الفصل السابع والثلاثون

20.5K 347 4
                                    

الفصل السابع والثلاثون

ـ أنا مش هضيع لحظة زيادة.. لازم تكوني في حياتي.. ورسمي..

هتفت به ذاهلة:

ـ ايه!!..

اقترب برأسه منها وهو يخبرها ببطء وكأنه سيتهجأ حروفه:

ـ هـــــطــــلــــب... إيــــــدك..

توسعت عيناها بذهول وأخذت تحرك شفتيها عدة مرات محاولة تكوين أي كلمات لها معنى ولكن بلا جدوى.. تباً لحالة البلاهة التي تصيبها بحضوره..

وللدقة تصيبها فقط عندما يخصها بتلك النظرات الناعمة بعينيه والتي تشعرها باحتواء وأمان تام.. وكأنه يضمها بين جفنيه مبعداً عنها شرور الدنيا وآلامها..

هربت بعينيها منه محاولة قطع خيط التفاهم الذي يربطهما فمهما كانت حالة الغيبوبة التي تسببها لها نظراته وحتى لو قفز قلبها الآن مهللاً بعودته ورقصت أعماقها طرباً بعرضه, إلا أن عقلها سيسطر على الوضع فوراً نابذاً تلك المشاعر والأحاسيس والتي لا تسبب خلفها إلا الدمار والألم..

حاولت الرد عليه بقسوة وانهاء الأمر ليسبقها صوت والدها الذي أتى من خلفها مرحباً بحسن:

ـ مين؟.. حسن!.. معقولة!.. أهلاً.. أهلاً.. اتفضل يا بني..

ثم التفت إلى ابنته المسمرة في مكانها:

ـ ايه يا صبا!.. أنتِ سايبة حسن على الباب.. اتحركي يا بنتي خليه يدخل..

رفع حسن عينيه عنها بصعوبة عندما وصله صوت والدها.. فقد أغرقته نظرات عينيها التي توالت بها مشاعر شتى.. فرح.. شوق.. سعادة لتنقلب سريعاً وفجأةً إلى حزن وألم ورفض تام... رفض ميزه على الفور وأثار قلقه بقوة.. ولكنه لن يثنه عن عزمه.. هي له.. حتى لو اضطر لمحاربتها هي شخصياً لينال قلبها العاصي..

تحركت صبا مبتعدة عن الباب استجابة لكلمات والدها.. بينما تحرك حسن محيياً الرجل الأكبر سناً بمودة بالغة:

ـ أهلاً بحضرتك يا عمي.. أنا آسف أني جاي في وقت متأخر..

قاطعه عامر بمودة:

ـ ما تقولش كده يا حسن.. ده بيتك.. وأنت عارف معزتك عندي..

قالها الرجل بتأكيد وكأنه يحاول رفع الحرج عن حسن, بينما لمعت عينا صبا بتعجب فموقف حسن من نيرة قديماً وما فعله بها كان مؤلماً فكيف يستقبله والدها بكل الود والترحاب هكذا, ولكن ما لا تعلمه هو زيارة حسن لوالدها منذ سنوات وبالتحديد عند عودته من شهر عسله ليعتذر لعامر بشدة موضحاً له ما قامت به نيرة ونيتها لاتهام منى بالسرقة وتهديدها لها, شرح له محاولاته العديدة للتفاهم معها وما كان يقابلها من استمرارها في عِندها ومحاولة السيطرة والاستحواذ عليه.. أظهر عامر تفهماً حزيناً فهو كأب أراد لابنته زوج مثل حسن, ولكنه النصيب كما يقولون.. ولم ينسَ حسن يومها وهو يودع الرجل الأكبر أن يهمس له بصدق عشق مازن لنيرة.. وأن ما فعله بالحفلة لم يكن بناء على خطة مسبقة أو اتفاق ما, ولكنه تحرك يدفعه قلبه وعشقه لنيرة وأن ذلك سبب أكثر من كافي لاستحالة ارتباط حسن بنيرة..

متاهة مشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن