الحلقة الأولى

13.6K 343 22
                                    

الحلقة الأولى

"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى(12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى(13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى(15) "

كانت تلك آيات من الذكر الحكيم من سورة "طه" بصوت الشيخ الجليل "محمد صديق المنشاوي"، المنبثق من موجة إذاعة القرآن الكريم عبر راديو ما في الصباح الباكر من إحدى الحارات الشعبية بأطراف قاهرة المعز ..
تزامنًا مع انتشار المارة في الشوارع الرئيسية والأزقة لقضاء حوائجهم والسعي في طلب الرزق منذ السويعات الأولى للصباح ..
مصاحبًا معهما ارتفاع أصوات البائعين المتجولين أثناء تبادل الحوار مع قاطنيها باحترافية تامة لإقناعهم باقتناء بضائعهم المتنوعة..

على بعد من هذا ليس بالمديد، وتحديدًا أسفل بناية مكونه من طابقين، يحتل موقعها واجهة المكان بل وتفرض سيطرتها عليه من متانة قوامها رغم عمرها المتوسط، كان يسطوا على مدخلها عربة لنقل الأمتعة ومستلزمات الحياة، حتى يتيسر لعمال التحميل نقل ما بداخلها دون تكلف العناء ..
يصاحبهم توجيهات مضطربة متتالية دون مل من أحد الشباب الثلاثيني المجاور لهم ببنيتهُ الجسدية القوية إلى حدٍ ما دون إفراط، قمحي البشرة تميل إلى لون بشرة قاطنين الجنوب، تحتل العوينات الطبية بعدستيها الرقيقة واجهته الرجولية الصارمة، لتوحي هيئتهُ الخارجية على بهاء مركزه الاجتماعي والعلمي ..

والذي صاح فزعًا عند تمايل أحد العمال امامه بمحتوى طبي باهظ الثمن:
- ارجوكم براحة يا جماعة دي معدات طبية حساسة وغالية جدا .. لو لقدر الله أتكسرت متنفعش تتصلح وهكون خسرت فيها كتير ..

في التو جاءهُ رد أحد العمال باطمئنان حين أسرع بمساندة رفيقه المنوه بالحوار :
- متخفش يا سي الضكتور دا أحنا نفديهم برقبينا لو لازم الأمر ..
ثم بنظرة عاتبة وجهها لرفيقه محذرا :
- ما تخلي بالك يا ناجي أحنا ارزاقية بناكل من قوت يومنا و مش حمل خسارة زي دي نشيلها و لا نشيلها لغيرنا ..

ليأتيه رد العامل المقصود بندم :
- من عينيا يا ريس منصور ربنا ما يجيب خسارة لينا و لا لسي الضكتور أبدًا ..

في حين ذلك تجاهل راجح طريقة نطقهما للقبه العلمي (ضكتور) في ظل انشغاله الذهني بتتبع مسار رفقائهما الآخرين و الحاملين بمعداته الطبية الهامة و اللازمة لعيادته الطبية، و بعض مستلزمات العيش الهامة لرجل أعزب قادم من رأس مسقطه أحد محافظات الصعيد للعيش بين جنبات العاصمة .. و ذلك بغرض التوسع في العلم و المعرفة لتأسيس أولى خطواته على سلم التقدم ..

يا أنا يا خالتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن