاط الحمراء فأخرجت من جيوبها خِنجرًا وحبةَ دواءٍ وإبرةً تحتوي سائلًا أصفر وكنت ألاحظ اضطرابها وأنا أرمي تلك الأشياء حتى صرخت وأنا أُلقي بالإبرة بعيدًا "إتركيها" أومأت برأسي نفيًا ثم أكملت استخراج الأدوات المؤذية بنفس الطريقة حتى أصبحت الخطوط حولها زرقاء
"أعيديني إلى هناك أرجوكي، أنا خائفة" وضعت المعطف حول جسدها وتأكدت من إغلاقه وأنا أقول "انا هنا لأبعد عنك الخوف" إحتنضتها ثم أجلستها على صخرةٍ وقلت "هيا أخبريني القليل عنك" في هذه اللحظة تقدم بيتر منها وحدق في عينيها فأدركت ما يفعله. بدأت روز تصرخ ألمًا "بيتر، توقف" تجاهلني فقمت من مكاني ووقفت بينهما لأمنع اتصال عيناه معها "إبتعد من هنا" نظر لي بعنادٍ لكنني قلت مجددًا "بيتر، إذهب وحسب" وضع يداه خلف رأسه وركل قطعةً من الجليد في ملل ثم استدار عائدًا أدراجه "أريد العودة" بدأ كفها يرتجف فأمسكت يدها بيداي الدافئتين "نحتاجك معنا" كانت سوداء الشعر والعينان ولديها يدٌ نحيفةٌ برزت عروقها وشفتان لا تتوقفان عن الارتجاف "ألا تساعدك روينا؟" سألت وأنا أتفقدها بحثًا عن العلامة ولاحظت هي نظراتي فجذبت شعرها جانبًا وهي تقول "في قفا رقبتي" ثم رأيت وشمًا آخر لنسرٍ أزرق على قفا رقبتها" ناداني بيتر من بعيد فتركتها جالسةً وذهبت له
"هناك شيءٌ خاطئ"
"أعلم، من الحماقة ان تمتلك وشمًا هي الأُخرى، ماذا رأيت في ذكرياتها؟" نظر لي ساخرًا ثم قال "الم تلحظي شيئًا غريبًا؟ لقد كادت تموت وأنا أُخاطرها. مهما يكن فروح روينا يستحيل ان تكون بهذا الضعف؛ إنها مجرد فتاةٍ تملك قوىً سحرية وقد استبدلوها" جائت المدعوة روز من خلفنا وهي تحمل بيدها هاتفًا "الرئيس يريد الحديث معكم" رمت الهاتف فالتقته بيتر وفتح مكبر الصوت "لدينا شيئان تريدونهما ولديكما شيء، أعيدوا إلينا الفتى" ثم سمعنا صوت ضجةٍ جاء بعدها اصواتٌ تصرخ مستغيثة تبينتها، لقد كانت أصوات أبواي وإخوتي "الثامنة من مساء الغد وسيكون لدينا الكثير من الحراسة في أماكن مختلفة، تعالوا ومعكم الفتى وسنحرر الرهائن" انقطع الخط فنظرت لهم بقلق
"والآن؟" فكر بيتر قليلًا ثم قال "تعويذة الاستنساخ، سنستنسخ ثلاثتنا ونترك النسخ أمامهم بينما نقضي على الحراسة التي ليست في مرمى أبصارهم ثم نهجم من الخلف" نظرت له بضيق "قد يطلق أحدهم الرصاص على أسرتي" رماني بنظراتٍ فاحصة وقال أخيرًا "ألديك خطةٌ أفضل؟" أومأت له بتردد "سنذهب الى هناك انا و ويليام والزرقاء الحقيرة تلك ونسخةٌ منك بينما انت تقضي على الحراسة بالأعلى أكون قد أخذت أهلي وابتعدت وحينها يفلت بيتر نفسه من بين أيديهم ويلحق بك وأضع أنا اسرتي في مأمنٍ ثم نقضي عليهم جميعًا" أخذ نفسًا عميقًا وكاد يتحدث لكن ويليام سبقه "نحن لا نملك العلم الكافي بخطتهم لنحيك خطةً مناسبة، إنهم يريدونني وهذه مشكلتي انا الآن" قاطعته بضيق "ورهائنهم هم اسرتي وبذلك تصبح مشكلتي ايضًا"
"وانا اريد وريثة روينا الحقيقية، مشكلة ثلاثتنا" ابتعد ويليام قليلًا في طريقه الى حيث الفتاة الزرقاء تجلس "يمكنني قتلك الآن" قال لها بهدوءٍ وهو يدور بسرعةٍ شديدة حولها "الم يقل انه يريدوني ايضًا؟" ابتسم لها وأومأ نفيًا فامتقع وجهها "ذلك الوغد الحقير عديم النفع" توقف ويليام عن دورانه وقال ببساطة "لا تهمني نظرتك إليه الآن، بأي طريقةٍ تريدين الموت؟ بالسحر ام على طريقة مصاصي الدماء؟" اصبح وجهها بلون الموتى وهي تجثو على ركبتيها امامه "لا ارجوك، اتوسل اليك؛ سأفعل أي شيءٍ" لكنه تجاهلها وابتسم بهدوء
يتبع....