13- السهم الفضي

1.2K 128 26
                                    

هبت النسائم العليلة لتتراقص وريقات الأشجار بخفة و تتمايل الأغصان،
كان حفيف الشجر هو الصوت الوحيد في دائرة الصمت، و لكأنه موسيقى خالدة تتردد في جنبات الغابة منذ دهور،
تحت تلك الشجرة، جلس وحيدا ليستمع لألحان الغابة بشجن و يواري دموعه عن رفاقه،
ليبث همه للأشجار العالية و يتشارك دموعه مع أعشاب الأرض.

مسندا ظهره للجذع السميك قرب ركبتيه لصدره ليتنهد و ينظر للسماء بعينين ترابيتين قاتمتين تفيضان حزنا،
أخفض بصره ليحدق بالحجر الأملس المغروز على الأرض ليهمس:
" أ تذكرين؟ ذلك القماش الأزرق السحري الذي كنت تحبينه كثيرا،
عندما جئنا للغابة و صرت نائب إيلين؟
لقد سعدنا بذلك كثيرا و أردت تصميم ملابس لي لتانسب منصبي كما قلت،
ذلك القميص ذو الأكمام المطرزة بالأسود، و البنطال الأزرق و الحزام الجلدي الأسود؟
هذه الملابس الجميلة ما زلت أرتديها، و سأظل للأبد"

تنهد لينهض و يسير ليجثو قرب الحجر ثم يخفض رأسه،
ليتلمس الحجر ببطء و تنزل دموعه،
اقتربت جنية من جنيات أزهار الأوركيد بفستانها القرمزي و شعرها الأسود كذيل حصان من خلف الشجرة لتراقبه بحزن و تحلق بخفة لتهبط على رأسه،
تنهدت لتضع يديها الصغيرتين على شعره الأسود القصير و تخاطبه:
" سيد كالان... هكذا ستهلك نفسك.
نحن بحاجة لك، جميعنا نحبك، لا تقتل نفسك بالحزن"

ابتسم كالان بذبول ليضع يسراه على صدره و يخاطبها:
" و كيف لي ألا أحزن لفقد سيرينا؟ كيف لهذا القلب ألا يتألم؟"

" لا تؤذ قلبك، هي بالتأكيد لن تكون مرتاحة و هي تراك تعذب نفسك هكذا كل يوم، مع استمرارك في هذا ستكون تتجه لحتفك.
كثيرون من الإلف يموتون بسبب الحزن، هل تتخلى عن حياتك بهذه السهولة؟ ابنك يحتاجك أيضا"

رفع كالان رأسه لتطير الجنية و تقف على كتفه ليخاطبها:
" أنا لا أخاف الموت، ما هو مقدر سيأتي"

ثم تنهد ليضيف:
" لو كان بيدي بالتأكيد سأرغب أن أكون معها،
لكن لدي الكثير من الأمور على عاتقي الآن، إيلين تثق بي و لن أخذلها، لا تقلقي أوركيدة"

ابتسمت الجنية الصغيرة لتتنهد براحة و تطير بعيدا عن كتفه،
لينهض كالان و ينفض ملابسه،
ثم ينحنى للحجر الأملس بتقدير و يسير مبتعدا تتبعه أوركيدة محلقة في الهواء.

أصغت أوركيدة سمعها لتطير قربه بسرعة و تقول:
" يوجد عفريت في الجهة ج.ج.غ "

رفع كالان حاجبيه عجبا ليسألها:
" عفريت؟!"

رفعت أوركيدة كتفيها لتجيبه:
" قالت شموس بأنه يأكل الحيوانات و الغزلان،
و قام بإحراق بعض الأشجار"

هز كالان رأسه ليخاطبها:
" فالتخبري آريون، سأحاول التخلص منه ريثما يأتي"

فرقع الجني أصابعه ليختفي فجأة و تطير الجنية الصغيرة بسرعة نحو الجهة الأخرى.
طارت أوركيدة بسرعة لتتحدث بما جرى عندما هب النسيم،
أصغت جميع الجنيات الصغيرة أسماعها لتعلو أصوات ثرثرتها و تصل لأرجاء الغابة الفسيحة.
أصغت تفاحة للهمسات الصغيرة لتلتفت لآريون و تخاطبه:
" كالان يحتاجك في جهة الجنوب الجنوب الغربي،
اذهب له بسرعة"

غابة إيلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن