الحلقة (22):

20.7K 472 6
                                    

*حتي أقتل بسمة تمردك*

الحلقة (22):


أخذ يهزها بقوة صارخا و دموعه تسيل بحرارة:
-عبييير .. ردي عليا .. كلميني .. عبير !!
و لكن لا حياة لمن تنادي ، لقد فقدت"عبير"كل إتصالاتها بالواقع ، بينما حملها"خالد"بيدين مرتعشتين جراء هلعه و خوفه عليها ، و في غضون دقيقة كان قد وضعها بالمقعد الخلفي من سيارته ثم إستدار مسرعا و أخذ مكانه أمام المقود ..
إنطلق بالسيارة متوجها إلي أقرب مشفي بالمدينة ، قاد بسرعة جنونية ، إلتهم الطرق بسيارته التي حولها إلي آلة مجنونة مثله راحت تصدر صراخ ناتج عن إحتكاكها العنيف بالأرض ..
وصل أخيرا ، فترجل مسرعا ، و بعد أن حملها مرة أخري إتجه بها إلي الباب الرئيسي للمشفي ، إنجذبت إليه النظرات فور دخوله ، حيث نظر له بعض العاملين بالإستقبال في ذعر و هم يرونه يحمل بين ذراعيه جسد متراخٍ تسيل منه الدماء ، بينما هرعت نحوه إحدي الممرضات و قادته إلي حجرة الكشف ، خرج من الحجرة بعد أن وضع"عبير"بالفراش الطبي الصغير ، فيما تحطمت أعصابه و تسارعت نبضات قلبه بقوة ، فوقف أمام باب الحجرة الزجاجي و دموعه تنساب في بطء ، ثم أخذ يبتهل في نفسه و يتضرع إلي الله بأن تعود"عبير"كما كانت و سوف يصلح كل الأمور ، سوف يتغاضي عن آلمه و كرامته ، سوف يتدخل و يعمل جاهدا من أجل إعادة علاقتها الوثيقة بأخويها ، سوف يتناسي كل ما حدث و كل ما فعلته ، سوف يعود و يغمرها بحبه من جديد .. فقط تعود .. تعود كما كانت بسابق عهدها ، صغيرته المرحة ، فتاته العفوية ، و حبيبته الرقيقة ...
بعد مرور عدة ساعات قليلة ، خرج الطبيب فأسرع"خالد"إليه متسائلا و الخوف و الهلع يعصفان به:
-طمني يا دكتور .. عبير عاملة ايه ؟ بقت كويسة صح ؟؟
إبتسم الطبيب بخفة ثم أجابه مطمئنا و هو يربت علي كتفه بلطف:
-اطمن يا استاذ هي بقت بخير دلوقتي ماتقلقش.
-بجد ؟ بجد بقت كويسة ؟؟
سأله متلهفا ، فأجابه بلطف:
-و الله بقت كويسة جدا هي اه خسرت دم كتير و كانت في خطر بس لحقناها الحمدلله .. اطمن بقي مافيش داعي للقلق.
زاغ"خالد"ببصره و أومأ رأسه ثم عاد ينظر إليه متسائلا:
-طيب انا ممكن ادخل اشوفها ؟؟
-ممكن طبعا هي فاقت دلوقتي تقدر تشوفها و تقدر تمشي معاك كمان.
زفر"خالد"بإرتياح ثم شكره ، فقال الطبيب بإبتسامة بسيطة:
-لا شكر علي واجب .. و حمدلله علي سلامتها بس ابقي خلي بالك منها بعد كده انت تقربلها ايه ؟؟
-انا ابن عمها و جوزها.
-كويس اوي حاول تقرب منها و تعرف ليه حاولت تنتحر و يبقي افضل لو استشرت طبيب نفسي.
شكره"خالد"مرة أخري لإهتمامه ، ثم دلف إليها مسرعا ،و لرؤيتها إنقبض قلبه بآلم ، كانت"عبير"في حالة يرثي لها ، إلتفت حول رسغها ضمادة بيضاء ، و أنبوبة المصل متصلة بشريان بارز في ظهر يدها ، فأخذ يقترب منها بخطوات بطيئة ، و حين جلس إلي جانبها علي حافة الفراش ، فتحت عينيها الدامعتين ثم قالت بصوت مرتعش:
-انت .. انت جبتني هنا ليه ؟ ماسبتنيش اموت ليه ؟ انا خلاص بقيت في نظركوا كلكوا ميتة .. لحقتني ليه ؟ حرام عليك انا كنت عايزة اموت .. كنت عايزة ارتاح.
وضع"خالد"يده فوق يدها يواسيها ، فأغمضت"عبير"عينيها لبرهة ثم فتحتهما من جديد و قالت:
-مش مسمحاك .. انت عابز تعذبني اكتر .. لحقتني عشان تعذب فيا اكتر.
هز"خالد"رأسه نفيا ثم أمسك يدها السليمة و قبلها برقة قائلا:
-لأ .. لأ عبير انا مالحقتكيش عشان اعذبك .. انا لحقتك عشان بحبك .. انا اكتشفت انهاردة بس اني ماقدرش اعيش منغيرك .. هنسي كل حاجة .. كل اللي حصل هنساه و هبدأ معاكي من جديد .. انتي مش ميتة في نظري ده انا اللي كنت هموت لو كان حصلك اي حاجة.
هزت رأسها بمرارة ثم إنتحبت قائلة:
-انت كداب .. انت بتقول كده بس عشان ماحاولش اكرر اللي عملته تاني .. انت مابقتش تحبني و عمرك ما هتقدر تنسي اللي حصل .. انت كداب.
وضع أصابعه علي فمها يمنعها من الكلام ، ثم قال:
-عبير .. انا مش عارف اكرهك .. انا بحبك و بس .. صدقيني حاولت كتير اني اكرهك بس في كل مرة كنت بفشل .. لو ماكنتش بحبك ماكنتش قبلت اتجوزك من الاول .. و عشان بحبك هحاول انسي كل حاجة زي ما قلتلك.
أغمضت عينيها بقوة و هي غير قادرة علي تصديقه ، بينما دني صوبها ثم مسح بكفه علي شعرها بحنان قائلا:
-اوعدك اني هصلح كل حاجة .. هرجع كل اللي حاجة زي ما كانت بس اوعديني انتي انك مش هتعملي كده تاني .. مش هتحاولي تنتحري تاني.
كان صوته خافتا و حانيا ، ففتحت عينيها ببطء ، ثم نظرت ناعسة إلي عينيه الصادقتين اللتين فاضتتا بالحب لها ،و تحت تآثير لمساته و قربه منها ، إستسلمت للنوم بعد أن شعرت بالإطمئنان يلفها ... !





حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖حيث تعيش القصص. اكتشف الآن