8- أقزام المدينة

1.4K 137 28
                                    

كان ذهب الأصيل منعكسا على مباني العاصمة كوارتز ليبدو الزجاج ذهبا،
خفت حركة الناس و السيارات في الطريق و بدأت أضواء النيون بالعمل لإحياء ظلام الليل المقبل،
في زقاق طرفي ضيق كان ثمة ثلاث كائنات صغيرة قابعة قرب حاوية نفايات،
بهيئات بشرية ضئيلة، ملابس خضراء رثة ووجوه متسخة،
اتكأ القزم البدين على الحائط ليزفر بإرهاق و يتمتم بسخط:
" داين، إلى أين سنذهب الآن؟ لقد ضللنا الطريق..
ما كان علينا أن نستمع لأفكارك عن المغامرة خارج القرية و العمل في المدينة أبدا"

أخفض داين رأسه ليضيف البدين مخاطبا الأطول قامة:
" ايتري، إلى أين سنذهب الآن؟ أنت أكبرنا و ستقرر،
لقد سئمت من مجاراة تهور داين و أنا الآن جائع جدا و لن آكل من القمامة"

تنهد إيتري ليقول بعد تفكير:
" لنذهب لمكان هاديء لنمكث فيه، اقترب حلول الظلام و آخر ما نود مواجهته هو كلب مشرد"

نهض الثلاثة ليسيروا بهدوء عبر الطريق إلى أن وصلوا لنهاية الزقاق،
كانت أقدام الناس تحجب عنهم الجهة المقابلة من الطريق،
توقف الإخوة لمراقبة فرصة لعبور الطريق بهدوء،
شعر داين بيد تلمس رأسه و تملس شعره البندقي القصير فأغمض عينيه باستمتاع ليهمس:
" ايتري، يدك ناعمة كالوردة"

فتح داين عينيه ليشاهد أخويه يتقدمانه و يحدقان نحوه برعب،
التفت داين ببطء للخلف ليشاهد يد القطة البرتقالية الكبيرة فوق رأسه،
صرخ داين ليركض بين أقدام الناس و السيارات يتبعه أخواه و القطة،
وصل الأقزام لسور خشبي ليلاحظوا فتحة صغيرة في نهايته،
اسرع داين للمرور عبرها يتبعه شقيقاه و القطة،
اندفعت القطة للعبور ليضربها البدين بروك بيديه على وجهها بقوة،
فتراجعت للخلف لتركض مبتعدة.

اقترب بروك و إيتري من داين الجاثي على الأرض ليتلمسا رأسه و يسأله ايتري:
" هل آذتك مخالبها؟"

و يمسكه بروك بقوة ليصيح:
" لماذا أنت جبان هكذا؟ كل هذا لمجرد قطة؟"

استجمع داين أنفاسه ليجيب:
" كان ذلك رائعا!"

نهض ايتري ليتمتم:
" لا فائدة منه"

لاحظ الثلاثة للمكان الذي دخلوا سياجه،
كانت اللوحة المضيئة تحمل عنوان:
'متجر آندروس لصنع الأحذية'

بيد أن المحل كان صغيرا، الواجهات الزجاجية كانت فارغة من الأحذية المعروضة و من الواضح أن لا أحد يزوره كثيرا،
اقترب الأقزام ليتسلقوا الحائط بخفة و يلتصقوا بالزجاج،
كان ثمة رجل عجوز أشيب يعمل بجد على خياطة حذاء أسود،
كانت نظارته عتيقة و مستديرة،
بالرغم من انهماكه على العمل كان التعب باديا على محياه، و جلود أحذية كثيرة متراكمة بانتظار عملها.

فتح باب الغرفة المجاورة لتخرج سيدة عجوز تحمل صحنا يحوي بعض الحساء الساخن،
وضعته أمام الرجل العجوز لتضيف:
" عزيزي، لا ترهق نفسك بالعمل هكذا"

غابة إيلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن