1- رذاذ مضيء

7.3K 277 145
                                    

الأمنيات مجانية، الأمنيات للجميع، نحن سواسية و أحرار في أمانينا، رغباتنا و أحلامنا.
الأمنيات لا حدود لها، عندما تتمسك بحلمك، و تتحلى بالإيمان، فإن قوة عجيبة تساعدك لتحقيق أمنيتك مهما كانت مستحيلة.

لطالما آمن سوير بذلكَ، فقد تشرّب مبادئه و اعتقاداته منذ المهد على يدي والدته و جدته، حيث نشأ في منزل يحترم الحريات، الإعتقادات و المباديء مهما اختلفت،
فقد سافرت خالته إليسا إلى العاصمة قبل عام و نيِّـف، بعد ستة أعوام في دراسة الطب، تفوقت على زملائها الذكور في مهنة تعتبر للرجال فقط في ذلك الجزء من المملكة، و من ثم سنحت لها الفرصة للسفر إلى العاصمة كوارتز آن ذاك مع مخطوبها فرانز، أو بالأحرى زوجها الآن و أب طفلتها الجميلة ذات العدة أشهر،
في ذلك الوقت انتشرت الإنتقادات من كل حدب و صوب لأختها الكبرى آنا،
كونها ستسمح لأختها الصغرى بالسفر بعيداً عنها في العاصمة و العيش هناك،
إلا أن ردها كان مخرساً لهن حين اخبرتهن ألّا يتدخلن في شؤون أسرتها، لأنها ادرى بمصلحتهم، و أن اسم ضاحيتهم سيصير معروفاً بسبب شقيقتها، لذا عليهم الفخر بها بدلاً من حسدها.

منذ ذلك اليوم و البعض يتهمها باللؤم، بينما يراها آخرون نموذجًا يحتذى به للعقلية المتفتحة المتفهمة.

في نهار ذلك اليوم، مر سوير بدراجته الهوائية على جادّة الياسمين، كانت اسمًا على مسمى لإنتشار أزهار الياسمين في الشوارع و في حدائق المنازل، إنه يحب سلوك ذلك الطريق منذ أمد؛
فمزيج رائحة الياسمين، مع نسائم الصيف اللطيفة و رائحة الخبز الدافيء الناضج تمنحه شعورًا رائعًا بالنعيم، تتجدد طاقته و يشعر بأنه أفضل، يبتسم و يسرع بالدراجة مكملًا طريقه،
ينعطف شمالًا و من ثم يوقف دراجته أمام المخبز.

ترجل و دلفَ إلى الداخل ليقابله الخبّاز ببشاشة و يبادر:
- سوير! كيف حالك يا بني؟ و كيف حال والدتك و أختك؟  و جدتك؟

- جميعهن بخير، و أنا أيضًا، شكرًا لك عم آنطون.

أجاب سوير بإبتسامة و مد كيسًا صغيرا من المال، تناوله الخبّاز ليدخله في الخزانة و يغيب لدقائق في الداخل، ليعود و في حوزته كيس كبير يحوي خمسة عبوّات من الدقيق، و كيس بني ورقي صغير تنبعث منه رائحة الكعك و الدونات،
ابتهج سوير و حملهما قائلًا :
- أنا أحبك عم آنطون!

- و أنا كذلك!
لوح له الرجل العجوز و هو يرقبه يقود دراجته مبتعدًا.

- سوير!
توقف الصغير عند سماع اسمه قرب ترعة المياه ليجد مجموعة من الأطفال الصغار،
اقتربت  فتاة صغيرة ذات خمسة أعوام، شعرها الذهبي القصير كان يلمع مع الشمس،
فقال:
- لينيريا أيتها الشقيّة! أخبرتك الا تبتعدي عن المنزل!

زمت لينيريا شفتيها و هي على وشك البكاء،
فحملها سوير من الأرض ليجلسها أمامه في الدراجة و ينطلق بسرعة.
بعد عدة دقائق لاح المنزل من بعيد، من طابق واحد مع سقف مغطى بالقرميد البني، و دهان أبيض للجدران، كانت تحيط به حديقة مليئة بأنواع الزهور المختلفة، قامت آنا بزراعتها بمساعدة والدتها و زوجها قبل سنوات.

غابة إيلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن