عروس الليل

٩

إن ذهني لشارد وإن نظري لا يفارق ضرتي وهي تمشي هنا وهناك تأمر خادمتي وتنهاها في تجبر لم أستحمله إلا لوجه هذه المرأة التي فضلت بقائي بعيدا عن المشاكل.

ثم إنني ﻷعود للتفكر في مقولة قرأتها صباحا ولم تستطع أن تفارقني، وهي كالتالي: [ إن الحب معركة خاسرة، نحن البشر، دوما ما خسرناها بطريقة أو بأخرى..] وهكذا فلقد آمنت بهذه الحقيقة، بل وإنني أتمسك بها وأشدد على ذلك..

وأنت يا قارئي العزيز تسخر مني، لا أمنعك من ذلك، لك كامل الحرية في السخرية مني، تستطيع أيضا أن تخبر أصدقاءك عن ما أنا فيه فتتشاركوا في السخرية وما أنا بمانعة إياك من السخرية، ولكنني أخبرك فقط أنني وقعت ذات يوم في حب الشمس فغابت الشمس مساء، وعادت صباحا باردة ليست كالتي أحببت، وأنني وقعت في حب اﻷرض وتربتها، ففارقت اﻷرض وتربتها فترة بلغت العقد من الزمن، وحين عدت ألتمسهما وجدتهما مختلفتين كل اﻹختلاف عن اللذين أحببت، وأحيطك علما أنني أحببت أبي فطردني وأحببت أخي ففارقني وأحببت أمي فهجرتني، وأحدثك عن هذا الجد الذي أحببت كما تحب الأم طفلها، ولكن الموت يجره من بين يدي إلى معشوقته،ويجر ذلك الغريب في الثلج، ويجر الناس الكثر والحقائق الكثيرة..ولقد منعتني الحياة من هؤلاء القوم وفارقتهم ظنا مني أن صورتي شوهت بينهم وما هي بمشوهة!

إنك يا عزيزي لتتساءل عن نوع هذا الحب الذي أكنه ﻷشخاص احتككت بهم لفترات متباينة، وأنا أجيبك أنه حب الوجود، إنه الحب الذي يسري في عروقي كلما تنفست هواء منعشا وكلما فكرت في كم الألم المتفرق بين الناس..

لانتحرت منذ زمن لو لم أعشق هذا الرجل ولو لم آمل رؤيته ذات يوم وقد تحققت آمالي، لقضيت على هذا الجسد أن ينتهي ذلك اليوم بعد أن تكسرت تلك المزهرية. إن الخوف لا يقيدني، احذر أن تفكر في ذلك فإنك ستسيء إلي، إن روحي لتيأس ولكنها لا تخاف، ليس من الموت على اﻷقل، فلقد استنجدته أن ينتشلها وما لبى دعوتها.

ولكنها تخاف أن تجد بين هؤلاء ردا فظا، وكرها حاسما، وحقدا مضمرا لن تعرف عنه ابتعادا..