الفصل السادس عشر
فتح يزيد باب الشقة وسمح لعلياء بأن تتقدمه.. قبل أن يغلقه خلفها.. ثم مد يده يقبض على أناملها الرقيقة بقوة ويسحبها خلفه.. وهو يصف ويعدد لها مزايا الشقة التي اختارها بناء على نصيحة مازن لتكون شقة الزوجية الخاصة بهما.. كان يرص الكلمات بسرعة وغضب وهو يمر بها من غرفة لأخرى.. حتى وصل بها إلى المطبخ الذي كان واسعاً جداً.. كست جدرانه عدة دواليب خشبية.. قدرت علياء أنها صنعت من خشب الأرو.. وتوسطته خزانة كبيرة مستطيلة ومتوسطة الطول.. غطتها قطعة رخامية عريضة..
ارتكزت علياء بكفيها على القطعة الرخامية وقد قررت التوقف عن التجوال بالشقة.. وسمعته يسألها:
ـ ايه رأيك في الشقة؟..
وقبل أن تجيبه ارتفع رنين هاتفه.. بنغمة معينة جعلت علياء تدرك على الفور أن ريناد هي المتصلة.. فلم تملك إلا التأفف في صمت وهي تراه يسحب الهاتف ليتحرك بعيداً ويجيب عليه.. تذكرت لحظة خروجها من الحمام في الصباح وقد لفت جسدها بمنشفة ضخمة وأخذت تبحث في خزانتها عما ترتديه حتى تعثرت ببنطال جينز وقميص قطني.. عندها سمعته وهو يتحدث معها على الهاتف.. لينتابها إحساس مؤلم بالمهانة وحارق بالغيرة.. شعرت بالفعل وكأن جسدها يئن ألماً من عنف الغضب الذي عصف بها.. لتجد يدها تمتد غريزياً إلى أحد الأثواب الصيفية الذي ابتاعته برفقة نيرة.. فسحبته بقوة ودخلت الحمام مرة أخرى لترتديه.. كان ثوباً خفيفاً.. ذو فتحة صدر مربعة.. جزئه العلوي ضيق ويلتف تحت صدرها مباشرة زنار عريض ذو لون وردي مشرق.. وهو نفس لون الورد المنتشر بالفستان ذو الأرضية الكريمية اللون وطوله يصل إلى ما بعد ركبتيها مباشرة..
لمحت نفسها في مرآة الحمام.. لترى أن مظهرها تغيير بفعل ذلك الثوب المغري.. شكرت صديقتها في صمت قبل أن تخرج إلى الغرفة لتجده انتهى من مكالمته الهاتفية وجلس بانتظارها.. فهتفت بعجلة:
ـ أنا جاهزة عشان نروح نشوف الشقة..
لم يسمعها وعيناه تلتهمان تفاصيلها في ذلك الثوب المهلك.. وقد رحل ذلك الجزء من عقله الذي أقنعه منذ قليل أن يبتعد قليلاً ليمنحها فرصة النضوج.. تساءل في جنون.. أي نضوج أكثر من هذا؟!.. يكاد يقسم أنها لو نضجت أكثر لأنفجر هو فوراً..
سألها بصوت أجش وهو يقترب منها ويتحسس الثوب وما يخفيه الثوب بجرأة بالغة:
ـ نروح فين؟.. وجاهزة ايه!!.. روحي البسي..
دفعت يديه بعيداً ووضعت يدها بخصرها فارتفع الثوب لأعلى وهتفت هي بغيظ:
ـ أنا لابسة فعلاً.. وفستاني جديد..
قالت جملتها الأخيرة بحرقة طفلة غاضبة فابتسم قليلاً:
ـ جديد!.. وجه امتى؟..
ـ جبته مع نيرة عشان الكلية..
قفز.. بل طار فعلياً في مكانه فذكرها بحبة ذرة تتقافز فوق صفيح ساخن وهو يصيح: