الحلقة (17):

20.7K 490 3
                                    

*حتي أقتل بسمة تمردك*


الحلقة (17):


نبرته الهادئة و المهددة في آن معا ملأت قلبها رعبا ، فيما إنحني علي الفراش و قبض علي يدها بأصابعه الفولاذية ثم أشعل صوته بفضب حارق و تابع قائلا:
-اتجرأتي عليا اوي يا داليا بس و ديني الحركة دي مش هتعدي بالساهل و لا ليلتك هتعدي علي خير.
حدقت فيه بثبات مرعب ثم نطقت أخيرا فقالت محتدة:
-علي فكرة حضرتك .. انا مش ندمانة نهائي علي اي حاجة عملتها اي واحدة مكاني لو كانت شافت جوزها في الوضع اللي كنت فيه كانت هتعمل اكتر من كده.
أطبق يديه علي كتفيها العاريتين و راح يهزها بلا رحمة و هو يزأر من بين أسنانه:
-بتهزأيني قدام ضيوفي و الموظفين بتوعي و كمان بتقولي مش ندمانة ! لأ و لحظة قولتي ايه ؟ جوزك ! ده بأمارة ايه ؟؟
شعرت بقلبها يكاد ينخلع من صدرها ، و جاهدت بقوة حتي لا تفر دمعة خوف من عينها ثم قالت بأنفاس متقطعة:
-بأمارة اننا متجوزين طبعا .. ماعتقدش حضرتك نسيت يعني.
إشتعلت عيناه كالنار و هو يحدجها بغضب عارم ، ثم أنزل يديه و قبض علي معصمها بقوة قائلا بنبرة زادتها رعبا:
-طيب .. استعدي بقي يا داليا .. انا نازل اكمل الحفلة مع الناس اللي تحت قدامك شوية وقت .. حاولي تستفيدي من وقتك ده لاني لو رجعت و قابلتيني بالرفض .. هتجبريني ساعتها اني اتعامل معاكي بطريقة مؤلمة مش هتتحمليها.
لم ينتظر ردها ، بل هب واقفا ثم غادر الغرفة تتآكله عصبيته ، بينما ظلت لفترة طويلة بعد ذهابه تحدق في أثار قبضته الحمراء حول رسغها و كأنها سوار عبودية طبعته علي لحمها أصابع سيد جبار !
الليلة سوف يطالبها بأن تلعب دور الزوجة المطيعة و الخالية من الروح ، لا مهرب لها من عقابه المحتوم ، يبدو أنها لا تستطيع إحتمال عذاب أكبر ، فحبها له هو العذاب الأليم بحد ذاته !
أخذت تفكر به مليا .. قاسٍ هو إلي أبعد الحدود ، و ربما غير آبه لأي شخص أو لأي شيء ، و لكن الأمر الأكيد ، أنه في غضبه يبدو أكثر جاذبية !
تلك الأفكار المجنونة أذهلتها ، فكيف تجده جذابا في لحظات كهذه ؟ كيف تحبه إلي هذه الدرجة و هو السبب بكل آلامها ؟ و كيف لا تحبه أيضا و هو أكبر لغز بالكون ؟
هو السيء العنيف القاس ، و لكنه الأفضل علي الإطلاق ، يملك جاذبية صارخة ، منذ قليل لم يكن وسيم الطلعة كعادته فملامحه كانت صلبة و قاسية إلي درجة أن وصفه بالرجل الوسيم فقط كان نعتا لا يفي بالمطلوب ، إذ أنه دائما سواء في هدوءه أو ثورته يمتلك نوعا من العنف الرقيق ، أكد لها أن حياته لم تكن حياة إنسان لاه مسترخٍ ، كان معتادا علي الرفاهية فعلا ، لكن الشخصية التي بانت من خلال ملامحه لم تخلق من مثل نمط الحياة هذه ..
كان قاسيا في مشاعره و سلوكه ، و لكنها وقعت بحبه سهوا ، أغرمت به إلي أقصي حد ، فهو من حرك مشاعرها لأول مرة ، هو من أوقظ تلك الأنثي بداخلها ، هو من أوقد تلك الشعلة الملتهبة بداخلها التي بثت لهيب حبه بكيانها و التي لن تنطفئ حتي يتوقف قلبها عن الخفقان ..
لم تعلم كم مر عليها من الوقت و هي جالسة تخوض صراع قوي بين عاطفتها و عقليتها ، لم تنتبه إلا عندما إنفتح باب الغرفة و دلف"عز الدين"بمنتهي الهدوء بعد أن أغلق الباب من خلفه ، بينما هبت من الفراش مذعورة حين رأته يتقدم صوبها ببطء و كأنه أسد متربص جاهز للإنقضاض علي فريسته ، فرت من أمامه راكضة حيث إلتصقت بالجدار في أخر الغرفة ، فيما ألقي بثقله علي الفراش متهالكا مما أدهشها و أثار حيرتها !
بينما تنهد بعمق مسندا رأسه إلي حائط الفراش ، و تمعن فيها بكسل متأملا خوفها الظاهر بوضوح في دموع عينيها و رعشات جسدها ، ثم همس بلهجة صارمة:
-تعالي هنا.
تجمدت"داليا"بمكانها ثم هزت رأسها بخوف قائلة:
-لأ .. ارجوك .. قول اللي انت عايزه انا سمعاك من هنا.
أعاد عبارته بلهجة حادة مرتفعة:
-تعالي هنا.
إنتفضت"داليا"و دمعت عيناها ، ثم هزت رأسها ببطء رافضة ، أمهلها عشر ثوان للعدول عن رأيها ثم فقد صبره ، فقفز واقفا علي قدميه بعنف شديد و تقدم صوبها بخطوات غاضبة حتي وصل إليها ، فطرح يديه علي كتفيها ثم شدد قبضته عليها قائلا بنعومة شرسة:
-انتي بتزودي عصبيتي يا داليا .. اسمعي الكلام احسنلك.
ثم غرز أصابعه في كتفيها غير آبه بمقاومتها الركيكة ، فهتفت تقول بإرتباك مجنون:
-انا عارفة اني غلطت .. بس بس ..
-غلطتي !!
قاطعها بقوة ، ثم تابع بصوت قاس ٍ و كأن الغضب يسحق الكلمات بين أسنانه:
-انا متاكد انك ماكنتيش في وعيك اساسا لما اتصرفتي معايا انا كده و قدام الناس كمان .. بس احب اقولك ان اللي عملتيه ده اتنسي خلاص و محدش هيجرؤ يفتكر اللي حصل اساسا .. عارفة ليه ؟ لان كل الناس اللي شوفتيهم دول بيخافوا مني و اكبرهم قبل اصغرهم بيعملي حساب الا انتي.
إبتلعت ريقها بصعوبة و كادت تتكلم فسارع إلي القول بحدة:
-هو الموقف ده فعلا اتنسي بالنسبة للناس .. لكن بالنسبة لي انا لسا ماتنساش و مش هيتنسي قبل ما ادفعك التمن يا داليا .. واضح اني كنت لطيف معاكي لدرجة صورتلك اني ضعيف لكن لأ يا داليا مش انا .. مش عز الدين نصار اللي تعمل فيه كده واحدة زيك .. انا شكلي فغلا كنت غلطان لكن خلاص مش هتمادي تاني في الغلط ،، بس الاول لازم اصلح غلطتي.
تسمر بصرها في عينيه المشتعلتين وسط وجهه الغاضب المخيف ثم قالت بصوت مبحوح:
-ابعد عني .. لو سمحت.
برقت عيناها بدموع الخوف و هي تتوسل إليه ثم تابعت:
-انا بعتذرلك .. انا اسفة .. سيبني بقي.
إبتسم بتهكم قائلا:
-اعتذارك مقبول يا داليا .. بس ده مش هيمنعني عن اللي في دماغي بردو.
ثم قربها إليه حتي ألصقها به فشعرت بصلابة جسده ، بينما وضع قبلة عميقة علي وجنتها فإرتعت علي أثرها ، ثم نزل بقبلاته التي إزدادت حرارة و قسوة إلي عنقها ، فيما يداه تتلمس بقوة و بطء كافة أجزاء جسدها في إكتشاف مثير لمعالمه الأنثوية .. :
-بس .. ارجوك .. كفاية ماتعملش فيا كده.
رجته بضعف ، بينما عاد ينظر إليها و قد سيطر علي أنفاسه اللاهثة ثم رفع حاجبيه بإندهاش مصطنع و قال:
-و انا بعمل فيكي ايه بس يا داليا ؟ انتي مراتي و بطالب بيكي .. ده حقي.
رمقها بحدة ، فإنهارت قواها تماما تحت إصراره العنيف فراحت تبكي بهوان قائلة:
-ارجوك .. بلاش دلوقتي.
كانت تعلم بأن كل توسلاتها لن تؤثر فيه مثقال ذرة إذ أدركت أنها أبعدته عنها ما فيه الكفاية ، و أنه قد وصل إلي نقطة اللاعودة في نفاذ صبره و غضبه ، بينما عيناه الجائعتان مشطتا جسدها الملتف بالثوب الأسود المثير الذي كشف عن معظم جسدها و أبرز منحنياتها و مرتفاعتها .. ثم فجأة تذكر أنها ظهرت أمام ضيوفه بهذا الشكل مما أوقد نيران الغضب بكيانه مرة أخري ، فحدق فيها بقسوة ثم إنحني برأسه و إلتهم شفتيها بعنف ، قبلها بوحشية فأحست و كأنه يمتص الحياة من بين شفتيها ، حاولت جاهدة أن تقاوم ، أن تهرب ، لكنه أخمد محاولاتها بعنف و إصرار بالغين ، حتي خارت قواها و إستسلمت لدفء جسده الغامر ..
و لكن فجأة قفزت برأسها صورته مع جومانة في مشهد الرقصة الحميمية ، فعادت إلي صوابها و أبعدت وجهها عنه بقوة صارخة:
-لأ .. لأ مافيش اي حاجة هتتم بإرادتي.
رمقها بغضب ثم رفعها بين ذراعيه مزمجرا:
-يبقي غصب عنك بقي.
و توجه بها نحو الفراش ثم ألقاها بعنف ، و قبل أن تفيق من صدمتها كان قد كبل حركتها بجسده الضخم حيث قتل لها كل أمل بالفرار منه ، ثم أطبق شفتيه علي شفتيها مسكتا صراخها بقبلة وحشية ، فأيقنت بمرارة أن
أي مقاومة لن تأت بنتيجة ، و أنها لن تنسي أبدا هذه الليلة طوال حياتها ... !



حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن