الفصل السادس وعشرون

20.2K 379 21
                                    

الفصل السادس والعشرون

الاحتياج

اجتياح كل العوائق والمسميات

يتسلط على العقل ويلغي الفؤاد

بسمتك.. نظرتك.. لمستك.. قربك

وجودك بجواري في الحياة

أنت دون الجميع أشعر معه بالضعف والاحتياج

رغم قوتي أدنو إليك باحتياج

تكمل الناقص والمطلوب دون تعقيدات

انصهار.. ذوبان.. إغداق.. نشوة.. متعة.. رغبات

نصفي الغائب وتفصل بيننا الظروف والمسافات

ولكنه الاحتياج يتحدى المستحيلات

معك أنسى الواقع والحاضر وكل ما هو آت

معك أهزم العالم وأقبل كل الإستثناءات

أخضع وأرضى وأتحول لكتلة احتياج

مشتعلة لا يطفئها إلا نيرانك المستعرة

ليكون الجنون في أغرب الحالات

خاطرة الفصل بقلم:

إيمان حسن


ظل مازن جالساً بسيارته يتأمل مدخل الفيلا لفترة طويلة.. خلف تلك الجدران يكمن حب حياته.. حلمه الذي ظن لوهلة خاطفة أنه حققه, وأمسك به بين يديه.. رفيقة طفولته.. حلم صباه وهوس شبابه.. جمع معاني الحب كلها باسمها؛ نيرة.. ولكنها ظلت حلم.. سراب.. أمل كان يخفت على مر السنين, ولكن في لحظة أصبح هو فارسها ليتوهج ذلك الأمل من جديد.. فخدع نفسه لفترة بكونه حبيبها.. لتصدمه بحقيقة أدركها قلبه العاشق منذ الأزل.. فهي قد تكون حبيبته الوحيدة.. ولكنه لم ولن يكون حبيبها أبداً.. وصرختها السعيدة بخبر مرض منى كانت صفعة قوية على وجه زواجهما هش الأسس..

"يعني منى عيانة وهتموت!"..

صرختها بفرحة طاغية.. لتنتبه لصدمته القاسية.. ولم تنتبه لقسوتها.. أو نبرة الشماتة بصوتها.. يومها نظر إليها مطولاً وكأنه بالفعل يراها للمرة الأولى على حقيقتها, فبرغم كل مساوئها التي يدركها ويتعامل معها, بل أنه بطريقة ما أحبها.. لكنه لم يتخيل يوماً أن تشمت وتفرح بموت إنسانة.. لقد شعر بالاشمئزاز منها, بل من قلبه لأنه أحبها يوماً..

جاءت رغبة حسن بعدم حضورها عزاء منى كقشة إنقاذ تمسك بها حتى لا يرى فرحة عينيها.. فرحة يتوقعها ويخشاها..

زفر بحنق وهو يتذكر أن عليه الآن أن يخبرها بموت منى, ليس ذلك فقط بل بوجود دنيا في حياته.. وجود لن يستغنى عنه ولن يخسره.. بل سيدعمه بموافقته على إنجاب دنيا لطفله, طفل ترفض نيرة وبإصرار إنجابه ولا يحق لها الاعتراض على رغبته في ممارسة أبوته بعيداً عنها..

يكاد يتخيل ردة فعلها.. صراخ وزعيق واتهامات متوالية بالخيانة والظلم والقسوة.. ستعاني صدمة حتماً وقد تحطم البيت فوق رأسه حرفياً.. ولكنها لن تنسحب.. يعرفها جيداً ليدرك أنها ستواجه.. وستحارب.. ليس من أجله للأسف, بل من أجلها هي.. من أجل نيرة.. ابتسم بسخرية لنفسه.. نعم.. لقد تعلم الدرس.. فنيرة لا يهمها إلا نيرة.. تحارب وتقاتل وتهاجم وتدافع فقط عن نفسها.. حتى كرهها توجهه لنفسها ولمن يتجرأ على خدش ذات النفس ولو بخدش خفيف.. وهو لن يخدش فقط.. بل سيغرز السكين ويلويه في الجرح؛

متاهة مشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن