17- التبر في الأفق

1.3K 138 233
                                    

لا نقول الوداع؛ لأن الوداع كلمة ضياع، مثل سفينة بلا شراع،
بل نقول إلى اللقاء، إلى أن نلتقي في يوم آخر.

في تلك اللحظات، امتزجت مشاعرها بين الحزن و الحبور، سعيدة بإيصال ضيوفها الأعزاء لمنزلهم سالمين، حزينة على فراق حتمي و معرفة بأنها قد لا تراهم مجددا.
كان كارتر يراقب الطريق بشرود عبر النافذة،
بينما صغاره يستمتعون بتناول الشطائر و هم يتسامرون فيما بينهم، و القط الأسود يجلس قرب لينيريا مستمعا لهم باهتمام،
وصلت السيارة لمشارف مدينة آركس، لتطل لينيريا عبر نافذة السيارة و تهتف:
" عدنا لحينا!"

اقترب سوير و سارة ليتأملا الطرق و المنازل بحنين و سعادة،
لينظر كارتر عبر النافذة المقابلة و يتأمل الطريق بشرود، تلك المنازل و الأشجار، و الوجوه بدت مألوفة له، بطريقة ما شعر و كأنه كان هنا في وقت ما، لتتراىء له صور له و هو يجلس في ذلك المرج الأخضر، ممسكا بيد شابة شقراء مبتسمة،
هز راي رأسه لتختفي الصورة و يفكر فيم سيفعله.

توقفت السيارة الحمراء في شارع الياسمين، ليخرج الصغار حاملين حقائبهم معهم و يقفز القط لتحمله لينيريا بين ذراعيها،
نزل كارتر كذلك لتنزل إيلين و تخاطبهم بابتسامة:
" إنه وقت الفراق يا أعزائي، إلى اللقاء.
من الأفضل أن تذهبوا للمنزل بمفردكم"

صرخ الصغار ليتمسكوا بفستانها الزهري و يخاطبها سوير:
" لا تتركينا يا إيلين! فلتعيشي معنا!"

" جدتي و أمي ستحبانك كثيرا! مدينتنا جميلة أيضا!"
أضافت سارة لتردف لينيريا:
" لدينا غرفتان خاليتان، يمكنك أخذ واحدة"

ابتسمت إيلين لتربت على رؤسهم و تجيب:
" كم كنت أتمنى ذلك، لكنني لا أستطيع.
والدتكم طيبة، و جدتكم كذلك، و منزلكم جميل،
لكنني لا أستطيع ترك منزلي أيضا، و أصدقائي و من أقوم بحمايتهم هناك، و شجراتي و زهراتي،
و السيد أصفر و ألفين و إيلدون و كالان، إنهم عائلتي و لا أستطيع تركهم"

أومأ الصغار بحزن لتدس إيلين كيسا صغيرا أحمر اللون حريريا بين كفي سوير و تهمس:
" عشرون ألف قطعة ذهبية، ستجدها هنا"

ابتسم سوير بسعادة ليشكرها لتقترب لينيريا متسائلة بحزن:
" إيلين، ألن نراك مجددا؟"

أشارت إيلين للسماء لتجيب:
" عندما يحل المساء، و تشاهدون شهابا ذهبيا يسقط من السماء، فاعلموا بأنني أرسل تحياتي لكم"

ثم أضافت:
" عندما تكبرون، و تصيرون أقوياء كفاية لكي لا تقلقوا والدتكم عليكم، سأكون في انتظاركم"

أومأت لينيريا بابتسامة لتقترب إيلين من راي و تخاطبه:
" هيا أمض، سيد كارتر، أتمنى لك التوفيق.
هذه السيارة الحمراء لك"

اتسعت عينا راي دهشة لتلوح إيلين للجميع ثم تسير مبتعدة،
ليهتف راي:
" انتظري! لماذا تعطينني السيارة؟"

غابة إيلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن