الفصل الثلاثون والأخير:
بتاريخ28/07 كانت فاطمة متواجدة بمحطة القطار، ترتدي عباية سوداء زادتها اناقة فهي اصبحت ترتدي الأسود حدادا على روحها التي فقدتها في يوم من الأيام، ذلك اليوم احست إحساسا غريبا...احست ان شيئا ما سيحدث...اصبحت نبضاتها متسارعة خيل إليها ان الكل يسمعها...اصبحت تلتفت يمنة ويسرا...تبحث عنه نعم لقد اصبحت تبحث عنه...تنجذب إلى ان تبحث ...إنه آخر شخص توقعت ان تراه....ست سنوات مرت على آخر وداع بينهما....ست سنوات لم تراه....او حتى تعرف عنه شيئا....عادت بها الذكرى إلى كل تلك السنوات ....تذكرت والدموع تسيل من عيونها كل تلك اللحظات.....عادت بها الذكرى إلى ذلك اليوم الممطر......نعم ذلك اليوم....ذلك اللقاء الأول كله حب...وفاء...حياء...إشتياق....لهفة....وغباء...اول لقاء جمع بينهما قبل تسع سنوات....وهاهي اليوم في نفس المكان....لكن هذه المرة يختلف اللقاء...إلتفت لقد رأته ورآها....تسمر كل منهما في مكانه....ما أصعب ذلك اللقاء حين يكون غير مرغوب فيه....إلتقته صدفة دون اي ميعاد وما اصعب الصدف بعد غياب...يقولون ان اجمل الأمور تلك تأتيك صدفة...لكن هذه المرة لا ليست جميلة....إنها موجعة....موجعة....موجعة.....ليتنا نستطيع ان نغلق أبواب قلوبنا في وجه الصدف.....في وجه كل عابر يريد الرجوع ....في وجه ذلك الذي كان حبيبا واصبح اليوم غريبا بإرادته لا إرادتنا.....إلتفت أرادت الذهاب في حال سبيلها....شيء ما منعها....نعم ...إنه يناديها "فاطمة"...لم تقدر على الإلتفات إرتجفت رجلاه ولم يقويا على حملها على الذهاب....أرادت الركض بعيدا عنه ...إلا انه أمسك يدها .....إلتفت نحوه مرتبكة .....حائرة...بادرها بالسلام....لقد تغيرت ملامحه كثيرا....صار يكبر سنه بكثير.....ظهرت عليه تجاعيد الزمن....لقد عاد ذلك الغريب......عاد أحمد .....عاد احمد قبيل زفافها بيومين.....سألها عن أحوالها...عزمها على فنجان قهوة. ....فطبعا طعم قهوة الحب احلى من عسل حتى لو لم يكن فيها سكر اما الثانية ......فمذاقها مر....إحتساء فنجان قهوة ...في لقاء جمع بين من كان حبيبين.....ما أشد مرارتها في لقاء بعد ان اصبح غريبين..... قهوة مرة مرارت الحنظل .....فهذا هو أول لقاء بعد خيانته وخذلانه لها.....لقد تجرعت كل المرارة في تلك القهوة....لم تستطع الذهاب دون معرفة سبب خيانتها لعل هذا يساعدها في المضي قدما...تبادلا اطراف الحديث...قال لها انه لم ينساها.....لقد تذكرها في كل تلك السنوات....لم يمحي تفاصيل حياتها من ذاكرته.....لم يستطع النسيان ...سألته لماذا خذلتني؟؟؟؟ اخبرها بكل ماجرى وعن مكالماته وعن خطط مريم وعن الصور وكيف إستطاعت ان تفرق بينهما وفعلا نجحت وفرقت بينهما.....فرق بينهما ألاشيء ....اخبرها انه عندما عرف الحقيقة طلق مريم....وبحث عنها في كل مكان ....كما اخبرها ان مريم فشلت في حياتها ....وانها عاقم.....قالت له لم يعد كل هذا يهمني لذا امحيني من ذاكرتك وإنساني كما نسيتك انا.....قال لها عندما تألمت طرقت جميع ابواب النسيان....بكيت ولم انسى....ضحكت ولم انسى.....نمت كي انسى....تحدثت بصوت مرتفع وصمت ولم انسى....خنتكي مع كل بائعة هوى ولم انساكي وهو أسوأ انواع المحاولات لأنه بداية الألم وليس نهايته.....قالت له شيء واحد حاول ان لا ترتكبه في حياتك قبل ان تحاول النسيان إشبع بمن كنت تحب حتى لا تحمله معك في عزلتك جثة تنغص عليك حياتك....قال لها لقد فقدت ألوان حياتي عند فقدانكي.....اجابته وانا كسبت ألوان حياتي عند نسيانك....لقد اصبحت اكثر صرامة الخذلان جمد قلبها من ناحيته....شاق هو فراق الأحبة الأبدي لم نستطع العيش ولا نسيانهم....مشكلتنا معهم ليست النسيان بل مشكلتنا كثرة ذكرياتنا معهم.....سألته مستغربة :لماذا لم تكلف نفسك عن تسألني عن حقيقة الأمر؟ ؟؟ لم تكلف نفسك ان تبحث عن الحقيقة؟؟؟؟
اجابها:لقد اعماني الغضب. .وكل الأدلة تشير إلى انكي مذنبة....
قالت له:وكل الأدلة تشير إلى عدم تمسكك بحبل العلاقة...كل الأدلة كانت تشير إلى ان علاقتك بي كانت مبينة على فراغ فقط...
طلب منها الصفح والغفران...
قالت له :قول لي ألم تجرب ألم الخذلان؟؟؟؟؟ خدلان حبيب؟؟؟؟؟
سكت ولم يعرف بماذا يجيب...
قالت له الخذلان من أصعب الأحاسيس التي تمر بنا في بعض المواقف. ..فمن وهبناهم قلوبنا...أرواحنا. ..ماذا قدموا لنا؟؟؟؟ سوى الغدر...الخيانة...إنكسرت قلوبنا وضعفت اجسادنا...فلم نتوقع منهم كل هذا الخذلان.......الخذلان يكون صعب حينما يأتينا من من ظننا معهم ان الحياة ستكون افضل...ستكون جنة....فليتهم وقفوا ضدنا ولم يطعنوننا في ظهورنا بخناجر غدرهم المسمومة.....فقمة الخذلان حينما صنت عهدك وودك واكرر ذلك لنفسي وفجأة يضيع كل شيء في لحظة......الخذلان مؤلم حينما يشبعنا حد الوجع حد الإنتهاء من كل شيء. ..فكل مرة أسمعها فيها صوتك يدوي بداخلي....قل لي بماذا أحسست عندمت أعطيتك قلبي وكسرته؟؟؟....حينما إلتفت وانا واثقة أنني أقف جنب حامي لكن للأسف طعنتني حينما وثقت بك.....أحببتك. ...صدقتك...وصدقت معك....بنيت معك أحلاما...وعدتك....عندما جعلتك فوق كل شيء. ..حلقت بك بعيدا وعاليا فخذلتني..
لم يستطع الجواب قال لها إعذريني وإلتمسي لي الصفح...
قالت له:وهل انت عذرتني يوم ودعت؟؟؟
قال لها:لازلت احبكي...اعشقكي..
خيل إليها انها ستضعف أمامه...ستضعف أمام حبه....أغمضت عينيها ورأت ذلك الشخص نعم...رأته واقفا بجانبها. ..يبتسم ....قال لها هنا مفترق الطرق....وانتي من سيختار.....رأته ذات ليلة ينتشلها من الظلام. ...يبث فيها أمل الحياة. ...وضعت يدها على كتفه تسأله من هو....إستدار نحوها ...وجهه عربي ليس بالغريب....إنه هو نعم إنه وليد.....حينها فتحت عينيها وهي تبتسم فلقد عرفت الطريق فقالت له : احمد الحب ينتهي بإرادتنا،.....لا الموت ينهيه...ولا الغياب....ولا الوجع...ولا الآلام ولا السنين....ولا حتى أرذل العمر..واليوم سينتهي حبك...اليوم سينسى حبك...
ودعته...ودعت ماض كله ألم....قالت له :هنا كان اللقاء وهنا سيكون الفراق...هنا إبتدأت حكايتي معك...وهنا ستنتهي علاقتي بك وبماضيك....هناك (وهي تشير إلى شخص بعيد يلتفت يمينا ويسرا كأنه يبحث عن احد) ستبدأ حكايتي من جديد....ودعته وعزمته على حفل زفافها. ...ذهبت لتتركه يعيش مع ذلك الألم..
أنت تقرأ
احببته فخذلني
Romanceحينما يعجز اللسان عن البوح ...عندما لا ننطق بما يحزننا....عندما نكبت آلامنا....نخفي دموعنا.....نبقى اسيري احزاننا...ويبقى القلب مغلقا في وجه المارة.....عندما نخفي كل هذا ...هنا فقط ينطق قلمنا ليكتب كل ما يجول بداخلنا في عدة اوراق ....ربما نستريح بعد...