الفصل الخامس
جلست علياء على إحدى الأرائك الحجرية المنتشرة على الشرفة حيث اصطحبها مازن بعد انتهاء رقصتهما.. حتى تنعش نفسها قليلاً بالهواء النقي.. كما أخبرها مازن, الذي ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة وهو يلمح محاولة يزيد للتقدم منهما, تلك المحاولة التي أحبطتها ريناد بفاعلية حينما تعلقت بعنقه استعداداً للرقصة القادمة... فما كان منه إلا جذب علياء نحو الشرفة الخارجية.. بعيداً عن جموع الشباب الذين بدءوا بالتحلق حولها طمعاً في مراقصة فراشة الحفل.. كما اطلقوا عليها...
وقف مازن أمامها وهي تتأوه بنزق بينما تخلع صندلها وتفرك أصابع قدميها في الأرض المكسوة برخام فخم:
ـ آآآآه.. يااااه.. أنت عارف أنا بقى لي قد ايه ما رقصتش تانجو.. يجي خمس سنين..
ضحك ضحكة خفيفة وهو يسألها:
ـ خمس سنين!!.. ليه هو أنتِ اتعلمتِ الرقص وأنتِ عندك كام سنة؟..
ضحكت علياء بسعادة وهي تسترجع أيام سعيدة بالنسبة لها:
ـ أنا اتعلمت الرقص قبل المشي.. ماما الله يرحمها قبل ما تتجوز كانت راقصة باليه محترفة.. علمتني حاجات كتيير.. ولولا الظروف كان ممكن احترف الرقص.. على الأقل الباليه.. لكن وفاة بابا.. وتحكم أعمامي.. أجبر أمي أنها تهرب منهم.. لكنها ما قدرتش تبعد عن الرقص.. ففتحت صالون لتعليم الرقص كان في جزء للبنات الصغيرين كانت بتعطيهم مبادئ للباليه.. وجزء تاني لرقص الصالونات.. والــ تانجو وسامبا وحتى سالسا.. وأنا بقى كنت معاها على طول.. أخرج من المدرسة.. جري... على قاعة الرقص.. أراقب.. وأتعلم.. وأما كبرت شوية بقيت أشارك في الدورات اللي ماما بتنظمها.. لحد ما اتجوزت عمو عصام.. و.. بدأت تتعب.. و..
أدرك مازن أن ذكرياتها السعيدة انتهت بوفاة والدتها فحاول تغيير الموضوع:
ـ بصراحة أنا اتفاجئت.. طول الوقت بتخيلك في المزرعة بين الخيل والزرع.. سرحانة في عالم لوحدك.. بترسمي لوحاتك.. زي ما يزيد بيقول.. بس أنتِ بترقصي روعة.. محترفة فعلاً..
أجابته بخجل:
ـ أنت كمان بترقص كويس قوي..
ضحك وهو يخبرها:
ـ آه.. هقولك سر.. جدتي كانت بتصر أننا ناخد دروس في الرقص.. حسن كان دايماً بيهرب.. وأنا اللي كنت بتدبس.. بس دلوقتِ.. زي ما أنتِ شايفة.. أكيد هو هيموت من الحسد.. وهو شايفني برقص مع فراشة الحفلة..
ابتسمت علياء بخجل ولم ترد على إطرائه الرقيق.. وعاودت ارتداء صندلها.. ووقفت تستعد للدخول الى القاعة.. فسألها بفضول:
ـ عايزة تدخلي ولا ايه؟..
أومأت موافقة:
ـ ايوه ما يصحش نتأخر بره أكتر من كده..