الفصل العشرون
وقفت منى تمشط خصلاتها السوداء الطويلة يرتسم تعبير غامض في عينيها التي تقابل عينيّ حسن في المرآة.. منذ عاد من عمله وهي تتهرب منه.. ولكن عينيها تمسح ملامحه بغموض غريب.. وكأنها تبحث عن شيء ما..
تحرك حسن أخيراً من فوق الفراش وقد سأم لعبة تبادل النظرات عبر المرآة.. وقف خلفها وألصق جسده بها وامتدت يده لتمسك بكفها فتسقط فرشاة الشعر منها محدثة دوياً خفيفاً.. ولفها نحوه وهو يضمها بقوة هامساً:
ـ الجميل زعلان ولا مخاصمني!
لم ترد عليه, بل لم ترفع عينيها إليه حتى.. حرك أنامله ليمسك بذقنها يرفع وجهها ليواجه عينيها الحزينة وهو يهمس وقد ظهر القلق واضحاً بنبرته:
ـ منى.. أنتِ مش طبيعية.. في إيه؟..
حاولت الهروب من عينيه.. الابتعاد عن قبضته القوية حول خصرها.. تتناسى تلك المكالمة الملعونة.. صاحبة الصوت المغناج التي تتغزل بزوجها ورجولته.. ومتعتها بين ذراعيه..
رفعت له عينين معذبتين سقطت منهما دمعة بلا إرادة منها.. سارع هو على الفور ليمسحها بشفتيه وهو يسألها بهلع:
ـ في إيه يا منى؟..
تركت رأسها ليسقط فوق صدره وقد بدأت دمعاتها تتوالى وهي ترفع يديها لتعقدهما خلف عنقه.. لتصطدم أناملها بالخدش الطويل في جانب عنقه.. الخدش.. الذي وصفته لها ابتسام على الهاتف.. وحددت موضعه تماماً.. وهي تضحك بغنج وقح عن المتعة التي منحها لها حسن لتمنحه هذا الخدش..
دفعت منى حسن بقوة تخلص نفسها من بين ذراعيه هاتفة بصوت مجروح:
ـ أنت كنت فين قبل ما تيجي يا حسن؟..
لم يسمح لها حسن بالابتعاد.. وتمسك بذراعيها بين يديه يلمح دموعها التي أبت التوقف ونظرات الألم بعينيها وهو يهز رأسه بحيرة:
ـ كنت في الشغل يا منى.. هكون فين يعني؟..
دفعته للتخلص من ذراعيه.. ومنعته من محاولة الامساك بها من جديد وتعالت شهقاتها:
ـ لا يا حسن.. لا.. قولي كنت فين..
تحرك ليتمسك بكتفيها ويتغلب على مقاومتها الواهية ليقترب من عينيها الباكية:
ـ منى.. أنا عمري ما كدبت ولا هكدب عليكِ.. في إيه؟.. أنا مش فاهم حاجة.. فهميني..
رفعت عينيها الدامعتين لتمرا على الخدش بجانب عنقه وهي تحرك شفتيها بدون صوت.. فعاد هو ليضغط على كتفيها باصرار:
ـ منى.. أنا أعصابي اتحرقت.. في إيه؟؟..
مسحت دموعها بظاهر يدها وهي تشير إلى خدشه بإصبع مرتعش:
ـ الجرح اللي في رقبتك ده من إيه؟..
رفع يده يتلمس عنقه وهو يتساءل: