8

2.3K 131 84
                                    


وجد سيزار نفسه مجبرا على التعريف عن نفسه للقس ذي الوجه البشوش الذي عرف عن نفسه بالأب سيباستيان مسير الكنيسة، مدركا للجسد الصغير الذي التصق به مسلطا عليه نظرة عامرة بالكره و حاول بجهد أن يلجم رغبته بهزه و رميه بعيدا عنه بأمتار، فهو لم يكن يوما محبا للأطفال، لطالما اعتبرهم مخلوقات صغيرة متطلبة وجدت للتشويش، إنه يدرك جيدا أن واجبه نحو الاسم العائلي يتضمن أن يوفر وريثا من صلبه يضمن استمرار السلالة و هذا سيكون دافعه الوحيد للزواج، زواج مريح، مربح كأي ترتيب من ترتيبات دنيا الأعمال.

- إذا سيرا تعمل مدبرة لبيتك؟.

اقتلعه سؤال الأب من أفكاره و حطت نظرته على خادمته التي يبدو أخيرا أنها لاحظته و لا تظهر عليها السعادة لذلك و هي ترفع حاجبا مشككا، قبل أن تبدأ بالسير نحوهم، و شعر برغبة مفاجئة بالالتفاف و المغادرة، و بدل ذلك ثبت رجليه بالأرض و هو يبتسم للأب مجيبا بنعم مقتضبة.

ارتخى وجه الأب بحنو قائلا: أرجو أنها لا تتسبب بأي مشاكل؟.

- أنا لا أفعل ذلك.

جاء الجواب بنبرة متحدية، و سيرا تعيد الخصلات المتمردة لخلف أذنها شاعرة بطعم مر للخيانة يجري على لسانها و ألقت بنظرة متهمة للأب الذي ابتسم بفهم لما يدور بخلدها مواصلا: إنها قادرة على تكون مزعجة جدا.

جعل الاقرار الأخير سيزار يبتسم بسخرية لم يحاول اخفاءها، فيما طأطأت سيرا رأسها محدقة بأصابع قدميها و هي تشعر بنفسها تحمر حتى منابت شعرها، إنها ليست مزعجة و لكنه مثير للأعصاب بشكل احترافي، لو كان الغرور يباع فهي واثقة أنه  سيحصل على عشرة أضعاف ثروته الحالية من بيع ربع ما يمتلكه من الاعتداد بالنفس، إنه يعتبر نفسه الوحيد الذي يملك قدمين فيما بقية الناس مجرد ديدان تزحف بجانبه.

لم تدرك أنها نطقت جملتها بصوت مسموع إلا لما أحست بذبذات غاضبة تخترقها فرفعت رأسها لتلاقي السواد الذي خيم على وجه مخدومها و شعرت بالامتنان لوجود الأب بجانبها الذي بدا غافلا عن التوتر الذي رعد بالجو، نعم لقد تخطت كل الحدود هذه المرة و دون وعي اقتربت أكثر من القس و كأنها تريد الاختباء وراء ظهره، الآن تفهم كيف أصبح ثريا لابد ألا أحد يرغب بمنافسته إنه مرعب حين يود ذلك، كادت تقفز مبتعدة عندما أطلق القس ضحكة خافتة: رغم كل شيء سيظل لسانك على حاله.

- أنا أحبها هكذا.

حضنت يد يدها، فتطلعت بجونيور الذي يرمقها بنظرات حانية فانقبض قلبها بصدرها، لقد تألم هذا الطفل كثيرا و هو يرى والده يطعن أمه ليرديها قتيلة أمام ناظريه، عانى بعدها الكثير من الويلات و قد استلزمهم الكثير من الوقت قبل أن يبدأ بالتعافي، حضنته معتصرة جسده شاكرة له لمنحه إياها فرصة الهروب من النظرات السوداء التي تغتالها  متمتة عند أذنه: و أنا أحبك كذلك.

حب على أضرحة الماضي ❤ _مكتملة_حيث تعيش القصص. اكتشف الآن