الفصل الرابع عشر
وقف مازن وقد فرج ساقيه وكتف ذراعيه على صدره تشع من حوله طاقة من الغضب تعكسها عيناه بوضوح وهو يتأمل دنيا التي جلست على أحد المقاعد وقد شبكت أناملها, تهز ساقها بلامبالاة وقد وضعتها فوق الأخرى فانكمش طول التنورة القصيرة من الأساس فكانت تصل بالكاد إلى منتصف فخذها...
قطعت دنيا حلقة الصمت وسألته بهدوء بارد:
ـ هتفضل ساكت كده كتير؟
خرج صوته يضج بغضب مكتوم:
ـ بحاول أفهم إيه اللي حصل النهارده ده؟..
نهضت بغتة من جلستها وواجهته بغضب مماثل:
ـ أوعى عقلك يوديك لحتة غلط.. أنت عارفني كويس.. وعارف أنه مش أنا اللي أعمل كده..
فك ذراعيه ولم يرد بأي شيء بينما أظهرت عيناه غضب مشتعل.. فرفعت دنيا سبابتها ووكزته بها في صدره عدة مرات وهي تهتف به:
ـ علاقتك بها ما تهمنيش في حاجة.. وبكررها تاني أنا ما اعملش كده.. لو كنت من النوع ده صدقني كانت حاجات كتير اتغيرت وأنت عارف كده..
فك ذراعيه وقلل من تحفزه قليلاً وقد شعر بالندم لأنه جدد جراحها من جديد:
ـ أنا آسف يا دنيا.. بس لازم أفهم.. إزاي أنتِ ونيرة اتقابلتوا وليه؟
ـ نيرة هي اللي اتصلت بيا وحددت الميعاد.. عايزاني أصمم لها فستان الفرح
ـ هه..
قالها بسخرية مستفزة جعلت درجات غضبها ترتفع للسماء فهتفت به:
ـ أظن أني ما كدبتش عليك ولا مرة طول السنتين اللي فاتوا.. ومش هاجي أعملها النهارده.. وأكيد برضوه هي قالت لك هي كانت معايا ليه.. ولا إيه؟
هدأ غضبه قليلاً وهو يتذكر ثرثرة نيرة في السيارة عن المُصممة التي على وشك دخول أبواب العالمية وعن اتفاقها معها لتصمم ثوب زفافها.. كانت كلماتها تتبخر فوق مراجل غضبه من دنيا فلم يركز في حديثهما إلا قليلاً..
عاد صوت دنيا يهتف به:
ـ أنت روحت فين؟.. مازن.. أنت لسه مش مصدقني؟..
غمغم بتعجب:
ـ وإيه اللي يخلي نيرة اللي بتطلب هدومها مخصوص من باريس, تطلب منك تصميم فستانها!
كتفت ذراعيها وهي تجيبه ساخرة:
ـ ميرسي على المجاملة!
مسح وجهه بكفيه وهو يعتذر ثانية:
ـ أنا آسف.. ما اقصدش..
قاطعته بإشارة من يدها:
ـ بص يا مازن.. أنا هوضح الموضوع عشان مش عايزة أي سوء تفاهم بينا.. نيرة اتصلت بيا الصبح وطلبت تقابلني.. حددت لها ميعاد بعد أسبوع أكون رجعت من سفرية لبنان.. لكن هي أصرت على مقابلة فورية.. وأظنك عارف قد إيه خطيبتك ممكن تكون مقنعة..