*حتي أقتل بسمة تمردك*
الحلقة (23):
عادا إلي البيت في سرعة من دون إحداث جلبة ، و تركا للرجال الثلاث حرية التصرف مع الشابان المتسكعان ..
كان"عمر"مستند بذراعه حول كتف"ياسمين"التي قادته بمنتهي الهدوء إلي غرفته من دون أن تصدر أي صوت ينبه أحد إليهم ... فتحت"ياسمين"باب الغرفة ، و أشعلت المصابيح الصغيرة ، ثم أخذت تجر خطاها بجهد حتي وصلت إلي الفراش ، فألقت بثقل"عمر"عليه ، لتنفجر من بين شفاهه صيحة آلم:
-آااااااااااه.
-هششششش اسكت لحد يسمعك.
قالت"ياسمين"في سرعة هامسة ، فأغرق"عمر"رأسه بالوسادة قائلا بآلم:
-مش قادر غصب عني .. رجلي شدا عليا شكلها اتكسرت تاني.
دنت"ياسمين"صوب قدمه تتفحصها ، ثم قالت بهدوء:
-لا ماتكسرتش تاني ماتقلقش.
ثم قطبت حاجبيها و نظرت إليه قائلة بحنق:
-و بعدين اي حاجة وحشة بتحصلك بتكون انت السبب فيها لما بتتصرف بطيش كالعادة.
-كنتي عايزاني اتصرف ازاي ؟!!
صاح بغضب ، ثم إرترتفع بجزعه ، و إرتكز علي مرفقه قائلا و هو يزأر من بين أسنانه:
-لو ماكنتش لحقتك في الوقت المناسب كنتي هتضيعي.
-انا كنت هقدر اتصرف.
قالت مستنكرة في شيء من الإرتباك ، فضغط علي شفتيه بغضب ثم صاح:
-انتي غبية.
رفعت حاجبيها ذاهلة ، فهز رأسه بعصبية قائلا:
-ايوه غبية ماتبصليش كده .. انتي فاكرة نفسك مين يعني ؟ سبع الليل ! كنتي هتقدري علي الاتنين دول لوحدك ؟ كنتي هتقدري تفلتي من الموقف ده بلسانك و بس ؟ اصل حضرتك مش شاطرة الا في الكلام بس .. و بعدين لو ماكنتيش خرجتي من البيت في وقت متأخر زي ده ماكنش حصل اللي حصل.
رمشت"ياسمين"في دهشة جراء إنفعاله ، و كلماته الحانقة ، بينما قطب حاجبيه عابسا و سألها:
-اقدر اعرف ايه اللي خرجك من البيت في الوقت ده ؟؟
صمتت قليلا تجمع أفكارها المشتتة ، ثم أجابته بهدوء:
-طلبوني في المستشفي.
إشتعل وجهه حنقا فصر علي أسنانه قائلا:
-اللي طلبك ده ايا كان انسان عديم الاخلاق و المسؤولية عشان يطلب من واحدة زيك تنزل من بيتها في انصاص الليالي وسط اماكن و مناطق ملهاش امان.
بدت الدهشة بوضوح علي وجه"ياسمين"التي كانت تظن حتي الأن أن"عمر"ما هو إلا الشخص المشاغب و المستهتر ، لم تتخيل أبدا أنه يحمل بداخله تلك الصفات الرجولية الناضجة ، إدهشها إسلوبه الحانق بحق مما جعلها تبتسم رغما عنها ، فرفع حاجبيه ذاهلا و سألها:
-معناها ايه الابتسامة دي !!
هزت رأسها نفيا ، ثم أجابته:
-و لا حاجة .. و عموما انت معاك حق انا ماكنش لازم اخرج من البيت في الوقت ده.
هدأ قليلا إلا أنه ظل ينظر إليها عابسا ، فإبتسمت بخفة قائلة:
-انا هروح اجيب من اوضتي علبة الاسعافات عشان اطهرلك جروح وشك دي .. مش هتأخر.
و ذهبت مسرعة ، ثم عادت بعد دقيقة و هي تحمل بين يديها صندوق أبيض من المعدن .. جلست علي حافة الفراش إلي جانبه ، لم يقل شيئا و هي تبلل قطعة قماش نظيفة ، و تحضر ما يلزم لتطهير و تضميد الجروح ، بل إستوي في جلسته قليلا كي تستطيع التمكن منه ، فقالت بصوت حاولت جاهدة أن يظهر و كأنه طبيعي:
-انا بقول يبقي افضل لو قلعت قميصك يا عمر .. عايزة اشوف لو كان في كدمات في جسمك.
لم يعترض ، بل وجدته يسرع في نزع قميصه ، و يكشف عن صدره القوي و كتفيه العريضتين ، كان صدره به بعض الكدمات البسيطة أوحت أشكالها بعدم وجود كسور ، كما خف النزف من جروح وجهه ، بدأت تضمد جروحه بعناية بالغة ، و لكنها كانت تشعر طوال الوقت بأنه ينظر إلي شعرها و وجهها ، ثم سمعته يقول بعد قليل:
-انتي فعلا دكتورة شاطرة .. لمستك قوية لكن في نغس الوقت رقيقة و ناعمة.
لم تتمكن"ياسمين"من إخفاء ذلك الإرتعاش الخفيف الذي حل بجسدها عندما سمعته يقول تلك الكلمات ..
إلتقت العيون فجأة ، و إشتعلت الشرارة كالنار في الهشيم .. مد يده بجهد ، و أمسك بيدها ، ثم جذبها إليه بقوة قائلا في هدوء:
-ياسمين .. انا من يوم شفتك و انا حصلي تغير جذري في حياتي كلها .. تقريبا غيرتي كل حاجة لدرجة اني ساعات مابعرفش نفسي !!
حاولت أن تأخذ كلامه علي محمل الخفة و المزاح فقالت بإبتسامة متوترة:
-من الناحية دي انا متأكدة انت ناسي اول مرة اتقابلنا ايه اللي حصل ؟؟
قطب حاجبيه ، ثم هز رأسه بعصبية مزمجرا:
-ياسمين .. مين ايمن ده ؟؟
-انت عرفت منين الاسم ده ؟؟
سألته مستغربة ، فأجابها عابسا:
-سمعتك كذا مرة و انتي بتتكلمي معاه .. مش هو ده بردو اللي طلبك في المستشفي ؟؟
أومأت رأسها ببطء قائلة:
-اه هو .. بس انت مركز في حياتي الخاصة اوي ! ليه ؟؟
-عشان بحبك.
قالها صريحة و من دون مقدمات ، فإتسعت عيناها بشدة بفعل المفاجأة ، بينما تابع في ضيق:
-انا مش عارف ليه و ليه انتي بالذات ده غير اني عمري ما كنت مخطط اني ممكن احب اصلا بس انتي غيرتيني .. غيرتيني و الله انا بقيت بفكر بطريقة مختلفة تماما عن طريقة تفكيري اللي كبرت عليها .. بعد اللي حصل لعبير المفروض اني كنت اتعقد زي اخويا و خصوصا اني عيشت اللي هو عاشه و حسيت بنفس شعوره بس انتي دايما كنتي بتيجي علي بالي كنت بفكر فيكي اد ايه انتي كويسة .. كويسة جدا.
إزدردت ريقها بتوتر ، ثم أخيرا نطقت بصعوبة فقالت:
-عمر .. ده مش حب ...
قاطعها بضمة قوية ، حيث جذبها بقوة فجأة إلي صدره ، ثم لف ذراعه حولها قائلا:
-ماتقوليش كده .. اوعي تقولي كده تاني انا عارف انك مش عاطفية و انك دايما بتولي عقلك في التفكير و القرارات بس صدقيني و رحمة ابويا و الله انا بحبك بجد .. ياسمين بلاش تبقي قاسية المرة دي .. صدقيني بس انا مش بكدب عليكي و الله.
تملصت من قبضته قائلة:
-سيبني يا عمر.
-مش عايزة بردو تصدقيني.
قال ذلك ثم شدد قبضته عليها أكثر ، فإنفعلت قائلة:
-قلتلك سيبني يا عمر.
-ياسمين ماتخافيش انا عمري ما هآذيكي.
لم تجد أمامها ما تفعله سوي أن تضغط بيدها علي قدمه التي تؤلمه بكل قواها ، فأطلق صيحة آلم خافتة:
-آاااه.
ثم أرخي قبضته عنها ، فإنسلت من بين ذراعيه مسرعة .. :
-ياسمين.
هتف متألما ، فيما مشت بإتجاه باب الغرفة بخطي مضطربة ، ثم قالت قبل أن تخرج:
-هبقي افوت اشوفك الصبح قبل ما اروح المستشفي.
ثم أغلقت باب الفرفة ، و هرولت مسرعة إلي غرفتها ، دلفت و أغلقت الباب من خلفها بيدين مرتعشتين ، ثم إستندت عليه بظهرها و هي تحاول السيطرة علي إنفاسها المتلاحقة .. تساءلت في نفسها .. ماذا حدث فجأة ؟ .. هل كانت معاملة"عمر"الطيبة لها سببها أنه يكن لها بعض المشاعر ؟ هل هو حقا مغرم بها كما قال و أقسم ؟ و لكنها ليست فتاة عاطفية كما وصفها ، و لكنها أيضا لا تستطيع إنكار شعور الغبطة و السرور الذي طغي عليها في الدقائق السابقة .. ماذا سيحدث فيما بعد ؟؟ ... لا تعلم ... !
أنت تقرأ
حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖
Romance-متمردة؟! -نعم متمردة .. كحلم ضاع من بين أجفانك .. كقبلة تاهت من بين شفاهك .. ككل شيء أردته فتمرد عليك. -و لكني دائما أحصل علي ما أريد .. مثالا .. أنت. -لم تحصل علي .. ألم أقل لك أنني متمردة ؟.. متمردة بكبريائي الذي حطم رغبات العشاق .. متمردة بدلالي...