الفصل الثالت وعشرون

22.4K 390 5
                                    

الفصل الثالث والعشرون

اتكأت منى بمرفقها على الوسادة تتأمل وجه حسن النائم بجوارها.. ملامحه هادئة ومرتخية وقد اختفت معالم الشراسة التي اكتسبها مؤخراً..

تهوى كثيراً مراقبته أثناء نومه, وهو ما لم تعد تفعله كثراً في الآونة الأخيرة بسبب صعوبة ساعات عمله.. عمله الذي توقف عن الذهاب إليه منذ تلك الليلة التي وجدته بها نائماً على الأريكة خارج شقتهما الصغيرة.. ومنذ تلك اللحظة وهو يتشبث بها.. يلتصق بها كما يلتصق الطفل بأمه, وكأنه يخشى أنه بابتعاده عنها سيستدعي حسن الآخر.. ذاك الذي دأب على الإساءة لها.. وجرحها مؤخراً..

مرت بأناملها برقة على ملامحه.. مسترخية.. نعم.. ولكنها مجهدة.. وكأن ذهنه لا يتوقف عن التفكير حتى أثناء نومه.. فقط لو تستطيع الدخول إلى عقله لتريحه من الدوامة التي تسحبه من الحياة.. دوامة يصارع للهروب منها.. بإغراق نفسه بين أحضانها هي.. ليس بحثاً عن متعة, ولكن عن أمان.. كما لو كان يبحث بها عن هويته.. عن حسن الذي كانه مرة وأصبح عاجزاً عن استعادته إلا بين ذراعيها...

شعر حسن بحركة أناملها البطيئة على وجهه ففتح عينيه ومد يده ليمسك بأناملها الرفيعة وابتسم لها, فأخفضت عينيها خجلاً وبادرته:

ـ صباح الخير..

ضغط يدها على شفتيه ليطبع قبلة داخل كفها ويردد:

ـ صباح الخير على عيونك الحلوة..

ابتسمت لرده الغير مألوف.. وقبل أن تجبه جذبها بين ذراعيه لتتوسد رأسها كتفه ومد يده ليرفع يدها أمام عينيه وهو يهمس بتعجب:

ـ أنا ما جبتش ليكي شبكة!.. ازاي نسيت؟..

لفت لتواجهه وهي تسأله بذهول:

ـ شبكة!!.. شبكة ايه يا حسن؟.. هو ده وقته؟!

رفع جسده قليلاً وظل محتفظ بها بين ذراعيه:

ـ ومش وقته ليه؟.. تعالي ننزل نختار..

قاطعته قبل أن يكمل كلامه:

ـ مش هتروح شغلك يا حسن؟..

أشاح بوجهه بعيداً:

ـ لا.. أنا مجهد ومش قادر أنزل..

مدت يدها لتعيد وجهه ليقابلها:

ـ حسن..

قاطعها بسرعة:

ـ طب.. تعالي نخرج نروح أي مكان.. من فترة ما خرجناش سوا..

نادته برقة:

ـ حسن..

تنهد عالياً ورد بقلة حيلة:

ـ ايوه يا منى..

أحاطت وجهه بكفيها وقربت وجهها من وجهه هامسة:

ـ حسن حبيبي.. لازم ترجع شغلك.. أنت قدامك هدف ولازم تحققه.. الهدف هدفك.. والنجاح هيبقى ملكك أنت.. ليه تشغل بالك بأي حاجة تانية.. ليه تسمح لأي حد أو أي حاجة تعطلك وتبعدك عن اللي أنت عايزه..

متاهة مشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن