6- الغول

1.3K 137 77
                                    

لم تكن آنا من نوعية الأمهات اللائي يخفن أطفالهن بالغيلان ليخلدوا للنوم بسرعة، بل كانت تقص جدتهم عليهم حكايات جميلة عن الجنيات و القصص الخيالية من مختلف أنحاء العالم،
رغم ذلك ترى سارة الغيلان في الكوابيس، و لم تعتقد يوما أن حظها العاثر سيوقعها في مواجهة خوفها الأعظم.

كان الجو رطبا و غائما، بينما استمر الصغار في التقدم ازداد أرتفاع الأرض و كثافة الأشجار ليعانوا بينما يسيرون ببطء ليتجنبوا التعرض للخدوش من الأفرع الشائكة،
بدأت سارة بهرش نفسها لتنفض النمل الأحمر عن ملابسها بعنف و غضب بينما لينيريا تحاول إبعاد غضن علق بفستانها.

نظر سوير للأمام بوجه مرهق ليلاحظ خيطا رفيعا من الدخان يتصاعد في الجو كحبل رفيع متمايل،
أشار بسبابته ليقول:
" هناك، لا بد أنها نار مخيم!"

دققت سارة عينيها لتسأله باستنكار:
" و من سيخيم في منتصف الغابة؟!"

رفع سوير كتفيه ليحمل لينيريا على ظهره و يقول بحماس:
" لنرى، بما أن طعامنا قد نفذ قد سياعدوننا"

زقزقت عصافير معدة سارة لتوميء و تسير صاعدة التلة الطينية لتلحق بسوير الذي ارتفعت همته،
مع تقدمهم في السير بدأت الأرض في الإنخفاض لينزلوا من المنحدر و يقابلوا السهل الصغير ذا العشب الناعم،
كانت ثمة بعض الفحم المنطفيء مكوم قرب شجرة يابسة، اقترب الصغار ليشاهدوا قطعة خشب واحدة تخينة ما زالت تحترق و ترسم خيط الدخان في الهواء،
انتبهت سارة لتشير بعدم تصديق لقطعة اللحم الكبيرة المشوية الموضوعة قرب بعض الحجارة بحرص،
ليتلفت سوير في الأرجاء، لا يوجد أثر لأي شخص أو مخيم.

نزلت لينيريا على الأرض ليشد سوير كتفيه بألم و يقول:
" لا أحد... من ترك هذا اللحم إذا؟"

ابتسمت سارة بينما جلست على الأرض و شمرت عن كمي القميص قائلة:
" سهلة، صياد شوى بعض اللحم بعد اصطياده و ذهب لمكان ما، هيا لنأكل القليل فقط"

جلس سوير و لينيريا على العشب كذلك قرب قطعة اللحم التي كانت بحجم الطبق الكبير لتسأل لينيريا:
" هذا لحم ماذا؟"

"حتى لو كان لحم بشري لن أهتم"
أجابت سارة بينما بدأت بمضغ قطعة كبيرة لتضع لينيريا يديها الصغيرتين على فمها بصدمة،
هز سوير رأسه ليربت على رأس لينيريا و يجيبها:
" إنها تمزح، هذا لحم خروف"

اومأت لينيريا مبتسمة ليقطع لها قطعة صغيرة و تبدأ بتناولها، تناول سوير قطعة ليتذوقها و يتمنى أن يكون لحم خروف.
كان طعم اللحم لذيذا جدا، مع أطراف زائدة الطبخ قاسية و عصارة لذيذة في الداخل، مع رائحة مدخنة لبعض الأعشاب،
لا بد أن من طبخها طباخ ماهر، هكذا فكر سوير.

بعد عشر دقائق كان الصغار قد أنهوا القطعة كلها،
لتتكيء سارة على شجرة و تقول بخمول:
" هذا ألذ لحم تناولته في حياتي!"

غابة إيلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن